هذا ليس هو محل البحث، فمالك في رواية ابن القاسم ربط به الكراهة بكل وضوح، لكن يمكن لغير مالك ممن لا يرتضي الكراهة المضافة على أصل الوضع أن يقول: إن مناط الاعتماد لا يتحقق في حالة وضع اليمنى على اليسرى، فلا يكره من هذا الوضع شيء، كما يمكن لآخر مثله أن يقول: إن الاعتماد (الارتفاق) المتحقق بالوضع ليس هو الاعتماد المنهي عنه فلا يكره من الوضع شيء.
لكن في إطار تفسير رواية ابن القاسم لا أرى أن يتجه هذا القول.
ـ[الفهمَ الصحيحَ]ــــــــ[18 - 12 - 10, 11:22 ص]ـ
مشكلة المختصرات:
رغم أن للمختصرات فائدة عظيمة في تقريب المسائل للمحتاجين إليها، إضافة إلى فوائدها التعليمية، فإن لها بعض السلبيات من ناحية اعتمادها مصادر لاجتهادات المجتهدين، ...
انتشار المختصرات العلمية في القرون المتأخرة، واعتمادها في الدرس الفقهي وغيره ... مع ما تضمنه الكثير منها من الإغلاق في الاختصار، ... أدى إلى حاجة ملحة إلى وجود شروح تفك مغلقها، وهذا أدى بدوره إلى وجود حواش تبين ما غفل عنه الشراح، وبيان بعض مقاصدهم ... ثم وجود تعليقات وطرر تزيد الأمر وضوحا ... وأغلب كلام هؤلاء وهؤلاء كان منصبا على ما يمكن تسميته بالمشكلة اللفظية ... إحكام اللفظ ... وتدقيق العبارة ... ومدى توفر المانعية والجامعية ... الخ حتى أصبح الفقيه أو العالم في علم مّا عند بعضهم هو الذي يحسن فهم كلام أصحاب المتون .. وكلام شارحيهم ... ثم تحول إلى مجرد من يحسن حفظه واستظهاره ... فلما أدرك هذا بعضهم اجتهد في الإلغاز وتصعيب الأمر على الطلبة ... كي ينفرد بالعلم والفهم زعم ... فقال قائلهم: لا يجلس على موائدنا إلا من كان مثلنا ... وهكذا حتى لم يبق عند الكثيرين من العلم إلا محاولة فهم ما يقول الشيوخ وأرباب الحواشي ... ثم مجاراتهم في الإغلاق ... وكثرة إدخال الاحتمالات على كلامهم ... في سلسلة لا تنتهي ... وهذا مرض يصيب الكثيرين ممن يدمنون على قراءة الحواشي الفقهية وغيرها بدون تبصر ... وأرادوا امتداح طريقتهم تلك فنشروا بين الطلبة مقولة: العلم في الحواشي ... وإللي ما قراش الحواشي علمه ما تماشي ... فكان حال كثير من القوم كما قال العلامة ابن القيم: أوتوا ذكاءا ولم يؤتوا زكاءا ... وأوتوا علوما ولم يؤتوا فهوما ...
طبعا أنا أقول هذا الكلام مستحضرا لأهمية الكثير من الحواشي والتعاليق والطرر من حيث كونها جهدا علميا بشريا ... ولا أغض من قيمتها، ولكن الكلام منحصر في بعض المعايب التي شابت تلك الحواشي ... وتدني المستوى العلمي معها مقارنة بما كان عليه الأوائل من أهل العلم ...
ومستصحبا لفضائل أهل العلم ... محبا لهم مقدرا لجهودهم ... مفرقا بإذن الله بين الحب، ومعرفة الفضل، وتقدير الجهود، وبين التقديس للأشخاص، والتعصب لهم في ظاهر الأمر ... وعدم قبول أي محاولة للاستدراك علي بعضهم، فضلا عن تخطئته ... خاصة ممن كان في زماننا هذا ...
فالأمر عندي واضح جلي ... أجتهد أن أرتفع بنفسي أن يحتويني إمام ... أو يستهويني جميل لفظ، أو تشقيق عبارة عن دليل صريح ... أو نقل صحيح.
ومسألة احتواء الأوائل لعقلية كثير من المنتسبين للعلم من أهل عصرنا ومن قبله ... وانتشار مقولة: كم ترك الأول للآخر ... بفهمها الخاطئ مصيبة أخرى في مجال العلم لا لعا لها ... وإن قرأ القوم كتب مناهج البحث العلمي ... وتعلقوا به اسما لا رسما.
فكل ذلك - أيها الموفق - عقبات في طريق العلم الصحيح ... أرجو أن تبينها ببناك مؤيَّدا بفعالك، صحبة أخينا الشيخ مصطفى ومن شارككما في هذا الموضوع ... فقد أنست منكم رشدا ... وألفيت منكم فهما وأدبا.
ـ[عصام الصاري]ــــــــ[18 - 12 - 10, 11:43 م]ـ
وجزاك اللهُ خيراً، أخي المفضال/ محمود محمود، على نظرك فيما كتبتُ، وهذه منةٌ منك عليَّ تستحقُّ الشكرَ:
قد قرأتُ ملاحظاتكم ونقدَكم على مشاركتي السابقة، وسُررتُ به أيما سرورٍ، إلا أن لي ملاحظاتٍ مهمةً أحببتُ أن أَذكُرَها لكم لتنظروا فيها وإن كان فيها شيءٌ من الطُول لما يقتضيه المَقامُ.
¥