تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ولو قال المدَّعى عليه والذي طلب المدَّعي تحليفُهُ وقد حلفني مرة على ما ادعاه عليَّ عند قاضٍ فليحلف أن لم يحلفني قبل ذلك مُكِّنَ من تحليف المدَّعي لاحتمال ذلك في الأصح ولا يجاب المدَّعي لو قال قد حلفني أني لم أحلفه فليحلف على ذلك لأن ذلك يؤدي إلى أن يدور الأمر ويتسلسل ولا ينفصل.

وإذا نكل المدَّعى عليه عن الحلف المطلوب منه حلف المدَّعي وقَضَى الحاكم له بمدعاه ولا يقضي القاضي على الناكل بنكوله بل تردُّ اليمين على المدَّعي فإن حلف استحق ما ادعاه. قال تعالى: (ذلك أدنى أن يأتوا بالشهادة على وجهها أو يخافوا أن تردَّ أيمان بعد أيمانهم) المائدة108. أي بعد الامتناع من الأيمان الواجبة فدل على نقل الأيمان من جهة إلى جهة.

وروى عبدالملك بن حبيب في الواضحة عن حيوة بن شريح أن سالم بن غيلان أخبره (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: (من كانت له طِلبةٌ عند أحد فعليه البينة والمطلوب أولى باليمين فإن نكل خلف الطالب وأخذه)) وهذا مرسل والطلبة: الخاجة. فدل الحديث على أن الطالب والمطلوب شريكان في اليمين.

والنكول أن يقول المدَّعى عليه بعد عرض القاضي اليمين عليه أنا ناكل أو يقول له القاضي إحلف فيقول لا أحلف فقوله هذا نكول لصراحتها فيه فإن سكت بعد عرض اليمين عليه حكم القاضي بنكوله ويُسنُّ للقاضي عرض اليمين عليه ثلاثاً فإن لم يحلف يقول له القاضي جعلتك ناكلاً فإن حكم عليه بعد ذلك نفِذ حكمه.

وقوله أي القاضي للمدًّعي إحلف حُكِمَ بنكوله أي بنكول المدَّعى عليه واليمين المردودة في قولٍ كبينةٍ يقيمها المدَّعي وفي الأظهر كإقرار المدَّعى عليه لأ، ه بنكول المدَّعى عليه عن اليمين توصل المدَّعي إلى ما دعاه فأشبه الإقرار فلو أقام المدَّعى عليه بعدها بيينةً بأداء أو إبراء أو غير ذلك من المسقطات للحق لم تسْمعْ إن قلنا أن النكول إقرار لتكذيب البينة بإقراره.

فإن لم يحلف المدّّعي يمين الردِّ ولم يتعلل بشيء أي لم يُبدِ عذراً ولا طلب مهلة سقط حقه من اليمين المردودة وليس له مطالب خَصْمِهِ ولكن له أن يقيم البينة وإن تعلل بإقامة بينة أي المدَّعي أو مراجعة حساب أُمهِلَ ثلاثة أيام فقط ولا يزاد عليها كما تقدم وقيل أبداً لأن اليمين له فله تأخيره ولكن في ذلك ضرر بالمدَّعى عليه واستمرار الخصومة.

وإن استمهل المدَّعى عليه حين استُحْلِفَ لينظر حسابه لم يُمْهَلْ إلا أن يرضى المدَّعي لأنه مجبور بالإقرار أو اليمين بخلاف المدعي فإن له تأخير طلب حقه وقيل يُمهَلُ ثلاثة من الأيام كمدَّعي ولو استمهل في بداية الجواب لينظر في الحساب أمهل إلى آخر المجلس إن شاء ذلك ومن طولب بزكاة وادعى دَفْعَها إلى ساعٍ آخر أو ادعى غَلَطَ خارص وهو ا لذي يخمن ما على النخل من الرُطب تمراً وألزمناه اليمين ولا ردَّ على الساعي ولا على الإمام فالأصح على هذا الوجه الضعيف أنها تؤخذ منه لأنه لم يقدم ما يدفع عنه.

ولو ادعى وليَّ صبي ديناً له أي للصبي على إنسان فأنكر المدَّعى عليه ونكل عن الحلف لم يحلف الوليُّ لأن الحق لا يثبته إلا بيمين صاحبه فيوقف الأمر إلى بلوغ الصبي.

وقيل يحلف لأنه المستوفي للحقِّ وقيل إذا ادعى الولي مباشرة سببه أي ادعى الولي ثبوت الحقِّ بسبب باشره هو حَلَفَ حيث تعلقت العهدة بمباشرته لتسببه مع عجز الصبي عن إثباته ساغ للولي إثباته بيمينه والأصح الأول وهو تأخر اليمين حتى بلوغ الصبي.

? فصل في تعارض البينتين ?

إذا ادعيا عيناً في يد ثالث وأقام كل منهما بينةً سقطنا لتناقض موجبيهما فيصار إلى التحليف فيحلف من بيده العين لكلٍ منهما يميناً وفي قول تستعملان لأنهما حجتان تعارضتا فإن أمكن استعمالهما لم تسقطا كالخبرين إذا تعارضا في الحادثة وأمكن استعمالهما فإن قلنا تستعملان ففي كيفية استعمالها ثلاثة أقوال: ففي قول يقسم العين بينهما فقد أخرج الطبراني في الكبير عن جابر بن سمرة (أن رجلين اختصما إلى النبي صلى الله عليه وسلم في شيء فأقام كل واحد منهما بينة أنه له فقسمه النبي صلى الله عليه وسلم بينهما). وقول يقرع بينهما فقد أخرج أبوداود مرسلاً عن سعيد بن المسيب (أن قوماً اختصموا إلى النبي صلى الله عليه وسلم وتاوست بيناتهم في العدالة والعدد فأسهم النبي بينهم وقضى للذي خرج له السهم). وفي قول توقف العين حتى يَبينَ الأمر أو يصضلحا وهو

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير