تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تحمّلُ الشهادة فرض كفاية في النكاح وكذا الإقرار والتصرف المالي فلو امتنع الكل أثموا ومعنى تحمل الشهادة هو المعرفة والإحاطة والحفظ لما يُشْهَدُ به والتكنية بالتحمل دليل على أن الشهادة من أعلى وأهم وأثقل الأمانات التي يُحْتَاجُ لحملها وكتابة الصك أي الوثيقة المكتوبة لحفظ الأموال وغيرها في الأصح فعقد النكاح يتوقف على الإشهاد عليه وبقية العقود تحتاج للإشهاد للحاجة إلى إثباتها عند التنازع.

وإذا لم يكن في القضية المشهود بها إلا اثنان وذلك بأن لم يتحمل الشهادة سواهما أو مات أو غاب فُسِّقَ غيرهما لزمها الأداء إذا دعيا لأداء الشهادة، قال تعالى: (ولا تكتموا الشهادة ومن يكتمها فإنه آثم قلبه) البقرة283، وقال تعالى: (ولا يأبَ الشهداء إذا ما دعوا) البقرة282.

فلو أدى واحد الشهادة وامتنع الآخر من أدائها وقال للمدعي إحلف معه أي مع الشاهد عصي لأن من مقاصد الاستشهاد التورع عن اليمين وإن كان في القضية شهود أي من أكثر من اثنين فالأداء للشهادة فرض كفاية لحصول الغرض ببعضهم فلو طَلَبَ المدعي الأداء من اثنين لزمها في الأصح لأن الامتناع عن الشهادة يفضي إلى التواكل وإن لم يكن إلا شاهدٌ واحدٌ لَزِمَهُ الأداء إن كان الحق فيما يثبت بشاهد ويمين وهو ما كان مالاً أو كان المقصود منه المال وإلا يثبت الحقُّ بشاهد ويمين فلا يلزمه الأداء إذ لا فائدة من أدائه وقيل لا يلزم الأداء إلا من تجمل قصداً لا اتفاقاً من غير قصد لأنه لم يقصد الالتزام والأصح يلزمه الأداء أمانة حصلت عنده.

ولوجوب الأداء شرود: أن يُدْعى لأداء الشهادة من مسافة العدوى فأقل مسافة العدوى هي التي يتمكن مَنْ خَرَجَ من بيته مبكراً أن يعود إليه في يومه وقيل دون مسافة القصر وهي أزيد من مسافة العدوى فإن دُعِي من مسافة القصر لم يجب عليه الإجابة للبعد. وأن يكون عدلاً فإن دُعِي للشهادة ذو فِسْقٍ مجمع عليه أي مجمع على فسقه كشارب الخمر وقيل أو مختلف فيه كشارب للأنبذة لمْ يَجبْ عليه الأداء إذا كان القاضي يفسقه ولا يقبل شهادته وأن لا يكون معذوراً بمرض ونحوه كخوفه على ماله أو تعطل كسبه أو طلب في حرٍّ أو بردٍ أو كانت المرأة مخدرة غير بزرة تظهر بين الرجال عادة فإن كان المدعو معذوراً وأشهد على شهادته وجوباً إن طلب منه ذلك وخيف ضياع الحق لو لم يشهد أو بعث القاضي من يسمعها منه دفعاً للمشقة عنه.

? فصل في الشهادة على الشهادة ?

تُقْبلُ الشهادة على الشهادة لعموم قوله تعالى: (وأشهدوا ذوي عدل منكم) الطلاق2، فلم يفرق بين الشهادة بالحق أو بالشهادة على شهود الحق في غير عقوبة لله تعالى فتقبل في مال وعقد وفسخ وطلاق وولادة ورضاع ووقف زكاة وفي عقوبة لآدمي كقصاص وحدِّ قذف تقبل على المذهب لبناء آدمي على المشاحة وأما حدود الله سبحانه وتعالى وهي: حدُّ الزنا وحدُّ السرقة وحدُّ قطع الطريق وحدُّ الخمر فمندوب إلى سترها فلا تقبل فيها الشهادة على الشهادة في الأظهر وتحملها بأن يسترعيه أي يطلب منه رعاية الشهادة وحفظها حتى يؤديها عنه لأنها نيابة فاعتبر بها إذن المنوب فيقول الشاهد لمن ناب في حمل الشهادة أنا شاهد بكذا وأشهدك أو أشهد على شهادتي أو إذا طُلِبَ منك الشهادة على شهادتي فلا مانع عندي في ذلك أو يسمعه يشهد عند قاضي أن لفلان على فلان كذا فله أن يشهد على شهادته أو يسمعه يقول: أشهد أن لفلان على فلان ألفاً عن ثمن مبيع أو غبره كقرض مثلاً فيجوز الشهادة على قوله لأنه أسنده إلى سبب معين فامتنع التلاعب بالقول أو الوعد بالمشهود به وفي هذا الأخير وجه أنه لابد من الإذن بالشهادة منعاً لتساهل الشاهد وتوسعه في القول فلا يكفي في سماع قوله لفلان على فلان كذا أو أشهد بكذا أو عندي شهادة كذا لاحتمال أن يريد أن له عليه ذلك من جهة أنه وعده بذلك لأن الناس يتساهلون في إطلاق ذلك.

وليبين الشاهد الفرع وهو الذي تحمل الشهادة عن الشاهد الأصلي عند الأداء جهة التحمل فإن سمع شاهد الأصل يشهد بحق مضاف إلى سبب فإنه يقول أشهد على شهادة فلان أن لفلان على فلان كذا من ثمن مبيع أو أجرة أو غير ذلك. وإن سمعه يشهد عند القاضي أو المحكَّمِ ذكر ذلك وإن استرعاه الأصل قال أشهد أن فلاناً شهد أن لفلان على فلان كذا وأشهرني على شهادته.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير