تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لقوله تعالى: (قل لا أجد فيما أوحي إلىَّ محرماً على طاعم يطعمه إلا أن يكون ميتة أو دماً مسفوحاً أو لحم خنزير فإنه رجس أو فسقاً أهل لغير الله به) الأنعام145.

وإن تغير لحم جلالة حَرُمَ أكله لأنها صارت من الخبائث وقيل يُكْرَهُ قلت الأصح يكره لأن الأصل حلال والنهي لتغير اللحم كما لو تغير لحم المذكاة أو بيضها والله أعلم فإن عَلِفتْ علفاً طاهراً فطاب لحمها حلَّ أكله من غير كراهة فقد روى أبو داود والترمذي وغيرهما عن عبدالله بن عمرو بن العاص (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن أكل الجلالة وشرب ألبانها حتى تحبس)، ولفظ نهى يَصْدُقُ بالحرمة والكراهة.

وإن تنجس طاهر كخل ودُبْس ذائب حرم أكله فقد روى البخاري عن ابن عباس عن ميمونة (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا وقعت الفأرة في السمن فإن كان جامداً فألقوها وما حولها وإن كان مائعاً فلا تقربوه)) واللفظ لأبي داود. فلو حلَّ أكله بعد وقوع الفأرة فيه لم يأمر بإراقته لما في ذلك من اتلاف للمال وإذا وقعت النجاسة في الزيت فقد أصبح نجساً لا يجوز أكله ولا شربه ويجوز الإستصباح فيه.

وما كسب بمخامرة أي مخالطة نجس كحجامة وكنس مكروه ويُسَنُّ أن لا يأكله ويطعمه رقيقه وناضحه وهو الدابة التي يستقي عليها الماء.

فقد روى ابن جبان والترمذي وحسنه عن محيَصة (أن النبي صلى الله عليه وسلم سئل عن كسب الحجام فنهى عنه وقال: أطعمه رقيقك وأعلفه ناضحك). وقلنا أن النهي يحتمل الحرمة ويحتمل الكراهية وصرفه عن الحرمة خبر الشيخين عن ابن عباس (أن النبي صلى الله عليه وسلم احتجم وأعطى الحجام أجرته). قال ابن عباس: ولو كان حراماً ما أعطاه أجرته وقيس بالحجامة غيرها من كل ما تحصل به مخالطة للنجاسة.

ويحل جنين وجد ميتاً في بطن مذكاة سواء كانت الذكاة بذبح أو صيد فقد روى الترمذي والدارقطني وابن حبان عن أبي سعيد الخدري قال: (قلنا يا رسول الله إنا لننحر الإبل ونذبح البقر والشاة فنجد في بطنها الجنين أفنلقيه أم نأكله؟ فقال: (كلوه إن شئتم فإن ذكاته ذكاة أمه)). وفي لفظ الدارقطني (إذا سميتم على الذبيحة فإن ذكاته ذكاة أمه).

ومن خاف على نفسه موتاً أو مرضاً مخوفاً ووجد طعاماً محرماً لزمه أكله. قال تعالى: (ولا تقتلوا أنفسكم) النساء29، وقال تعالى: (فمن اضطر في مخمصة غير متجانف لإثم فإن الله غفور رحيم) المائدة3. فإذا وجد المضطر الميتة جاز له أن يأكل منها ما يسد حاجته لقوله تعالى: (إلا ما اضطررتم إليه) الأنعام119. وبعد الحاجة غير مضطر والأصح أنه لو كان في سفر جاز له أن يشبع منه كالحلال. وإذا بلغ الاضطرار حدَّ الخوف على النفس أو خاف مرضاً خطراً فيه التهلكة عادة وجب الأكل. قال تعالى: (ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة) البقرة195. وقيل يجوز الأكل ولا يجب وذلك إذا توقع حلالاً فإن توقع حلالاً لم يجز له غير شد الرمق لاندفاع الضرورة به لأن المطلوب سدُّ الخلل وقد تحصل ذلك والرَمَقُ هو بقية الروح وإلا إن وإن لم يتوقعه ففي قول يشبع وذلك بأن يقدر ما يكفيه والأظهر سدُّ الرمق فقط لاندفاع الضرورة. وإلا أن يخاف تلفاً إن اقتصر على سد الرمق.

وله أكل آدمي ميت إذا لم يجد ميتة غيره لأن حرمة الحي أعظم من حرمة الميت وقتل مرتد وحربي له أيضاً وله قتل زانٍ محصن ومحارب لأنهم غير معصومين ليحفظ نفسه ولا خلاف أنه لو كان قوم في سفينة وخافوا الغرق ومعهم ميت جاز لهم طرحه في البحر حفاظاً على الأحياء فكذلك الأمر ها هنا.

لا ذمي ولا مستأمن وصبي حربي فلا يجوز قتلهم لحرمة قتلهم قلت الأصح قتل الصبي والمرأة الحربيين للأكل والله أعلم لعدم عصمتهم وإذا منعنا قتلهم في الحرب فليس لعصمتهم وإنما حفاظاً على حق الغانمين حيث يصيرون ملكاً لهم إذا سبوهم.

ولو وجد طعام غائب أكل ما يسد رمقه أو يشبعه كما مرّ مفصلاً وغرم قيمته إن كان متقوماً أو مثله إن كان مثلياً لحق الغائب.

أو وجد طعام حاضر مضطر إلى الطعام لم يلزمه بذله لغيره إن لم يفضل عنه أي عن حاجته فإن آثر المضطر بالطعام مسلماً جاز بخلاف الكافر. قال تعالى: (ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة) الحشر9.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير