تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

[العبادات الواردة على وجوه متنوعة]

ـ[أبو حازم الكاتب]ــــــــ[24 - 11 - 07, 06:20 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

والصلاة والسلام على رسول الله وبعد:

إن من فضل الله عز وجل على هذه الأمة أن شرع لهم هذه الشريعة الكاملة العادلة والتي رفع عنها الحرج والمشقة وإن من خصائص هذه الشريعة شمولها للمكلفين وأحوالهم وشمولها للأزمنة والأمكنة بحيث يمكن للمسلم ان يعبد الله على كل حال وفي كل وقت فلا يُحرم بذلك الأجر، ومما ينبني على هذه قاعدة جليلة وهي ما ورد في الشريعة من سنن ومستحبات ومندوبات على وجوه متنوعة وصفات متعددة قولية وفعلية كصفات الاذان والإقامة وقيام الليل واستفتاحات الصلاة وأدعية الركوع والسجود والتورك والذكر بعد الصلاة وصلاة الخوف والقراءات وغير ذلك.

وقد اختلفت تسمية أهل العلم لهذا النوع من العبادات:

1 - فسماه ابن قتيبة اختلاف التغاير.

2 - وسماه الأكثر كالشافعي وأحمد وإسحاق وداود وابن المنذر وابن خزيمة وابن حبان والطبري والخطابي والزركشي والحازمي وابن قدامة وابن القيم الاختلاف المباح.

3 - وسماه ابن تيمية اختلاف التنوع.

4 - ويرى الشاطبي أن هذا مما يذكر ضمن الخلاف وهو ليس خلافاً حقيقياً.

والقاعدة السليمة في ذلك هو القول بمشروعية ذلك كله وفعله هذا تارة وهذا تارة ما لم يرد دليل يدل على نسخ أو ضعف بعض الصور أو ترجيح بعضها على بعض وقد قرر هذه القاعدة شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله وغيره من أهل العلم.

يقول شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: (وقاعدتنا فى هذا الباب أصح القواعد أن جميع صفات العبادات من الأقوال والأفعال إذا كانت مأثورة أثرا يصح التمسك به لم يكره شيء من ذلك بل يشرع ذلك كله كما قلنا فى أنواع صلاة الخوف وفى نوعي الأذان الترجيع وتركه، ونوعي الإقامة شفعها وإفرادها، وكما قلنا فى أنواع التشهدات وأنواع الاستفتاحات وأنواع الإستعاذات وأنواع القراءات وأنواع تكبيرات العيد الزوائد وأنواع صلاة الجنازة وسجود السهو والقنوت قبل الركوع وبعده والتحميد باثبات الواو وحذفها وغير ذلك لكن قد يستحب بعض هذه المأثورات ويفضل على بعض اذا قام دليل يوجب التفضيل ولا يكره الآخر ... ) مجموع الفتاوى (24/ 242 - 243)

ثم إن شيخ الإسلام ابن تيمية ذكر سبعة أوجه تدل على صحة هذه القاعدة وهي:

(أحدها: أن هذا هو اتباع السنة والشريعة فإن النبى - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّم َ - إذا كان قد فعل هذا تارة وهذا تارة ولم يداوم على احدهما كان موافقته فى ذلك هو التأسي والاتباع المشروع وهو أن يفعل ما فعل على الوجه الذى فعل؛ لأنه فعله.

الثانى: أن ذلك يوجب إجتماع قلوب الأمة وائتلافها وزوال كثرة التفرق والاختلاف والاهواء بينها وهذه مصلحة عظيمة ودفع مفسدة عظيمة ندب الكتاب والسنة إلى جلب هذه ودرء هذه قال الله تعالى: {واعتصموا بحبل الله جميعا ولا تفرقوا} وقال تعالى: {ولا تكونوا كالذين تفرقوا واختلفوا من بعد ما جاءهم البينات} وقال تعالى: {إن الذين فرقوا دينهم وكانوا شيعا لست منهم فى شىء}.

الثالث: أن ذلك يخرج الجائز المسنون عن ان يشبه بالواجب فان المداومة على المستحب أو الجائز مشبهة بالواجب ولهذا أكثر هؤلاء المداومين على بعض الأنواع الجائزة أو المستحبة لو انتقل عنه لنفر عنه قلبه وقلب غيره أكثر مما ينفر عن ترك كثير من الواجبات لأجل العادة التى جعلت الجائز كالواجب.

الرابع: إن فى ذلك تحصيل مصلحة كل واحد من تلك الأنواع فان كل نوع لابد له من خاصة وان كان مرجوحا فكيف إذا كان مساويا وقد قدمنا ان المرجوح يكون راجحا فى مواضع.

الخامس: أن فى ذلك وضعا لكثير من الآصار والأغلال التى وضعها الشيطان على الأمة بلا كتاب من الله ولا أثارة من علم فإن مداومة الإنسان على أمر جائز مرجحا له على غيره ترجيحا يحب من يوافقه عليه ولا يحب من لم يوافقه عليه بل ربما ابغضه بحيث ينكر عليه تركه له ويكون ذلك سببا لترك حقوق له وعليه يوجب ان ذلك يصير إصرا عليه لا يمكنه تركه وغلا فى عنقه يمنعه أن يفعل بعض ما أمر به وقد يوقعه فى بعض ما نهى عنه، وهذا القدر الذى قد ذكرته واقع كثيرا فإن مبدأ المداومة على ذلك يورث اعتقادا ومحبة غير مشروعين ثم يخرج إلى المدح والذم والأمر والنهى بغير حق ثم يخرج ذلك إلى

¥

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير