تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

ـ وقال: وَأَيْضًا فَقَدْ اتَّفَقُوا كُلُّهُمْ عَلَى الْخَمْرِ إذَا صَارَتْ خَلًّا بِفِعْلِ اللَّهِ تَعَالَى صَارَتْ حَلَالًا طَيِّبًا وَاسْتِحَالَةُ هَذِهِ الْأَعْيَانِ أَعْظَمُ مِنْ اسْتِحَالَةِ الْخَمْرِ وَاَلَّذِينَ فَرَّقُوا بَيْنَهُمَا قَالُوا: الْخَمْرُ نُجِّسَتْ بِالِاسْتِحَالَةِ فَطَهُرَتْ بِالِاسْتِحَالَةِ بِخِلَافِ الدَّمِ وَالْمَيْتَةِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ. وَهَذَا الْفَرْقُ ضَعِيفٌ؛ فَإِنَّ جَمِيعَ النَّجَاسَاتِ نُجِّسَتْ أَيْضًا بِالِاسْتِحَالَةِ. فَإِنَّ الدَّمَ مُسْتَحِيلٌ عَنْ أَعْيَانٍ طَاهِرَةٍ وَكَذَلِكَ الْعَذِرَةُ وَالْبَوْلُ وَالْحَيَوَانُ النَّجِسُ مُسْتَحِيلٌ عَنْ مَادَّةٍ طَاهِرَةٍ مَخْلُوقَةٍ. وَأَيْضًا فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى حَرَّمَ الْخَبَائِثَ لِمَا قَامَ بِهَا مِنْ وَصْفِ الْخَبَثِ كَمَا أَنَّهُ أَبَاحَ الطَّيِّبَاتِ لِمَا قَامَ بِهَا مِنْ وَصْفِ الطِّيبِ وَهَذِهِ الْأَعْيَانُ الْمُتَنَازَعُ فِيهَا لَيْسَ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ وَصْفِ الْخَبَثِ وَإِنَّمَا فِيهَا وَصْفُ الطِّيبِ. فَإِذَا عُرِفَ هَذَا: فَعَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ فَالدُّخَانُ وَالْبُخَارُ الْمُسْتَحِيلُ عَنْ النَّجَاسَةِ طَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ أَجْزَاءٌ هَوَائِيَّةٌ وَنَارِيَّةٌ وَمَائِيَّةٌ؛ وَلَيْسَ فِيهِ شَيْءٌ مِنْ وَصْفِ الْخَبَثِ. وَعَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ فَلَا بُدَّ أَنْ يُعْفَى مِنْ ذَلِكَ عَمَّا يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ كَمَا يُعْفَى عَمَّا يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ عَلَى أَصَحِّ الْقَوْلَيْنِ. وَمَنْ حَكَمَ بِنَجَاسَةِ ذَلِكَ وَلَمْ يَعْفُ عَمَّا يَشُقُّ الِاحْتِرَازُ مِنْهُ فَقَوْلُهُ أَضْعَفُ الْأَقْوَالِ.اهـ.

ـ وفي وضع آخر: سُئِلَ رَحِمَهُ اللَّهُ عَنْ اسْتِحَالَةِ النَّجَاسَةِ كَرَمَادِ السِّرْجِينِ النَّجِسِ وَالزِّبْلِ النَّجِسِ تُصِيبُهُ الرِّيحُ وَالشَّمْسُ فَيَسْتَحِيلُ تُرَابًا. فَهَلْ تَجُوزُ الصَّلَاةُ عَلَيْهِ أَمْ لَا؟

فَأَجَابَ: وَأَمَّا اسْتِحَالَةُ النَّجَاسَةِ: كَرَمَادِ السِّرْجِينِ النَّجِسِ وَالزِّبْلِ النَّجِسِ يَسْتَحِيلُ تُرَابًا فَقَدْ تَقَدَّمَتْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ. وَقَدْ ذَكَرْنَا أَنَّ فِيهَا قَوْلَيْنِ فِي مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَحْمَد. أَحَدُهُمَا: أَنَّ ذَلِكَ طَاهِرٌ وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَهْلِ الظَّاهِرِ وَغَيْرِهِمْ. وَذَكَرْنَا أَنَّ هَذَا الْقَوْلَ هُوَ الرَّاجِحُ. فَأَمَّا الْأَرْضُ إذَا أَصَابَتْهَا نَجَاسَةٌ؛ فَمِنْ أَصْحَابِ الشَّافِعِيِّ وَأَحْمَد مَنْ يَقُولُ: إنَّهَا تَطْهُرُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ بِالِاسْتِحَالَةِ. فَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مَعَ " مَسْأَلَةِ الِاسْتِحَالَةِ " ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ وَالصَّوَابُ الطَّهَارَةُ فِي الْجَمِيعِ كَمَا تَقَدَّمَ.اهـ.

ـ وقال في موضع آخر: وَلَكِنْ قَدْ يُقَالُ: هَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى " مَسْأَلَةِ الِاسْتِحَالَةِ " وَفِيهَا نِزَاعٌ مَشْهُورٌ فَفِي مَذْهَبِ مَالِكٍ وَأَحْمَد قَوْلَانِ وَمَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَهْلِ الظَّاهِرِ أَنَّهَا تَطْهُرُ بِالِاسْتِحَالَةِ وَمَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ لَا تَطْهُرُ بِالِاسْتِحَالَةِ. وَقَوْلُ الْقَائِلِ: إنَّهَا تَطْهُرُ بِالِاسْتِحَالَةِ أَصَحُّ فَإِنَّ النَّجَاسَةَ إذَا صَارَتْ مِلْحًا أَوْ رَمَادًا فَقَدْ تَبَدَّلَتْ الْحَقِيقَةُ وَتَبَدَّلَ الِاسْمُ وَالصِّفَةُ فَالنُّصُوصُ الْمُتَنَاوِلَةُ لِتَحْرِيمِ الْمَيْتَةِ وَالدَّمِ وَلَحْمِ الْخِنْزِيرِ لَا تَتَنَاوَلُ الْمِلْحَ وَالرَّمَادَ وَالتُّرَابَ لَا لَفْظًا وَلَا مَعْنًى وَالْمَعْنَى الَّذِي لِأَجْلِهِ كَانَتْ تِلْكَ الْأَعْيَانُ خَبِيثَةً مَعْدُومٌ فِي هَذِهِ الْأَعْيَانِ فَلَا وَجْهَ لِلْقَوْلِ بِأَنَّهَا خَبِيثَةٌ نَجِسَةٌ. وَاَلَّذِينَ فَرَّقُوا بَيْنَ ذَلِكَ وَبَيْنَ الْخَمْرِ قَالُوا: الْخَمْرُ نَجُسَتْ بِالِاسْتِحَالَةِ فَطَهُرَتْ بِالِاسْتِحَالَةِ فَيُقَالُ لَهُمْ: وَكَذَلِكَ الْبَوْلُ وَالدَّمُ وَالْعَذِرَةُ إنَّمَا نَجُسَتْ بِالِاسْتِحَالَةِ فَيَنْبَغِي أَنْ تَطْهُرَ بِالِاسْتِحَالَةِ.اهـ.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير