تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وإن كان بينهما حائل يمنع الاستطراق دون المشاهدة كالشباك، ففيه وجهان:

أحدهما: لا يجوز، لأن بينهما حائلاً يمنع الاستطراق، فأشبه الحائط.

والثاني: يجوز، لأنه يشاهدهم، فهو كما لو كان معهم.

وإن كان بين الإمام والمأموم نهر، ففيه وجهان:

قال أبو سعيد الاصطخري: لا يجوز، لأن الماء يمنع الاستطراق، فهو كالحائط. والمذهب: أنه يجوز، لأن الماء لم يخلق للحائل، وإنما خلق للمنفعة، فلا يمنع الائتمام كالنار). المجموع شرح المهذب للنووي (4/ 193).

وقال النووي: (لو صلى في دار أو نحوها بصلاة الإمام في المسجد، وحال بينهما حائل لم يصح عندنا، وبه قال أحمد.

وقال مالك: تصح إلا في الجمعة. وقال أبو حنيفة: تصح مطلقاً.

وقال النووي أيضاً: يشترط لصحة الاقتداء علم المأموم بانتقالات الإمام، سواء صليا في المسجد، أو في غيره، أو أحدهما فيه، والآخر في غيره. وهذا مجمع عليه.

قال أصحابنا: ويحصل له العلم بذلك بسماع الإمام، أو من خلفه، أو مشاهدة فعله، أو فعله من خلفه، ونقلوا الإجماع في جواز اعتماد كل واحد من هذه الأمور، فلو كان المأموم أعمى اشترط أن يصلي بجنب كامل، ليعتمد موافقته مستدلا بها). المجموع (4/ 200).

وعند الحنابلة روايتان عن الإمام أحمد.

قال ابن قدامة: (فإن كان بين الإمام والمأموم حائل يمنع رؤية الإمام، أو من وراءه، فقال ابن حامد: فيه روايتان:

إحداهما: لا يصح الائتمام به. اختاره القاضي، لأن عائشة قالت لنساء كن يصلين في حجرتها: "لا تصلين بصلاة الإمام، فإنكن دونه في حجاب" ولأنه لا يمكنه الاقتداء في الغالب.

والثانية: يصح ... ولأنه أمكنه الاقتداء بالإمام، فصح اقتداؤه به من غير مشاهدة كالأعمى، ولأن المشاهدة تراد للعلم بحال الإمام، والعلم يحصل بسماع التكبير، فجرى مجرى الرؤية، ولا فرق بين أن يكون المأموم في المسجد، أو في غيره.

واختار القاضي أنه يصح إذا كانا في المسجد، ولا يصح في غيره ... (المغني 3/ 45).

وحاصل المذاهب أنه يصح أقتداء المأموم بالإمام إذا كان في المسجد، مطلقاً، سواء رأى الإمام أو من وراءه، أولا، أو كان بينهما حائل أو لا، إذا سمع التكبير فإن كان المأموم خارج المسجد اشترط في صحة اقتدائه شرطان: الأول: سماع التكبير، والثاني: رؤية الإمام أو رؤية من وارءه من المأمومين، ولو في بعض الصلاة، أو من شباك، ولو كان بينهما أكثر من ثلاثمائة ذراع، ولا يشترط اتصال الصفوف على الصحيح من المذاهب، إلا أن يكون بينهما طريق فيشترط ذلك. وبناء على ما تقدم، فإذا كانت الغرفة الخاصة المعدة لصلاة النساء في المسجد صح اقتداوهن بالإمام، إذا كن يسمعن التكبير، لا فرق في ذلك بين أن يكن جماعة من النساء أو امرأة بمفردها تقتدي بالإمام وإن كانت الغرفة خارج المسجد، لا يتمكن من فيها من رؤية الإمام أو المأمومين، فلا يصح الاقتداء حينئذ على مذهب الشافعية والحنابلة، ويصح على مذهب المالكية ومن وافقهم والأحوط اجتناب ذلك. والله أعلم.

المفتي: مركز الفتوى

-----

رقم الفتوى: 46394

عنوان الفتوى: الفاصل الحائل بين الإمام والمأموم

تاريخ الفتوى: 08 صفر 1425/ 30 - 03 - 2004

السؤال

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على أفضل المرسلين .... أما بعد:

أنا شاب من سوريا وأعيش في ليبيا وقد كلفت من خطيب مسجد بني حديثاً بالسؤال عن الفتوى التالية: لقد بنينا مسجداً كبيراً وبدأ المصلون يتوافدون أكثر فأكثر حتى اضطررنا إلى بناء قسم آخر ملصق بالقسم الأول، وبعد عدة شهور طالبت الجمعية المسؤولة عن المسجد ببناء قسم للنساء، فقمنا ببناء قسم ثالث ولكنه مفصول عن المسجد أي بينهم وبين المسجد فاصل يتعدى الـ 9 أمتار فهل يجوز ذلك، أفيدونا أفادكم الله؟

الفتوى

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد اختلف أهل العلم فيمن صلى خارج المسجد وبينه وبين إمامه حائل بحيث لا يراه ولا يرى أحداً ممن يراه من المأمومين، والأحوط المنع إلا لحاجة.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (وأما صلاة المأموم خلف الإمام خارج المسجد أو في المسجد وبينهما حائل، فإن كانت صفوف متصلة جاز باتفاق الأئمة، وإن كان بينهما طريق أو نهر تجري فيه السفن، ففيه قولان معروفان هما روايتان عن أحمد:

أحدهما: المنع، كقول أبي حنيفة.

والثاني: الجواز: كقول الشافعي.

وأما إذا كان بينهما حائل يمنع الرؤية والاستطراق، ففيهما عدة أقوال في مذهب أحمد وغيره. قيل: يجوز، وقيل: لا يجوز، وقيل: يجوز في المسجد دون غيره، وقيل: يجوز مع الحاجة، ولا يجوز بدون الحاجة، ولا ريب أن ذلك جائز مع الحاجة مطلقاً مثل أن تكون أبواب المسجد مغلقة، أو تكون المقصورة التي فيها الإمام مغلقة أو نحو ذلك، فهنا لو كانت الرؤية واجبة لسقطت للحاجة).

وعند المالكية يجوز الفصل بين الإمام والمأموم في جميع الحالات إلا إذا كان لا يسمع أقواله ولا يرى أفعاله ولا أقوال أو أفعال أحد من مأموميه، ففي مثل هذه الحالة فقط لا يجوز أن يقتدي به، قال الشيخ عليش في منح الجليل: وجاز فصل مأموم عن إمامه بنهر صغير أي غير مانع من سماع أقوال الإمام أو مأموميه أو رؤية أفعاله أو أفعال مأموميه ... أو طريق صغير كذلك، اللخمي: يجوز لأهل الأسواق أن يصلوا جماعة، وإن فرقت الطريق بينهم وبين إمامهم. 1/ 375.

لكن الذي ننصحكم به هو أن تسعوا لإصلاح المكان إن استطعتم بحيث تكون هناك رؤية من النساء للإمام، أو لمن يراه، وأما بالنسبة للحال الذي أنتم عليها الآن فالأولى أن تصلي النساء في بيوتهن فهي خير لهن، وبمثل هذا أفتى الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى.

والله أعلم.

المفتي: مركز الفتوى

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير