تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

والراجح أنها من القسم الحسن، وإسنادها قوي إذا كان الراوي عن عمرو بن شعيب: ثقة، والغالب على أحاديث هذه السلسة الاستقامة ([10])، واحتج بها وقواها جمع من الحفاظ.

وقد تكلمت عليها بتوسع في غير هذا الموضع.

وفي الباب:

(1) عن أبي هريرة t عند ابن حبان (7/ 253) من طريق: حماد بن سلمة، عن محمد بن عمرو بن علقمة، عن أبي سلمة بن عبدالرحمن، عن أبي هريرة ولفظه: (لا تنتفوا الشيب، فإنه نور يوم القيامة، ومن شاب شيبة في الإسلام كتب له بها حسنة، وحط عنه بها خطيئة، ورفع له بها درجة).

وهذا إسناد رجاله معروفون، وهم من المشاهير، وقد خرج لهم مسلم.

وحماد بن سلمة إمام، غير أن في حديثه تفصيل ([11]).

وسلسلة محمد بن عمرو، عن أبي سلمة، عن أبي هريرة؛ فيها كلام والأصل أنها من القسم الحسن ([12]).

ولكن هذا الإسناد غريبٌ جداً، فلم أقف عليه عند غير ابن حبان.

وقد جاء بعض هذا المتن عند القضاعي في مسند الشهاب (457) من طريق: عنبسة الحداد، عن مكحول، عن أبي هريرة. وهو غريب جداً ولا يصح.

(2) وأخرج مسلم (2341) عن قتادة عن أنس بن مالك t قال: (يكره أن ينتف الرجل الشعرة البيضاء من رأسه ولحيته).

ويلاحظ أن أنسًا لم يقل (أكره) وإنما قال (يُكره)، وهذا قد يكون له حكم الرفع. والله أعلم.

(3) وعن عمرو بن عبسة t ولفظه: (من شاب شيبة في سبيل الله كانت له نوراً يوم القيامة) ([13])، وهو حديث صحيح، صححه الترمذي، حيث قال: (حديث حسن صحيح غريب).

(4) وعن عمر بن الخطاب t عند ابن حبان (7/ 251) ولفظه: (من شاب شيبة في الإسلام كانت له نوراً يوم القيامة).

(5) وعن ابن عمر t عند العقيلي في الضعفاء (2/ 620) ولا يصح.

(6) وعن فضالة بن عبيد t عند أحمد (6/ 20)، والبزار (9/ 209)، والطبراني (18/ 304) ولا يصح.

(7) وعند معمر في جامعه (11/ 156 - الملحق بالمصنف) عن جابر، وهو الجعفي، عن أبي جعفر، وهو الباقر؛ أن حجاماً أخذ من شارب رسول الله e فكانت شعرة بيضاء فأراد أن يأخذها، فقال النبي e: ( دعها) كأنه أراد أن يستأصلها. وهذا مرسل، والجعفي متروك.

(8) وعند ابن أبي شيبة (13/ 260 - 261) برقم (26473) عن طلق بن حبيب: أن حجاماً أخذ من شارب النبي e فرأى شيبة في لحيته فأهوى إليها، فأخذ النبي e بيده وقال: (من شاب شيبة في الإسلام كانت له نوراً يوم القيامة). وهذا مرسلٌ أيضاً، فطلق بن حبيب هو العنزي من أجلة التابعين، من الطبقة الوسطى منهم، توفي بعد التسعين.

وهذا الحديث فيه مسائل:

المسألة الأولى: النهي عن نتف الشيب، وهذا النهي على القول الصحيح للتحريم؛ لأن هذا مقتضى النهي، قال في نيل الأوطار (1/ 143 - 144): (والحديث يدل على تحريم نتف الشيب؛ لأنه مقتضى النهي حقيقة عند المحققين ... قال النووي: لو قيل يحرم النتف للنهي الصريح الصحيح لم يبعد، قال: ولا فرق بين نتفه من اللحية والرأس والشارب والحاجب والعذار ومن الرجل والمرأة).

قلت: فالنهي يشمل الشعرة الواحدة فأكثر، وفي هذا تأكيدٌ على إبقاء شعر اللحية.

المسألة الثانية: عظيم الأجر المترتب على بقاء الشيب، فقد جُعل له أنواعاً من الأجر:

1 - أن هذا الشيب -ولو واحدة- يكون له نوراً يوم القيامة.

2 - ويرفعه الله تعالى به درجة.

3 - ويكتب له به حسنة.

4 - ويمحو عنه به سيئة.

وكل هذا تأكيدٌ على إبقاء الشيب في اللحية، وترغيبٌ فيه، فقد قرن الشارع بين النهي عن ذلك، مع ترتب الأجور العظيمة على من يفعل ذلك، وهذا أبلغ ما يكون من التأكيد.

قال ابن حبان (7/ 253): (ذكر كتبة الله جل وعلا الحسنات، وحط السيئات، ورفع الدرجات؛ للمسلم بالشيب في الدنيا).

المسألة الثالثة: دلالة هذا الحديث على تحريم قص اللحية، بقياس الأولى، وذلك من وجهين:

1 - أن النهي في الحديث جاء في نتف الشعر الأبيض من اللحية، فيكون في حق الشعر الأسود أشد وأغلظ حرمة. ذلك أن من يفعل هذا في الشيب إنما هو لقصد الحسن والجمال، والإيهام بصغر السن، وهو غير متحقق في نتف الشعر الأسود.

2 - أن النهي في الحديث جاء في نتف الشعر من اللحية، ولو كانت شعرةً واحدة، فيكون في حق من يقصها أشد وأغلظ حرمة؛ لأنه سيأخذ من عمومها شيئاً كثيراً.

والله أعلم.

هذا وقد ذهب جمع من السلف وأهل العلم إلى تحريم ([14]) الأخذ من اللحية.

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير