مما يلاحظ هنا أن الإمام ابن رشد في بيانه:1/ 395 أشار لاختلاف وقع في رواية المدونة هنا .. يتعلق بسقوط جملة: (وكان يكرهه) من بعض الروايات .. وهذا اختلاف مؤثر .. كلٌ سيوظفه على حسب فهمه لكلام الإمام.
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[14 - 12 - 10, 01:08 ص]ـ
الحمد لله.
فأقول:
المرحلة الأولى: وصف موقف علماء المذهب من الرواية:
رواية ابن القاسم عن مالك حول القبض في الفرض ثابتة، ولكن من حيث دلالتها فيها تفسيران لعلماء المذهب ... ... ... .
سؤالي هنا - أخي الفاضل - هل كل علماء المذهب اعتمدوا في تفسيراتهم على نص المدونة مباشرة ... أم كان بعضهم يعتمده ... وبعضهم يعتمد بعض مختصراتها ... فمحقق (جامع ابن يونس) مثلا يقول: إنه كثيرا ما يعتمد تهذيب البراذعي ... والتهذيب كما استأثر بمكانة المدونة قديما .. فقد استأثر باسمها أيضا ... فأضحى يطلق عليه (المدونة) قال صاحب البوطليحية:
واعتمدوا التهذيب للبرادعي ... ... وبالمدونة في البرا دُعي
كلام الإمام المذكور نصه في المشاركة السابقة ... جاء في تهذيب البرادعي: 1/ 241 تحت عنوان [الاعتماد في الصلاة]- مع ملاحظة أن البرادعي لم يبوب كتابه بنفسه - كما يلي: (ويتوجه بيديه إلى القبلة، ولم يحد أين يضعهما، ولا يتكئ في المكتوبة على حائط أو عصا، ولا بأس به في النافلة، وإن شاء اعتمد على يديه للقيام أو ترك، [أي ذلك أرفق به فعل]، ولا يضع يمناه على يسراه في فريضة، وذلك جائز في النافلة لطول القيام).
أشار المحقق إلى أن في بعض النسخ بعد قوله: لطول القيام (يعين نفسه) وفي بعضها: (يعين به نفسه).
فانظر أخي إلى اختلاف النص بين المدونة الأم وبين التهذيب ...
أما في جامع ابن يونس:1/ 515 فقال رحمه الله.
(ومن المدونة: وكره مالك وضع اليمنى على اليسرى في الصلاة وقال لا أعرفه في الفريضة، ولا بأس به في النافلة، لطول القيام، يعين به نفسه).
ـ[مصطفى البشير]ــــــــ[14 - 12 - 10, 03:01 ص]ـ
اعتمد الشيخ عبد الله الغماري رحمه الله على نص المدونة والمختلطة في حمل كراهة مالك للقبض على الاعتماد، ورأى أن السبيل إلى إزالة الإشكال يكون بفهم نص المدونة فهما صحيحا، موافقا لغرض المتكلم به، ومما يعين على ذلك معرفة دلالة السياق والسباق؛ والمراد بالسياق الموضوع الذي سيق الكلام لأجله ودار البحث فيه، والمراد بالسباق ما يسبق الجملة المراد فهمها؛ فبمراعاة هاتين الدلالتين يظهر مراد المتكلم ظهورا بينا، وتصح نسبته إليه نسبة صحيحة، قال: وأكثر الخطأ في فهم كلام الفقهاء وسببه عدم الالتزام بما ذكر لغفلة أو ذهول. [ينظر الحجة المبينة لصحة فهم عبارة المدونة، ص 39، 40 (ط دار الكتب الحديثة، الدار البيضاء)].
لكن المدونة والمختلطة اشتهرت باختلاط المسائل ووقوعها في غير مظانها، وقد استمر هذا الأمر حتى بعد تهذيب سحنون لبعضها؛ منها على سبيل المثال مسألة الاكتفاء بتبييت الصوم في أول ليلة من رمضان، التي وردت في كتاب الرهون، قال عنها الرجراجي: (وهي المسألة التي يسميها الفقهاء: غريبة الرهون؛ لوقوعها في غير محلها)، وقد أبدى الرجراجي مهارة فائقة في التقاط هذه المسائل واستخراجها من أماكنها، بل ظهر في شروح المدونة نوع خاص يُعْنَى باستخراج هذه المسائل؛ منها:
1. تجريد المسائل الأجنبيات الواقعة في غير تراجمها من المدونة، لأبي إسحاق إبراهيم بن حسن بن عبد الرفيع الرَّبَعِيّ التونسيّ (ت 733 هـ) [ينظر كتاب العمر: 2/ 733].
2. المسائل الواقعة في المدونة في غير مواضعها، لأبي عبد الله محمد بن أحمد بن العافية، المعروف بالأحول المكناسيّ (كان معاصرا لأبي عبد الله محمد بن قاسم القَوْرِيّ (ت 872 هـ) [ينظر نيل الابتهاج، ص 531، وكفاية المحتاج: 2/ 165، 184].
فهل يمكن والحال هذا أن تكون مسألة وضع اليد على اليد أجنبية عن الباب؟
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[14 - 12 - 10, 09:28 ص]ـ
وفقكم الله وبارك فيكم.
... ... ورأى أن السبيل إلى إزالة الإشكال يكون بفهم نص المدونة فهما صحيحا، موافقا لغرض المتكلم به، ومما يعين على ذلك معرفة دلالة السياق والسباق؛ والمراد بالسياق الموضوع الذي سيق الكلام لأجله ودار البحث فيه، والمراد بالسباق ما يسبق الجملة المراد فهمها؛ فبمراعاة هاتين الدلالتين يظهر مراد المتكلم ظهورا بينا، وتصح نسبته إليه نسبة صحيحة، قال: وأكثر الخطأ في فهم كلام الفقهاء وسببه عدم الالتزام بما ذكر لغفلة أو ذهول.
وكلامه الأخير هو الذي أراه ينطبق على هذه المسألة ... وأحاول في هذه المشاركات إيضاحه من خلال كلام بعض أهل العلم ... ومن خلال مشاركات بعض الإخوة من أمثالكم ممن أوتي فهما وعلما وأدبا ... ولعلك بمعية أخينا الشيخ محمود محمود تتعرضون لبعض المسائل المنهجية المتعلقة بالتصنيف في المذهب المالكي، من حيث الرواية، والتصنيف الفقهي بين المتقدمين والمتأخرين، ومسائل الاختصار ... حسناته وسيئاته ... ثم إلى صناعة ما يفتى به في المذهب ... وكيف تم ذلك ... وصفات من يقوم به ... إلى غير ذلك من التفاريع المنهجية مما ألمح إليه أخونا محمود محمود.
¥