تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

فإن تعين واحد في ناحية معينة ولم يصلح للقضاء غيره لزمه طلبه لأن ذلك يجري مجرى الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ولو لم يكن من يصلح للأمر بالمعروف والنهي عن المنكر إلا واحد لتعين عليه، قال تعالى إخباراً عن يوسف (اجعلني على جزائن الأرض إني حفيظ عليم) يوسف55. وأخرج البيهقي عن ابن عباس (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (إذا جلس القاضي بعث الله إليه ملكين يسددانه فإن عدل أقاما وإن جار عرجا وتركاه)).

وإلا أي وإن لم يتعين له واحد في الناحية بأن كان معه غيره ممن يصلح للقضاء فإن كان غيره أصلح وكان أي الأصلح يتولاه أي يقبل إذا وليه فللمفضول القبول إذا دفع إليه من غير طلب وقيل لا أي لا يجوز له قبوله. لما روى الترمذي عن أنس (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من ابتغى القضاء وسأل فيه الشفعاء وكل إلى نفسه ومن أُُكْرِه عليه أنزل الله له ملكاً يسدده))، قال الترمذي حديث حسن غريب. ويكره طلبه وفي الناس من هو أولى منه فقد روى الشيخان عن عبدالرحمن بن سَمُرَة (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (يا عبدالرحمن لا تسأل الأمارة فإنك إن أعطيتها عن مسألة وكلت إليها وإن أعطيتها من غير مسألة أُعنت عليها)).

وإن كان غيره مثله فله القبول ندباً فقد روى الشيخان عن ابن مسعود (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (لا حسد إلا في اثنين: رجل آتاه الله مالاً فسلطه على هلكته بالحق ورجل آتاه الله حكمة فهو يقضي بها ويعلمها)).

ويندب الطلب للقضاء إن علم من نفسه القدرة على القيام به لعلمه وأمانته إن كان خاملاً أي معروف بين الناس يرجو به أي بالقضاء نشر العلم لتحصل المنفعة بعلمه وأمانته وعدله فقد روى ابن خزيمة وابن ماجة وابن حبان اللفظ له من حديث جابر (كيف تُقَدَس أمةٌ لا يُأخذ لضعيفهم من شديدهم).

أو محتاجاً إلى الزرق ولم يكن له كفاية أو كان كسوباً وإن اشتغل بالقضاء تعطل عليه الكسب جاز له أخذ الرزق على القضاء وطلبه لذلك قال تعالى: (ومن كان غنياً فليستعفف ومن كان فقيراً فليأكل بالمعروف) النساء6.

وروى البيقهي عن أبي وائل (أن عمر بن الخطاب بعث إلى الكوفة عمار بن ياسر والياً وعبدالله بن مسعود قاضياً وعثمان بن حُنيف ماسحاً للأرض وفرض لهم كلَّ يوم شاة نصفها وأطرافها لعمار والنصف الأخر بين عبدالله وعثمان، وقال: إن بلداً يخرج منها كل يوم شاة سريع خرابها).

وإلا بأن لم يكن خاملاً بل كان معروفاً ولم يكن محتاجاً إلى الرزق فالأولى تركه أي ترك طلب القضاء قلت: ويكره على الصحيح طلب القضاء وتوليه والله أعلم لما في ذلك من الأخطار لورود نهي نخصوص عنها. فقد أخرج الشيخان عن عبدالرحمن بن سمرة (يا هبدالرحمن لا تسأل الأمارة). وقد امتنع بعض الصحابة من تولي القضاء (فقد امتنع ابن عمر من تولي القضاء لعثمان) رواه الترمذي عن نافع والاعتبار في التعين وعدمه في الناحية فلا يلزمه في غيرها لأن أمر القضاء يطول عادة وشرط القاضي المطلوبة لمن يولّى قاضياً مسلمٌ مكلفٌ أي بالغ عاقلٌ فلا يولى القضاء صبي لا مجنون إن لم يتعلق بقولهما حكم على أنفسهما فعلى غيرهما أولى والكافر لا ولاية له على المسلمين، قال تعالى: (ولن يجعل الله للكافرين على المؤمنين سبيلاً) النساء141، ولا سبيل أعظم من القضاء حرٌ فلا يولى رقيق لنقصه ذكر فلا تولى امرأة لأن القضاء يتضمن الولاية في التزويج والنظر في قضايا الخصوم والمرأة ليست أهلاً للحضور في محافل الرجال كما أنه لا تقبل شهادتها مالم يكن معها رجل. وقد روى البخاري عن أبي بكرة (أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (ما أفلح قوم ولوا أرمهم امرأة)). فإذا لم يكن فلاح كان الفساد كما أنه لا يصلح أن تكون المرأة إمام للرجال فب الصلاة فكيف يمكن أن تكون قاضية لهم حاكمة بخصوماتهم.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير