الثاني: حرملة بن يحيى أحد الحفاظ المشاهير من أصحاب الشافعي وكبار رواة مذهبه الجديد.
الثالث: الربيع الجيزي أحد أصحاب الشافعي والرواة عنه.
الرابع: إسماعيل بن يحيى أبو إبراهيم المزني المصري قال الشافعي: المزني ناصر مذهبي.
الخامس: يونس بن عبد الأعلى أحد أصحاب الشافعي وأئمة الحديث روى عنه مسلم في صحيحه وغيره.
السادس: الربيع بن سليمان المرادي صاحب الشافعي وخادمه وراوية كتبه الجديدة قال الشافعي فيه أنه أحفظ أصحابي.
الدور الثاني: نشوء المذهب وانتشاره (أصحاب الوجوه):
هم الذين أخذوا عن الإمام بواسطة كما أنهم خرجوا على المذهب ما لم ينص عليه الإمام. ومعنى تخريج الوجوه: استنباطها من كلام الإمام. وأصحاب الوجوه هم المراد بقولهم الأصحاب المتقدمون. وهم مرتبون عند العلماء ضمن طبقات فمنهم:
محمد بن نصر المروزي، وأبو سعيد الإصطخري، وأبو بكر الصيرفي، وأبو علي بن أبي هريرة، والقفال الشاشي، وابن سهل الصعلوكي، وأبو إسحاق الإسفراييني.
ثم طريقة العراقيين وأشهرهم: أحمد بن محمد بن أحمد الشيخ الإمام أبو حامد بن أبي طاهر الإسفراييني شيخ الشافعية في العراق. ثم طريقة الخراسانيين وعلى رأسهم: القفال المروزي وتبعه جماعة كوالد إمام الحرمين.
ثم ناقلوا الطريقين: فمنهم: الروياني وأبو إسحاق الشيرازي وإمام الحرمين والغزالي.
الدور الثالث: استقرار المذهب:
تَلَت فترة أصحاب الوجوه فترة أخرى، وهم ما اصطلح على تسميتهم بمجتهدي الفتوى، وهم المتبحرون في مذهب إمامهم، والقادرون على الترجيح دون الاستنباط، وأبرز هؤلاء الإمامان الشهيران عبد الكريم الرافعي ويحيى النووي.
ويُعَدَّا مرجحا المذهب فإذا اتفقا فالمذهب ما قالاه كما سيأتي وإذا اختلفا قُدِّمَ النووي.
الدور الرابع: التحرير الثاني للمذهب:
لقد استقر المذهب بعد الإمام النووي بحيث انضبط وعُرف المعتمد من غيره، وجاءت كل الأعمال بعدَه دائرةً في فَلَكِه ولكن كانت هناك جملة إشكالات منها:
اختلاف الترجيح والتصحيح في مصنفات الإمام النووي ووجود مسائل تكلَّم فيها المتقدمون ولم يوجد للشيخين ترجيح لها وتعارض كتب الإمامين وخاصة كتب النووي في التصحيح والتضعيف ... إلى غير ذلك.
لهذا كلِّه انتدب بعضهم نفسه للرد على ما ظن النووي خالف فيه المذهب وكان من أشهرهم عبد الرحيم الإسنوي والذي وضع كتابه المهمات في الرد على الشيخين، وتعقبه الأذرعي، وأفرد ابن شهبة كتابا مستقلا في الاعتراض على المهمات، ويحكى أن الأسنوي كان يفتي بما في الروضة وإن ضعفه في مهماته.
وأكثر اعتراضات الإسنوي من جهة أنه يرى أن ما قاله الأكثرون أو نص عليه الشافعي لا عدول عنه، والأمر ليس كذلك.
وهكذا غيره ممن اصطُلِح على تسميتهم بالنظار، حتى جاءَ ابن حجر الهيتمي وشمس الدين الرملي، فكانت مؤلفاتهما عمدة المتأخرين وكان عملهما مقتَصِرًا على الجوانب السابقة، فعملهم بمثابة ردم الفجوات التي حدثت في جدار المذهب، وليس لهما انتقاد الشيخين أو الخروج عما اجتمعا عليه أو تخطئة النووي حتى يجمع المتأخرون على سهوه وهذا مما لم يحدث.
وينبه ابن حجر لأمر مهم في معرفة المذهب فيما يتعلق بالمسائل التي تكلَّم عليها المتقدون ولم يتعرَّض لها الشيخان فقال: أن الكتب المتقدمة على الشيخين لا يعتمد شيء منها إلا بعد مزيد الفحص والتحري حتى يغلب على الظن أنه المذهب ولا يغتر بتتابع كتب متعددة على حكم واحد فإن هذه الكثرة قد تنتهي إلى واحد، ألا ترى أن أصحاب القفال أو الشيخ أبي حامد مع كثرتهم لا يفرعون ويؤصلون إلا على طريقته غالبا, وإن خالفت سائر الأصحاب فتعيَّن سبْرُ كتبهم، هذا كله في حكم لم يتعرض له الشيخان أو أحدهما. ا.هـ
وأصبح ما قاله الإمامان هو المعتمد في المذهب فإن اختلفا فبعضهم قدَّم الرملي وبعضهم قدَّم ابن حجر وقد سألتُ شيخنا مرَّةً عن هذا فقال:
بأيِّهما أخذت فأنت مصيب. والشيخ يَميل بل غالبُ أهل الشام إلى ترجيحات
ابن حجر وأهل مصر يميلون إلى ترجيحات الرملي.
ثم يأتي بعدهما شيخ الإسلام زكريا الأنصاري ثم الخطيب الشربيني ثم أعمد أهل الحواشي وهو الزيادي، وكما قال شيخنا: هم أهل الفتوى ولكنهم كلهم يدورون على مائدة الإمام النووي رضي الله عنه.
وللإمام النووي كتب كثيرة منها كتاب المنهاج وعليه مدار الفتوى والتدريس في العصور المتأخرة وله عدة شروح أعمدها:
تحفة المحتاج لابن حجر ونهاية المحتاج للرملي ومغني المحتاج للخطيب الشربيني وشرح المحلي له. ولشيخ الإسلام زكريا الأنصاري اختصار للمنهاج سماه منهج الطلاب
وقد نصحني الشيخ بحفظه وذكر لنا أن العلماء يهتمون به كثيرا وشَرَحَه مؤلفه
في كتاب: فتح الوهاب وفيه مسائل ضعيفة.
وفي العصور المتأخرة قَلَّت حركة التأليف وسادت التقريرات والحواشي على هذه الكتب. والله تعالى أعلم. قال:
16 - مُبَيِّنًا مَا اخْتَارَهُ بِنَقْلِهِ .. وَرُبَّمَا حَذَفْتُهُ مِنْ أَصْلِهِ
17 - إِنْ لَمْ أَجِدْ لِحَمْلِهِ دَلِيْلاَ .. وَلاَ إِلَى تَأْوِيْلِهِ سَبِيْلاَ
18 - وَقَدْ مَشَيْتَ مَشْيَهُ في الْغَالِبِ .. في عَدِّهِ وَحَدِّهِ الْمُنَاسِبِ
19 - فَجَاءَ مِثْلَ الشَّرْحِ في الْوُضُوْحِ .. وَكُنْتُ فِيْهِ كَالأَبِ النَّصُوْحِ
20 - أَرْجُوْ بِذَاكَ أَعْظَمَ الثَّوَابِ .. وَالنَّفْعَ في الدَّارَيْنِ بِالْكِتَابِ
21 - وَرَبُّنَا الْمَسْؤُوْلُ في نَيْلِ الأَمَلْ .. وَالْعَوْنِ في الإِتْمَامِ مَعْ حُسْنِ الْعَمَلْ
ونحن نسأل الله تعالى أن ييسر لنا فننتهي منه.
¥