تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ[رضا أحمد صمدي]ــــــــ[10 - 09 - 08, 11:26 ص]ـ

الفصل الأول:

في بيان وقت الفجر كما ورد في الأدلة الشرعية وكلام أهل العلم وتحقيق المقصود فيه.

اعلم أن وقت الفجر قد جاء توقيته في الشرع بثلاث طرق، وعليها دارت تفاسير أهل العلم من السلف والخلف ..

الطريق الأولى: هو تبين بياض النهار من سواد الليل، وهو الوارد في قوله تعالى:

وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِففي مسند أحمد والبخاري ومسلم قال صلى الله عليه وسلم:إنما ذلك بياض النهار وسوادالليل"، وليس فيه بيان وقت الفجر الكاذب، كما أن تحديد الوقت بتبين بياض النهار من سواد الليل قد لا يكفي في التعرف على الوقت.

وأشهر التفاسير المعتمدة في بيان بياض النهار وسواد الليل تفسيران:

الأول: أنه البياض الذي يظهر في الأفق ويكون ما فوقه سواد داكن، والنظر إلى بياض الأفق كاف في معرفة دخول وقت الفجر الصادق، وهذا التفصيل موافق للأحاديث الآتية في بيان صفة الفجر الصادق وأنه البياض المستطير في الأفق لاالمستطيل صُعُدا كأنه ذَنَب السِّرحان (الذئب). وهذا التفسير يعود للطريق الثانية.

الثاني:هو ما رواه ابن جرير عن مسلم بن جنادةقال: لم يكونوايعدُّون الفجر فجرَكم هذا، كانوا يعدُّون الفجرَ الذي يملأالبيوتَ والطرُق. وهذا هو الإسفار الأكبر، وهو انتشار الضوء في الجبال والوهاد.

وهذا التفسير مناسب لما ورد عن رافع بن خديج، عن النبي - صلى الله عليه وسلم -، قال: (أسفروا بالفجر؛ فإنه أعظم للأجر) خرجه الإمام أحمد وأبو داود والنسائي وابن ماجه والترمذي. وهذا الحديث صححه جمع من المتقدمين والمتأخرين لكن ضعفه ابن عبد البر ومال ابن رجب إلى تضعيفه ...

واستأنس هذا القول بما في بعض الروايات من اشتراط ظهورالضوء الأحمر المعترض، قال الخطابي:

معنى الأحمر ها هنا أن يستبطن البياضالمعترض أوائل حمرة، وذلك أن البياض إذا تتام طلوعه ظهرت أوائل الحمرة .. أهـ كلام الخطابي رحمه الله.

ويفهم من كلام الخطابي أن الاحمرار إنما يأتي بعد تمام الابيضاض فهو متأخر عنه بالضرورة وتتام الضوء الأبيض يقتضي الإسفار جدا. ومن افترض صحة حديث الإسفار بالفجر أوّله بتأويلين:

الأول: (أسفروا بالفجر) أي تيقنوا دخول الفجر.

الثاني: هل المراد إنارة الأفق بطلوع الفجرفيه ابتداء، أم إنارة الأرض بظهور النور على وجهها؟ هذا محل نظر.

وحمله على الأول أقرب؛ لأنه موافق فعل النبي - صلى الله عليه وسلم – وخلفائه الراشدين.

وعلى هذا المعنى يحمل كلام أحمد، بل هو ظاهره أو صريحه، وهو حسن. (بتصرف من فتح الباري لابن رجب).

الطريق الثانية:

هوحَدِيثِ سَمُرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ " لَا يَغُرَّنَّكُمْ مِنْ سُحُورِكُمْ أَذَانُ بِلَالٍ وَلَابَيَاضُ الْأُفُقِ الْمُسْتَطِيلِ هَكَذَا حَتَّى يَسْتَطِيرَ هَكَذَا " يَعْنِي مُعْتَرِضًا. وفي هذا الحديث إشارة إلى أمارة للفجر الكاذب وهو بياض الأفق المستطيل ...

وروى ابن أبي شيبة عن ثوبان مرفوعا: "الْفَجْرُ فَجْرَانِ: فَأَمَّا الَّذِي كَأَنَّهُ ذَنَبُ السِّرْحَانِفَ إِنَّهُ لَا يُحِلُّ شَيْئًا وَلَا يُحَرِّمُهُ، وَلَكِنَّ الْمُسْتَطِيرَ"وهذه الطريق تعتمد الإضاءة في الأفق علامة على دخول الفجر دون شيء آخر ...

والبياض المستطيرهوالبياض الملاصق للأفق، غير المستطيل وهو الإضاءة التي تذهب صاعدة في السماء وتتخذ أشكالا منها شكل كذنب السرحان (بكسر السين) وهو الذئب.

الطريق الثالثة:

في ذكر أمارات خارجة عن بياضالأفق المذكور،فمن ذلك ما رواه عروة بن الزبير، أن عائشة أخبرته، قالت: كُنَّ نِسَاءُ المؤمنات يَشْهَدْنَ مَعَ النَّبِيِّ صَلاةَ الفَجْرَ مُتَلَفِّعَاتٍ بِمُرُوطِهِنَّ، ثم يَنْقَلِبْن إلى بيوتِهن حين يَقْضِيْنَ الصلاة، لا يَعْرِفُهُنَّ أحدٌ من الغَلَسِ. رواه البخاري. قال ابن رجب: "فإن قيل: ففي حديث أبي برزة، أنه كان ينصرف من صلاة الغداة حين يعرف الرجل جليسه، وهذا يخالف حديث عائشة، قيل: لا اختلاف بينهما، فإن معرفة الرجل رجلاً يجالسه في ظلمة الغلس لايلزم منه معرفتُه - في ذلك الوقت - امرأةً مُنْصَرِفَةً مُتَلَفِّعَةً بِمِرْطِها، مُتَبَاعِدَةً عَنْهُ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير