فعمل أهل المدينة عند الإمام مالك مقدم على الحديث كيف هو معروف، ولذلك قال الإمام بالإرسال، ومالك يقول بالقبض ولكنه يخصه بالقيام الطويل، والخبران اللذان ذكرهما مالك في الموطأ يؤيدان مشروعية القبض الذي يقول به مالك في النافلة، أي أن مالكا محتاج إلى الأدلة على القبض الذي يراه مشروعا في النافلة، فإن النافلة صلاة لا يجوز فيها شيء إلا بدليل أيضا، فتلك التي ساقها مالك في الموطأ أدلته، ومالك يقيد إطلاقها بعمل أهل المدينة .. ومن تدرير معاني ما رواه مالك فهم أنه يرمز إلى النوافل، ومن يتصور أن ثم تعارضا فهو كالذي يتوهم أن ثم تعارضا بين المطلق والمقيد، وهذا لا يقوله من عرف الأصول.
يوسف المالكي
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[11 - 12 - 10, 10:53 م]ـ
ما الذي يراه الشيخ عصام وفقه الله بعد هذا كله.
هل الكراهة معللة؟
وإذا كانت كذلك هل هي معللة بالمظنة أم بالمئنة (غير المظنة).
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[14 - 12 - 10, 12:16 ص]ـ
الجمد لله.
إخواني الفضلاء
بارك الله فيكم
مناقشة جادة وممتعة، ولكي يستمر النقاش هادفا ومفيدا أود أن أطلب النظر إلى المسألة عبر مراحل منفصلة عن بعضها، فإذا تمت الموافقة على مرحلة يمكن الانطلاق للمرحلة التالية، فأقول:
المرحلة الأولى: وصف موقف علماء المذهب من الرواية:
رواية ابن القاسم عن مالك حول القبض في الفرض ثابتة، ولكن من حيث دلالتها فيها تفسيران لعلماء المذهب:
التفسير الأول: القبض مكروه مطلقا نوى الاعتماد أم لا، أخذا بظاهر عبارة المدونة [أما تعليل الكراهة فأمر آخر، فقال ابن رشد كراهة أن يعد من واجبات الصلاة، وقيل بغير ذلك]
التفسير الثاني: القبض مكروه إن نوى الاعتماد، وهذا فقط ما تتحدث عنه الرواية، ولا يشمل كلام الإمام القبض في الفرض لغير الاعتماد.
التفسير الأول أخذ به البرادعي وابن رشد وابن يونس وغيرهم.
والتفسير الثاني أخذ به عبد الوهاب والباجي وغيرهما.
ورغم وجود هذين التفسيرين فقد استقرت حكاية المذهب على التفسير الأول، بمعنى سنية السدل وكراهة القبض.
وهذا القدر ليس محل جدال بين المتناظرين هنا.
المرحلة الثانية:
إذا سلم بما ذكر من ناحية وصف المنهج المستقر في المذهب، فإن ما ينبغي أن يوجه إليه النظر هو البحث حول أسباب اعتماد التفسير الأول ورد التفسير الثاني مع أنه أيضا منطلق من نص مالك نفسه، وتدعمه قواعد أصولية معتبرة في التفسير.
ولعلي أستمر في هذا النهج إذا قبلت المشاركة.
مرحبا بك أخي العزيز مفيدا ... ومعذرة على تأخر التواصل فكنت أحبذ الانتهاء مما كنا فيه قبل ... ثم أعرج على ما أفدتَ مشكورا.
عموما أخي الفاضل بداية موفقة لتطبيق المنهج (العقلي) العلمي الصحيح ... الذي يقوم على تحليل النص و نقده لفهمه فهما صحيحا .. وهذا ذكرني باصطلاح العراقيين في دراسة المدونة .. وإن لم يكنه .. فلعل الله يقوي عوارضنا للجمع بينه وبين اصطلاح أهل القيروان .. فنفوز باللذة العلمية ... وما ذلك على الله بعزيز ... وقديما قالوا: فاز باللذة الجسور ..
أخي الفاضل أظنه يحسن بنا ونحن ندرس النص محل البحث بتلك المنهجية أن يصاحبنا النص، ليكون قريبا منا، ثم ليشاركنا من شاء من إخواننا في محاولة جادة لفهم كلام أئمتنا الأوائل.
جاء في المدونة السحنونية 1/ 74 من الطبعة الأولى لساسي المغربي تحت عنوان: {الاعتماد في الصلاة والاتكاء ووضع اليد على اليد}:
(قال: وسألت مالكا عن الرجل يصلي إلى جنب حائط فيتكئ على الحائط، فقال: أما في المكتوبة فلا يعجبني، وأما في النافلة فلا أرى به بأسا، قال ابن القاسم: والعصا تكون في يده بمنزلة الحائط، قال: وقال مالك: إن شاء اعتمد، وإن شاء لم يعتمد، وكان لا يكره الاعتماد، قال: وذلك على قدر ما يرتفق به، فلينظر ما هو أرفق به فيصنعه. قال: وقال مالك: في وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة، قال: لا أعرف ذلك في الفريضة، ولكن في النوافل إذا طال القيام فلا بأس بذلك يعين به على نفسه.
سحنون: عن ابن وهب عن سفيان الثوري عن غير واحد من أصحاب سول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: أنهم رأوا رسول - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - واضعا يده المنى على يده اليسرى في الصلاة).
¥