تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

لكن ينبغي أن يعلم أن الاختلاف ليس حجة على اعتماد قول يجمع بين القولين أو الأقوال , إلاّ أن يكون جمعاً بين النصوص المتعارضة ظاهراً , المنفي عنها التعارض الحقيقي ,ذلك أن طاعتها جميعاً إذا تيسرت أولى من ترك بعضها بالترجيح , أو زعم النسخ , أما أقوال الناس فتتعارض , بل إن أقوال العالم الواحد كثيراً ما تتعارض , قال الله تعالى (أفلا يتدبرون القرآن ولو كان من عند غير الله لوجدوا فيه اختلافاً كثيراً).

قال ابن عبد البر معقبا على قول من ذهب من العلماء المالكية إلى أن النهي عن أكل ذي ناب من السباع وذي المخلب من الطير نهي تنزه وتقذر: " وأظن قائل هذا القول من أصحابنا في أكل كل ذي ناب من السباع راعى اختلاف العلماء في ذلك , ولا يجوز أن يراعى الاختلاف عند طلب الحجة , لأن الاختلاف منه شيئ لازم دون دليل , وإنما الحجة اللازمة الإجماع لا الاختلاف , لأن الإجماع يجب الانقياد إليه لقوله تعالى: (ومن يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى ويتبع غير سبيل المؤمنين نوله ما تولى).

والاختلاف يجب طلب الدليل عنده من الكتاب والسنة , قال الله عزوجل: (فإن تنازعتم في شيئ فردوه إلى الله والرسول) ,الآية , يريد الكتاب والسنة , هكذا فسره العلماء " (التمهيد لما في الموطأ من المعاني والمسانيد 1/ 115).

وبهذا يتبين لك أن أسلم اصل ينسب على أساسه القول لإمام من أئمة المسلمين هو النص الصحيح غير المعارض بما يعتد به , ولأنه صح عن الأئمة الأربعة أن الحديث الصحيح هو مذهبهم , فمن تمسك به فهو على السنة , وعلى مذهبهم أيضاً. (كيف نخدم الفقه المالكي لشيخنا عابدين بن حنفية)

وفي حاشية الشيخ محمد بن الحسن البناني على شرح الشيخ عبد الباقي الزرقاني على مختصر الشيخ خليل رحمهم الله , عند قوله: " وهل يجوز القبض في النفل " الى آخره ,, نقلاً عن الشيخ المسناوي مانصه: وإذا تقرر الخلاف في أصل القبض كما ترى , وجب الرجوع إلى الكتاب والسنة , كما قال الله تعالى: (فإن تنازعتم في شيئ فردوه إلى الله والرسول) , وقد وجدنا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم حكمت بمطلوبية القبض في الصلاة , بشهادة ما في الموطأ , والصحيحين , وغيرهما من الأحاديث السالمة من الطعن ,, فالواجب الانتهاء إليها , والوقوف عندها , والقول بمقتضاها , انتهى كلام البناني بجواهر حروفه ,ولم يتعقبه الرهوني.

وللفائدة فإن هناك دراسة أصولية تطبيقية حول قاعدة مراعاة الخلاف للدكتور محمد الأمين ولد محمد سالم بن شيخ

(مراعاة الخلاف في المذهب المالكي وعلاقتها ببعض أصول المذهب وقواعده)

والله أعلم

ـ[أم هالة]ــــــــ[04 - 07 - 08, 01:28 ص]ـ

الكثير من العلماء يسوي بين مراعاة الخلاف والخروج من الخلاف، لكنها تسوية لفظية؛ لأن الخروج من الخلاف هي مراعاة له، لهذا فإن هؤلاء العلماء حينما يتكلمون عن مراعاة الخلاف، فإنما يقصدون الخروج من الخلاف، والعكس صحيح.

أما الفقهاء المالكية فهم يفرقون بينهما، فالخروج من الخلاف عندهم قاعدة مستقلة، ومراعاة الخلاف قاعدة أخرى، فينبغي الانتباه إلى اختلاف استعمال المالكية للمصطلحين: (الخروج من الخلاف، ومراعاة الخلاف) عن استعمال غير المالكية.

تعريف قاعدة مراعاة الخلاف:

لغةً:

المراعاة من: راعيت الشيء رعياً ومراعاة، بمعنى لاحظته محسناً إليه.

والخلاف والمخالفة: أن يأخذ كل واحد طريقاً غير طريق الآخر.

وقد عرفها الفقهاء:

(ذهاب كل عالم إلى خلاف ما ذهب إليه الآخر).

اصطلاحاً:

عرفت بتعاريف كثيرة، منها تعريف الإمام الشاطبي - رحمه الله- بأنها:

(إعطاء كل واحد من الدليلين ما يقتضيه الآخر أو بعض ما يقتضيه).

لكن يتبادر منه استبدال مقتضى كل من الدليلين بمقتضى الآخر، وهو ما لا يقع، وأحسن منه قول ابن عرفة - رحمه الله- في حدوده:

(إعمال دليل المخالف في لازم مدلوله الذي أعمل في نقيضه دليل آخر).

ويقال في توضيح التعريف: إن الضمير في (مدلوله) يعود إلى الدليل، والضمير في (نقيضه) يعود على المدلول، لأنه أقرب مذكور.

مثال ذلك: إعمال مالك - رحمه الله- دليل مخالفه القائل بعدم فسخ نكاح الشغار في لازم مدلول ذلك المخالف، ومدلوله هو عدم الفسخ، الذي هو ثبوت الإرث بين الزوجين المتزوجين بالشغار عند موت أحدهما، وهذا المدلول الذي هو عدم الفسخ أعمل مالك في نقيضه الذي هو الفسخ دليلاً آخر يقتضي الفسخ عنده.

الفرق بين القاعدتين:

إن مراعاة الخلاف قسمان:

1 - مراعاة جزئية: وهي اعتبار المذهب المخالف من وجه، وأخذ بمذهب نفسه من وجه آخر، وهذه هي مراعاة الخلاف المقصودة عند المالكية، ولا يعرفها الجمهور.

2 - مراعاة كلية: وهي إهمال لمذهبه بالكلية، وعدول إلى مقتضى مذهب الآخر، وخروج إليه، وهذه هي قاعدة الخروج من الخلاف التي يذكرها عامة الفقهاء من مختلف المذاهب.

فتبين من هذا التصوير الفرق بينهما، - والله أعلم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير