وعن بيعتين في بيعة، وهو أن يقول*: بعتك (9) هذا بعشرة صحاح (10) أو عشرين مُكَسَّرة (11)، أو يقول* بعتك (12) هذا على أن تبيعني هذا أو تشتري مني هذا، وقال: (لا تَلَقَّوا (13) السلع حتى يُهبط بها الأسواق)، وقال: (14) (من اشترى طعامًا فلا يبعه حتى يستوفيه)] اهـ.
قال الشارح – رحمه الله تعالى –
[** هذه كلها من بيوع الغرر، وخصها بالذكر لأنها هي التي انتشرت في زمنهم.
(1) ثابت في الصحيحين من حديث أبي سعيد وأبي هريرة –رضي الله عنهما-، وقد ورد التفسير بهما في نفس الحديثين.
واختلفت تفسيرات الفقهاء في الملامسة:
الحنفية: أن يتساوم رجلان في سلعة فما وقعت عليه يد المشتري ولمسه، فإن البيع يلزم، ولو لم يرض البائع.
مالك: أن يبيع ثوبا من الثياب فيلمسه المشتري دون نشر وتبين، أو يبيعه بالليل (الظلام) فلا ينظر إليه، وبنى مالك على هذا أنه لا يجوز بيع الثوب في جرابه، فهل يدخل في هذا في زمننا البضاعة التي تكون في الكرتون؟
الحقيقة أن الصناعة في هذا الزمان منضبطة، وتكون بنفس الصفة، فإذا كانت المصانع معروفة، والآلات المعروفة، فلا تدخل في تعريف مالك – رحمه الله - لانتفاء العلة.
أما الثياب المنسوجة باليد فهذه لابد من نشرها، لأن الثمن يقع على النسج هذا وهكذا البشوت، فالخلاصة الثياب قسمان:
1 - مصنوعة بالآلات وشركات معروفة جاز بيعه جاز بيعه في كرتونه دون نشر.
2 - أما إذا كان ينسج باليد لابد من نشره.
أحمد: فسره بقول المؤلف، وفيه علتان: الجهالة، وصيغة العقد وهو الشرط.
واختار ابن القيم: منع الملامسة إنما هو للجهالة لا للتعليق بالشرط.
(2) والعلة فيه الجهالة بالمبيع فهو من بيوع الغرر.
(3) ولها تفسيرات متعددة، ذكر منها المؤلف: ارم الحصاة يقولها البائع للمشتري، فأي ثوب وقعت عليه الحصاة فهو لك بكذا، ففيه الجهالة.
في زمننا من بيوع الحصاة بيع اليانصيب بإحدى صوره: (أن يحضروا حلقة دائرية، ويضعوا سلعا متعددة، ويقولون: ارم، فما وقعت عليه فهو لك بكذا).
ومنه: ما اشتهر عند الصبيان (نجوم العرب)، ومنه لعبة (الطّنَّب).
(4) والحديث في الصحيحين، وهو محرم في مدة الخيار: خيار الشرط أو خيار المجلس، ويُنهى عنه بعد مدة الخيار لأنه يوغر الصدور، وهذا القول أولى ممن جوزه.
وكذا يمنع السوم على سوم أخيك، وهذا يختلف عن المزايدات-وفيه حديث أنس- وهو ليس من السوم على سوم أخيك،لأن هذا تدخل في الزيادة بعد أن استقر الأمر بينهما، أما المزايدة فالعرض مفتوح، وأما حديث (نهى عن المزايدة) ضعيف قال به بعض الفقهاء.
ويلحق بالبيع على بيع أخيك مسألة الإجارة والقرض والهبة، نص عليها ابن تيمية –رحمه الله تعالى-.
(5) معناه إذا جاء غريب ببضاعته فاستقبله المقيم بها،وأخذها منه ليبيعها له. وكذلك يدخل فيه الشراء، أي لا يشتري له من التجار.
والحكمة من النهي هو لكي يستفيد الناس بعضهم من بعض، وفي الحديث (دعوا الناس يرزق الله بعضهم من بعض).
ويخرج من هذه الصورة (من الباد) من كان عارفا بأسعار السوق، كذلك يخرج إذا طلب هذا الباد من الحضري.
وذهب أبو حنيفة وهو رواية عن أحمد أن النهي خاص بالزمن الأول للحاجة، وأن هذا الحديث منسوخ بحديث (الدين النصيحة)، وبعض الفقهاء قال: النهي للكراهة، وكل هذا لا دليل عليه.
(6) ليس هو البدوي! وإنما من كان أجنبيا عن البلدة.
(7) النجْش مأخوذ من نجشت الصيد، إذا أثرْت الصيد، وفيها تغرير بالمشتري.
والنجش صوره كثيرة: فقد يكون البائع هو الناجش، كأن يقول: سلعتي هذه أُعطيت بها خمسين درهما، وهو لم يُعط بها حتى عشرة دراهم.
من صوره: أن يزيد في سوم السلعة بأكثر من قيمتها حتى يأخذها المشتري بسعر أقل؛ ويتفرع عليه اليوم: تسعيرها بمائة مثلا ويبيعونها لك بخمسين.
حكم بيع النجش: جماهير العلماء على صحته، لأن النهي ليس عائدا إلى ذات المبيع وإنما لشيء خارج، وذهب بعض أهل العلم إلى أن بيع النجش فاسد، فأبطلوا البيع، والصواب القول الأول مع ثبوت الخيار للمغبون (وهو قول ثالث إذا كان الغبن فاحشا).
(8) وبعض الفقهاء ينص على القيد السابق وهو التغرير، ليخرج به من رأى أن السلعة تستحق هذه الزيادة وهو لا يريد الشراء.
¥