تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[ما صحة مقولة (كل مولود يولد على الظاهر)]

ـ[هشام بن عبد الوهاب المصري]ــــــــ[24 - 11 - 07, 04:29 م]ـ

السلام عليكم ورحمة الله وبركاته

أحبائي أهل الحديث

(كل مولود يولد على الظاهر)

هذا ما قاله أحد الظاهرية فهل يصح هذا الكلام؟؟

ـ[أبو مالك العوضي]ــــــــ[24 - 11 - 07, 06:09 م]ـ

وعليكم السلام ورحمة الله وبركاته

إن كان يقصد بالظاهر الفطرة فهو صحيح.

وإن كان يقصد مذهب داود وابن حزم فهو غير صحيح.

ـ[أبو حازم الكاتب]ــــــــ[24 - 11 - 07, 10:25 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

بارك الله في شيخنا أبي مالك ويظهر شيخنا أنه أراد به المعنى الثاني وقد ذكر قبل ذلك قصة طفل ثم أردفها بقصيدة جميلة يقول:

(بسم الله الرحمن الرحيم

دخل الطفل البالغ من العمر خمس سنين دكاناً لبيع الخضار ..

ناول البائع ربع دينار قائلاً: أعطني بهذه باذنجان ..

قال له البائع: خذ من ذلك الصندوق ..

أخذ الطفل حبة باذنجان واحدة وهم بالخروج ..

ناداه البائع: يا بني حبة واحدة لا تكفي خذ أكثر ..

فتناول الطفل أخرى وهم بالخروج ...

ضحك البائع فنظر إليه الطفل وقال:

كم حبة (يطلع لي) بالربع دينار؟

قال: خذ ثلاث حبات وضعها في هذا الكيس ..

ففعل الطفل ما طُلب منه حرفيا ًواستدار للخروج ..

فقال له البائع: (هات) أعطني الكيس لأوزّنه ..

فأعطاه الطفلُ الكيس وإني لأرى في وجهه الضجر

وكأنه يقول: ما كان ضرك يا عم لو طلبت مني منذ البداية

أن أضع ثلاث حبات من الباذنجان في الكيس وأعطيك إياه ....

هذه الأقصوصة جرت أمامي فقلت:

(جادَكَ الغيثُ إذا الغيثُ هَمى ..... يا زمانَ الوصلِ بالأندَلُسِ

لم يكن وصلُكَ إلا حُلُما ..... في الكرى أو خِلسَةَ المُختَلِسِ)

ما شَمَمتُ الزّهرَ إلا خِلتُها ..... مالِ ذكراها وفوحِ الياسَمين

مالت الأغصانُ يشجي مَيلُها ..... من بِه وجدٌ ودمعٌ لا يُعين

هائِمٌ في حبِّ لميا حُسنُها ..... قاصرٌ عنه خَيالُ الواصِفين

قائدُ الأرواحِ طَوعاً قَدُّها ..... شاكَلَ الغُصنَ وَحاشا أن تَلين

كل مولودٍ على الظاهرِ ما ..... يَرتَضي القولَ بجَهلِ القِيَسِ

عندَهُ الآراءُ لاتروي الظّما ..... أوتبل الحلقَ بعد اليَبَسِ

حُجَّةُ الظاهرِ مَتنٌ مُنزَلُ ..... لا يُداني مُعضَلاً أو مُرسَلا

طالبٌ للنصِّ فوراً يعمَلُ ..... تاركاً رأيَ إمامٍ لو عَلا

خالقُ الأكوانِ أنّى يُسأَلُ ..... أو يُعَلِّل حكمَهُ مَن عَلَّلا

أو يُعارِض أمرَهُ مَن يَعقِلُ ..... أو يُزَوِّد قولَه مَن قَوَّلا

اطلُب العلمَ كَأسلافٍ حَمى ..... نهجَهُم كلُّ إمامٍ قَبَسِ

مسلمٌ وابنُ بُخارى عَلَّما ..... فافهَمِ النصَّ صَريحاً واتَسي

حاولوا إخواني ملاحظة الأطفال حولكم أو استعادة عهد طفولتكم ..

تأملوا كيف يفهمون الأوامر والنواهي ..

كيف يسألون وكيف يجيبون عن الأسئلة ..

كيف يضحك منهم الكبار عندما يأخذون الكلام على ظاهره ..

فالأطفال على فطرتهم أما الكبار فقد قطعوا شوطاً طويلاً

في ابتعادهم عن الفطرة .. ) انتهى

وهناك فرق بين أن نقول كل مولود يولد على مذهب داود وابن حزم وبين أن نقول كل مولود يولد على الظاهر فالأول ليس بصحيح كما ذكر شيخنا أبو مالك.

وأما أن الأصل في النصوص الظاهر فهذه صحيح كما أن الأصل فيها العموم لا الخصوص والأصل فيها الإحكام لا النسخ والإشكال بين الجمهور والظاهرية ليس في هذا، وإنما الإشكال هل لهذه النصوص التي أخذ بظاهرها معاني وعلل تعطي عموماً لا يقتصر على النص ومن ثم يحصل الإلحاق أو أننا نجمد على النص ولا نتعدى حروفه؟ وهل هذا الظاهر يمكن تأويله إلى معنى آخر لدليل أو لا؟ وما هو هذا الدليل الذي يمكن أن يكون صارفاً للنص عن ظاهره إلى المعنى المؤول؟ فهذه مواطن الخلاف وليس موطن الخلاف في الأخذ بالظاهر فجمهور أهل العلم يأخذون بذلك لكن الظاهر كما يكون في الألفاظ يكون في المعاني فالقرآن نزل بلسان العرب والنبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - يتكلم بلسان عربي وعليه فيحمل الكلام لفظاً ومعنى على استعمال العرب ولا يخفى على عاقل عالم بلغة العرب أنهم يستعملون الألفاظ وينظرون إلى معانيها وأغراضها ومقاصدها وعللها فضلاً عن دلالة النصوص على تأكيد هذا النظر وتصرفات النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - مع الصحابة شاهدة بهذا المقصد الشرعي، وتصرفات أصحاب رسول الله - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - وفتاويهم كلها تدل على هذا المسلك وهو إجماع الأئمة من التابعين وأتباعهم والأئمة الأربعة إلى أن ظهر داود _ رحمه الله _ وتلاميذه ثم ابن حزم _ رحمه الله _ فخرجوا عن هذا الأصل.

وقد قال النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ -: " من يرد الله به خيراً يفقهه في الدين " متفق عليه من حديث معاوية 1 - رَضِيَ اللَّهُ عَنهُ -

والفقه في اللغة هو الفهم وقال بعضهم هو الفهم الدقيق وقال آخرون هو معرفة غرض المتكلم والصحيح أنه الفهم مطلقاً ويدخل فيه معرفة غرض المتكلم ومقصده.

وأما الاعتماد على الظاهر فهو فطرة الخلق وسنتهم وطبيعتهم وعليه يعتمدون في معاشهم وأسفارهم ومآكلهم ومشاربهم ومناكحهم وملابسهم ومراكبهم وهذا كله لا إشكال فيه كما سبق.

والله أعلم

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير