تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

صَاحِبُكُمْ فَقَالَ صَاحِبُنَا أَعْلَمُ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْ صَاحِبُكُمْ؟ فَقَالَ: بَلْ صَاحِبُكُمْ فَقَالَ: صَاحِبُنَا أَعْلَمُ بِأَقْوَالِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمْصَاحِبُكُمْ؟ فَقَالَ: بَلْ صَاحِبُكُمْ فَقَالَ: مَا بَقِيَ بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ إلَّا الْقِيَاسُ؛ وَنَحْنُ نَقُولُ بِالْقِيَاسِ وَلَكِنْ مَنْ كَانَ بِالْأُصُولِ أَعْلَمَ كَانَ قِيَاسُهُ أَصَحَّ) "مجموع الفتاوى".

وَقَالُوا لِلْإِمَامِ أَحْمَد: (مَنْ أَعْلَمُ بِسُنَّةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَالِكٌ أَمْ سُفْيَانُ؟ فَقَالَ: بَلْ مَالِكٌ. فَقِيلَ لَهُ: أَيُّمَا أَعْلَمُ بِآثَارِ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مَالِكٌ أَمْ سُفْيَانُ؟ فَقَالَ: بَلْ مَالِكٌ. فَقِيلَ لَهُ: أَيُّمَا أَزْهَدُ مَالِكٌ أَمْ سُفْيَانُ؟ فَقَالَ: هَذِهِ لَكُمْ) "مجموع الفتاوى لشيخ الإسلام ابن تيمية"

فإذا كانت أصول الإمام مالك رحمه الله بهذه المتانة وصاحبها بهذا القدر، فلا يليق بالكتب التي تحوي مذهبه أن يقل فيها الإستدلال بالنصوص.

والمتصفح في أمهات كتب المالكية الأصيلة يجدها قد أرست معالم الفقه الإسلامي ليس على مستوى المذهب المالكي واستدلاله فحسب، بل مدارس أنمودجية لتعليم الصناعة الاجتهادية، وتلقين الملكة الفقهية للنجباء من طلابه، مما أفرز لنا جيل من الأئمة الكبار كابن القاسم، وابن وهب، وابن أبي زيد القيرواني، و إبن عبد البر، وابن العربي، والباجي، والشاطبي، والقاضي عياض، والقاضي عبد الوهاب، وأضرابهم كثير.

وإنما الذي ينبغي أن يثار كيف نخدم المذهب المالكي واعادة ترميمه من الداخل حتى نعيده إلى الريادة والمكانة التي يستحقها باعتباره مذهبا من المذاهب السنية المعتمدة في العالم الإسلامي من لدن صاحبه إلى يومنا هذا دون فصل الأصول عن الفروع كما هو حاصل كثير من البلاد الإسلامية، فصار المذهب المالكي رمزا على الفروع الفقهية بمختلف أشكالها فحسب دون العقائد. فهذا هو الهدف الأساسي والأسمى للقضية، لا أن نشن حربا ضروسا على أسلافنا الذين كان لهم الفضل بعد الله سبحانه وتعالى في بقاء هذا المذهب والحفاظ على خصوصياته المذهبية، علما أنه قد مر بمراحل تاريخية مريرة كادت أن تجعله قيد النسيان، فكشفت هذه المحنة الحجاب عن أصالة المذهب المالكي وقوته، وتجذره في قلوب إتباعه، إذ سرعان ما أشرقت شمسه من جديد لتبعث في الأمة أنفاس متجددة تدريسا وتأليفا وتنظيرا قديما وحديثا.

وفي زمننا تأججت يقظة علمية مشرقا ومغربا، فصار لدى الناس نزوع جديد إلى الدليل، خاصة وأن القضايا المستجدة والنوازل المعاصرة تنوعت وتشعبت، وجاءت بأشكال نادرة ربما لا تجد لها سلفا أو نظيرا في دواوين الفقه الأصيلة.

ومن هنا فزع كل ذي مذهب إلى أصوله، بحثا عن مناهج الأسلاف في التفريع وبناء الفروع على الأصول من خلال آليات الاستنباط وقواعد الاجتهاد.

مما نسف هذه الفرية برمتها والتي لم تطل الفقه المالكي لوحده وإنما كان لها الحظ الأوفر على مستوى كل المذاهب الإسلامية السنية المعروفة.

فنحن لا ننكر البتة أن الفقه المالكي على غرار المذاهب الأخرى قد مر بأطوار زمنية مخجلة جعلت منه فقها مجردا من روحه وذلك بفصل المسائل الفقهية عن أدلتها، حتى إنك تنظر في أمهات الكتب المعتمدة تمر عليك عشرات المسائل الفقهية محشوة بأقوال الرجال وتوجهاتهم دون أن تجد لها ذكر دليل واحد من الأدلة المعتبرة خاصة الدواوين التي عنت بجانب الشروح، حيث انصبت جهود الشراح على حل ألفاظ المصنفات، وتحرير المسائل على المعتمد من أقوال في المذهب، وبيان الراجح من المرجوح، والمشهور من الشاذ.

وهذا المنهج هو الذي عابه الإمام ابن عبد البر رحمه الله على أهل زمانه عندما حادوا عن طريق السلف في طلب العلم، وسلكوا في طلبه ما لم يعرفه الأئمة القدامى.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير