واتفق المالكية والشافعية والحنابلة على معظم قواعد التوريث لذوي الأرحام بالتنزيل، واختلفوا في بعضها، وفقاً لما سنبينه:
1 - لا يلتزمون ترتيب الأصناف المعروفة، فلا يقدمون صنفاً على آخر، بل يصح أن يرث أكثر من صنف عند اجتماعهم. (وهذا يخالف أهل القرابة الذين يعتمدون ترتيب الأصناف).
2 - إذا انفرد واحد من ذوي الأرحام حاز جميع المال ذكراً كان أم أنثى.
3 - إذا اجتمع اثنان فأكثر من ذوي الأرحام يتم التنزيل درجة درجة، وتُطبق قواعد التوريث عامة.
4 - ينزل ذوو الأرحام منزلة الشخص الذي يدلي به، ويصله على الميت.
5 - إذا كان بعضهم يدلي بوارث، وبعضهم يدلي بغير وارث، أو كان محجوباً كان الميراث لمن يدلي إليه بوارث.
6 - اتفق أهل هذا المذهب على أنه إن كان ذوو الأرحام من أولاد ولد الأم (أولاد أخوة لأم، وأولاد أخوات لأم) قسم المال بينهم بالتساوي للذكر مثل حظ الأنثيين.
واختلفوا: إن كانوا ذكوراً وإناثاً من جهة واحدة، ودرجة واحدة (وليسوا من أولاد الأم) كابن بنت البنت، وبنت بنت البنت، اختلفوا على قولين:
- المالكية والشافعية: يقسم النصيب للذكر مثل حظ الأنثيين.
- الحنابلة: يقسم المال بينهم بالسوية، ولا فرق بين الذكر والأنثى.
الفرق بين مذهب أهل التنزيل وأهل القرابة:
الفرق الجوهري بينهما: أن مذهب أهل التنزيل لا يرتب بين الأصناف، فلا يقدم صنفاً على آخر، بينما مذهب أهل القرابة يقدم الأصناف بعضها على بعض.
ب- قرب الدرجة لا اعتبار له عند أهل التنزيل، بل العبرة بقرب الإدلاء بوارث صاحب فرض أو عصبة، فمن يدلي عن قريب بذي فرض أو عصبة أولى ممن يدلي عن بعيد، أما مذهب أهل القرابة، فإن قرب الدرجة أول طرائق الترجيح بين آحاد الصنف الواحد.
أمثلة مشروحة فيها مقارنة بين مذهبي أهل التنزيل، وأهل القرابة:
في توريث الأبناء:
1 - مات عن: (بنت بنت، وبنت بنت ابن):
عند أهل التنزيل: إذا رفعنا كلاً منهما درجة، صار كأنه: (بنت، وبنت ابن)، فللأولى النصف، وللثانية السدس تكملة للثلثين. ثم يُرد الباقي عليهما.
وعند أهل القرابة: المال كله لبنت البنت، لأنها أقرب درجة إلى الميت من الثانية.
ومثله تماماً يُقال لو مات عن: (ابن بنت، وابن بنت ابن).
2 - مات عن: (بنت بنت ابن، وبنت بنت بنت):
عند أهل التنزيل: إذا رفعنا كلاً منهما درجة، صار كأنه: (بنت ابن، وبنت بنت)، صار المال كله للأولى، لأنها أدلت بصاحب فرض، والثانية لا شيء لها لأنها أدلت برحم.
وعند أهل القرابة: كذلك لأنهما في درجة واحدة، فالأولى أدلت بصاحب فرض.
مات عن: (ابن بنت، وبنت بنت):
عند أهل التنزيل: إذا رفعنا كلاً منهما درجة، صار كأنه: (بنتين) يقسم المال بينهما نصفين.
وعند أهل القرابة: اتحد الصنف والدرجة، واختلفوا في الجنس، فللذكر مثل حظ الأنثيين.
وفي توريث الأجداد:
عند أهل التنزيل: الذين هم من جهة الأب بمنزلة الأب. والذين هم من جهة الأم بمنزلة الأم، لأن كلاً منهم أدلى به.
عند أهل القرابة: الأقرب درجة، فإن استوت الدرجة، فمن أدلى بصاحب فرض أولى ممن أدلى برحم، فإن لم تختلف قرابتهم؛ بأن كانوا جميعاً من طرف الأب، أو من طرف الأم قسم المال بينهما للذكر مثل حظ الأنثيين.
مثال: مات عن: (أم أب الأم، وأب أم أم الأب):
عند أهل التنزيل: إذا رفعنا كلاً منهما درجتين، صار كأنه: (أم، وأم الأب) فالأم تحجب أم الأب.
وعند أهل القرابة: أيضاً الأولى حجبت الثانية، لكن بسبب آخر وهو قرب الدرجة.
وعلى هذا القياس يتواصل، وكلما ازددنا في التفريعات ازددنا في التعقيد، والبعد عن الواقع الحياتي، فمن الفقهاء مَن كان له النفس الطويل، وسرد جميع المسائل، ومنهم مَن اختصر إلى بضعة أسطر، والفريق الثالث المتوسط بينهما.
هذا ما استطعت جمعه وكتابته، فما كان من خير فبفضل الله تعالى ومنته، وما كان من نقص فبتقصيري ومن الشيطان.
وصلى الله على سيدنا محمد وآله وصحبه أجمعين، والحمد لله رب العالمين.
ـــــــــ
(1) - الشرح الكبير لابن قدامة: ج7/ص 103
- الإقناع: ج2/ص 48
- المغني: ج7/ص 86
- تسهيل المواريث والوصايا، عبد الكريم محمد نصر:286
- الفرائض والمواريث والوصايا، محمد الزحيلي: 284
- الكنوز الملية في الفرائض الجلية، عبد العزيز المحمد السلمان: 172
- أحكام التركات والمواريث، محمد أبو زهرة: 193
- السبيكة الذهبية على المنظومة الرحبية، فيصل بن عبد العزيز آل مبارك:26
- مذكرة الشيخ محمد بن صالح العثيمين.
ـ[أبو الحسن الرفاتي]ــــــــ[04 - 06 - 10, 12:24 ص]ـ
جزاك الله خيراً