ـ[محمود محمود]ــــــــ[22 - 12 - 10, 09:55 م]ـ
تلخيص ابن رشد للمذهب في المسألة:
تحدث ابن رشد عن المسألة في موضعين من البيان والتحصيل، إضافة إلى نصه في المقدمات، وهذه هي النصوص:
المقدمات
" ويستحب ...... وضع اليدين إحداهما على الأخرى في الصلاة، وقد كرهه مالك في المدونة، ومعنى كراهيته أن يعد من واجبات الصلاة "
الموضع الأول من البيان: 1/ 394
العتبية
وسألته عن وضع الرجل إحدى يديه على الأخرى في الصلاة المكتوبة يضع اليمنى على كوع اليسرى وهو قائم في الصلاة المكتوبة أو النافلة، قال: لا أرى بذلك بأساً في النافلة والمكتوبة.
قال محمد بن رشد:
قوله لا أرى بذلك بأساً يدل على جواز فعل ذلك في الفريضة والنافلة من غير تفصيل،
وذهب في رواية ابن القاسم عنه في المدونة إلى أن ترك ذلك أفضل من فعله، لأنه قال فيها: لا أعرف ذلك في الفريضة وكان يكرهه، ولكن في النوافل قال: إذا طال القيام فلا بأس بذلك يعين به نفسه وسقط " وكان يكرهه " في بعض الروايات، فالظاهر من مذهبه فيها مع سقوطه أن تركه أفضل، لأن معنى قوله لا أعرف ذلك في الفريضة، أي لا أعرفه فيها من سننها ولا من مستحباتها. وفي قوله إنه لا بأس بذلك في النافلة إذا طال القيام ليعين به نفسه دليل على أن فيه عنده بأساً إذا لم يطل القيام، وفي الفريضة وإن طال القيام، وأما مع ثبوت وكان يكرهه فالأمر في ذلك أبين، لأن حد المكروه ما في تركه أجر وليس في فعله وزر.
وذهب في رواية مطرف وابن الماجشون عنه في الواضحة إلى أن فعل ذلك أفضل من تركه، وهو الأظهر لما جاء في ذلك من أن الناس كانوا يؤمرون به في الزمان الأول، وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعله.
فيتحصل في المسألة ثلاثة أقوال:
أحدها أن ذلك جائز في المكتوبة والنافلة لا يكره فعله ولا يتسحب تركه، وهو قوله في هذه الرواية، وقول أشهب في رسم شك في طوافه من سماع ابن القاسم من كتاب الجامع،
والثاني أن ذلك مكروه يستحب تركه في الفريضة والنافلة إلا إذا طال القيام في النافلة فيكون فعل ذلك فيها جائزاً غير مكروه ولا مستحب، وهو قول مالك في المدونة وفي رسم شك في طوافة من كتاب الجامع،
والثالث أن ذلك مستحب فعله في الفريضة والنافلة مكروه تركه فيها، وهو قوله في رواية مطرف وابن الماجشون عنه في الواضحة. وقد قيل في قوله تعالى: ((فصل لربك وانحر)) إن المراد بذلك وضع اليد اليمنى على الذراع اليسرى في الصلاة تحت النحر،
وقد تأول أن قول مالك لم يختلف في أن ذلك من هيئة الصلاة التي تستحسن فيها، وأنه إنما كرهه ولم يأمر به استحساناً مخافة أن يعد ذلك من واجبات الصلاة. والأظهر أنه اختلاف من القول، والله أعلم.
الموضع الثاني: 18/ 71
العتبية
فى وضع اليد اليمنى على اليد اليسرى فى الصلاة
وسئل مالك عن وضع اليد اليمنى على اليد اليسرى فى الصلاة أترفع إلى الصدر أم توضع دون ذلك؟ فقال ليس فيه حد، وإنما يصنع مثل هذا فى الصلاة التى يطول فيها، ولم ير أنه يصنع فى الصلاة المكتوبة. قال ابن القاسم: بلغنى أنه قال فى النافلة ترك ذلك أحب إلى، ولكن الذى جاء إنما هو فى النافلة، ولم يعجبه ذلك فى المكتوبة. قال أشهب: لا بأس به فى المكتوبة والنافلة، وقد جاء عن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - أنه رئى واضعاً يده اليمنى على اليسرى فى الصلاة، وقد جاء عنه أنه قال استراحة الملائكة فى الصلاة وضع اليمنى على كوع اليسرى فى الصلاة.
قال محمد بن رشد: إنما سأله عن وضع اليد اليمنى على اليسرى هل ترفع إلى الصدر أو توضع دون ذلك، إذ قيل فى قول الله عز وجل: " فصل لربك وانحر " المراد بذلك وضع اليد اليمنى على اليد اليسرى فى الصلاة تحت النحر، وفى ذلك غير قول. قال بعض أهل التأويل: حظه على المواظبة على الصلاة المكتوبة وعلى الحفظ عليها فى أوقاتها بقوله " فصل لربك " وبوضع اليمنى على اليسرى عند النحر فى الصلاة بقوله " وانحر " أى واضممها إلى صدرك. وقال بعضهم: إنما عنى بذلك فصل لربك المكتوبة، وبقوله وانحر نحر البدن بمنى. وقال أنس بن مالك إنما كان النبى - صلى الله عليه وسلم - ينحر يوم العيد قبل أن يصلى العيد فقال الله له " فصل لربك وانحر "، فأمره أن يصلى ثم ينحر. وقال محمد بن كعب القرطى إنما قيل له ذلك لأن قوماً كانوا يصلون وينحرون لغير الله، فقيل له اجعل صلاتك ونحرك لله إذ كان من يكفر بالله يجعله لغيره. وقال الضحاك بل المعنى فى ذلك فادع ربك واسأله. وقال بعضهم المعنى فى ذلك واستقبل القبلة بنحرك.
وفى وضع اليد اليمنى على اليسرى فى الصلاة خلاف، والذى يتحصل فى ذلك ثلاثة أقوال:
أحدها أن ذلك جائز فى المكتوبة والنافلة ولا يكره فعله ولا يستحب تركه، وهو قول أشهب فى هذه الرواية وقول مالك فى رسم الصلاة الأول من سماع أشهب من كتاب الصلاة،
والثانى أن ذلك مكروه فيستحب تركه فى الفريضة والنافلة إلا إذا طال القيام فى النافلة فيكون فعل ذلك فيها جائزاً غير مكروه ولا مستحب، وهو قول مالك فى هذه الرواية وفى المدونة،
والثالث أن ذلك مستحب فعله فى الفريضة والنافلة مكروه تركه فيهما، وهو قول مالك فى رواية وطرف وابن الماجشون عنه فى الواضحة.
¥