(ب) اللغات المحفوظة في لفظة "ترجمة":
لا خلاف في أن الراء فهيا ساكنة وإنما اختلفوا في الحرفين:
1 - التاء في أولها.
2 - والجيم وهو ثالثها.
وفيهما أربع لغات:
الأولى: أنهم مضمومان فنقول: "تُرجُمة".
الثانية: أنهم مفتوحان فنقول: "تَرجَمة".
الثالث: أن الأول مفتوح والثاني مضموم فنقول: "تَرجُمة" [16]
الرابعة: أن الأول مضموم والثاني مفتوح فنقول: "تُرجَمة" [17]
وقد رجح الإمام الحافظ النووي - رحمه الله - الثالثة منها [18]. وكذلك العلامة محمد مرتضي الزبيدي رحمه الله [19] وأحمد بن محمد المقري الفيومي [20].
(جـ) اشتقاق "الترجمة" ومعناها عند أهل اللغة:
قال الإمام النووي رحمه الله:
يقال منه: ترجم يترجم ترجمة فهو مُتَرجِم وهو التُّرجُمان بضم التاء وفتحها لغتان والجيم مضمومة فيهما [21].
وقال العلامة الجوهري - رحمه الله -:
ومنه التَّرجَمان والجمع التراجم مثل زَعفَران وزَعَافِر وصَحصَحان وصَحَاصِح [22].
المعنى اللغوي:
قال الجوهري رحمه الله: "ويقال قد ترجم كلامه إذا فسره بلسان آخر" [23].
وقال العلامة ابن منظور [24] رحمه الله: "التَّرجمان والتُّرجمان: المفسر، للسان وفي حديث هرقل قال لترجمان الترجمان بالضم: والفتح هو الذي يترجم الكلام أي: ينقله من لغة إلى لغة أخرى أ هـ، وفى صحيح مسلم [25] قال أبو جره كنت أترجم بين يدي ابن عباس وبين الناس قال ابن الصلاح: أنه يبلغ كلام ابن عباس إلى من خفي عليه من الناس إما لزحام منع من سماعه فأسمعهم.
وقال الزبيدي رحمه الله: "المفسر للسان وقد ترجمه وترجم عنه إذا فسر كلامه بلسان آخر" [26].
وقال الإمام النووي - رحمه الله - عليه: "التَّرجَمة بفتح التاء والجيم وهي التعبير عن لغة بلغة أخرى" [27].
قلت ومن هذا نفهم أن معنى الترجمة المشترك عند أهل اللغة هو: التفسير أو التعبير أو النقل.
1 - فهو إما تفسير للسان آخر بلسان معروف.
2 - وإما تعبير عنه به.
3 - وإما نقل منه إليه.
ثانيا: المعنى الاصطلاحي وارتباطه بالمعنى اللغوي.
بعد أن درسنا المعنى اللغوي لهذه اللفظة نتساءل ما اصطلاحات المحدثين على هذه اللفظة.
للمحدثين تعريفات على هذا فهم يطلقون الترجمة على معانٍ منها:
1 - سلسلة إسناد معين يروى به عدد من المتون وقد تكلم العلماء في هذا على نوعين.
(أ) تراجم أصح الأسانيد.
(ب) تراجم أوهى الأسانيد [28].
2 - عنوان الباب الذي تساق فيه الأحاديث [29]
وقال ابن الصلاح: وقد أطلقوا على قولتهم: باب كذا وكذا اسم الترجمة لكونه يعبر عما يذكر بها [30] والذي نحن بدراسته التعريف الثاني.
فما الارتباط بين المعنى اللغوي والاصطلاحي؟
وجه الارتباط بين المعنيين اللغوي والاصطلاحي:
ولعله بعد ذلك قد اتضح لك أن هناك رابطاً قوياً وظاهراً بين المعنيين؛ وهو أن العنوان الذي يكتبه الإمام ويسوق تحت الأحاديث، لا يخرج عن إحدى ثلاث حالات:
الأولى: أنه لسان المؤلف صاحب الترجمة يفسر لسان المتلفظ بالحديث - صلى الله عليه وسلم.
الثانية: أنه تعبير بلسان المؤلف المترجم عن لسان المتحدث عليه الصلاة والسلام.
الثالثة: أنه نقل من لسان المتحدث - صلى الله عليه وسلم - إلى لسان المؤلف المترجم.
قال الإمام الحافظ أبو عمرو بن الصلاح غفر الله له:
"وليست الترجمة مخصوصة بتفسير لغة بلغة أخرى فقد أطلقوا على قولهم باب كذا اسم الترجمة لكونه يعبر عما يذكر بعده" [31].
"أركان الترجمة"
الترجمة - عند أهل الاصطلاح - لا تقوم إلا على ثلاثة أركان لازمة تقتضيها وجوه القسمة العقلية:
(الأول): المترجِم بكسر الجيم ويقال: الترجمان وهو اسم الفاعل وهو الإمام الفقيه الذي يدرك معاني النصوص على أصول صحيحة. كالأئمة المشهورين: البخاري، وأحمد، والترمذي، وأبي داود، وابن حبان. وغيرهم - رضي الله عنهم.
) الثاني): المترجم له بفتح الجيم ويقال: المترجم وهو اسم المفعول وهو النص أو النصوص التي يساق للدلالة على ما تضمنه معنى الترجمة.
والنصوص التي ترد تحت التراجم لا تخرج عن ثلاثة أنواع:
1 - الآيات القرآنية الكريمة.
2 - الأحاديث النبوية الشريفة.
3 - الآثار عن الصحابة أو التباعين - رضي الله عنهم أجمعين - ثم لننظر في هذه الأنواع الثلاثة:
هل الإمام البخاري - رحمه الله - تعالى يوردها كلها تحت ترجمة واحدة على أنها مُترجم لها أو مترجم بها؟
¥