تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

3 - أن الزكاة تجب في المال {خُذْ مِنْ أَمْوَالِهِمْ صَدَقَةً} [التوبة: 103] وبعث النبي صلّى الله عليه وسلّم معاذاً إلى اليمن، وقال: "أعلمهم أن الله افترض عليهم صدقة في أموالهم تؤخذ من أغنيائهم فترد على فقرائهم" والدين يجب في الذمة لا في المال؛ ولذلك لو تلف المال الذي بيدك كله لم يسقط عنه شيء من الدين، فلو استقرض مالاً واشترى به سلعاً للبيع والشراء والاتجار، ثم هلك المال لم يسقط الدين؛ لأنه يتعلق بالذمة، والزكاة تجب في عين المال، فالجهة منفكة وحينئذ لا يحصل تصادم أو تعارض.

القول الثالث: أن الأموال الظاهرة تجب فيها الزكاة، ولو كان عليه دين ينقص النصاب، والأموال الباطنة لا تجب فيها الزكاة إذا كان عليه دين ينقص النصاب.

والأموال الظاهرة هي: الحبوب، والثمار، والمواشي.

والأموال الباطنة هي: الذهب والفضة، والعروض؛ لأن الزكاة تجب في قيمتها وهي باطنة.

واستدلوا بما يلي:

أولاً: العمومات "في كل أربعين شاة شاة".

ثانياً: أن الرسول صلّى الله عليه وسلّم كان يبعث العمال لقبض الزكاة من الأموال الظاهرة دون أن يأمرهم بالاستفصال مع أن الغالب على أهل الثمار أن تكون عليهم ديون.

ثالثاً: أن الأموال الظاهرة تتعلق بها أطماع الفقراء؛ لأنهم يشاهدونها، فإذا لم يؤد زكاتها بحجة أن عليه ديناً والدين من الأمور الباطنة؛ فإن الناس إذا رأوا أنه لم يؤد الزكاة عن هذه الأموال الظاهرة سيسيئون به الظن، وكما أن في عدم إخراج الزكاة في هذه الحال إيغاراً لصدور الفقراء.

ولكن هذا القول وإن كان يبدو في بادئ الرأي أنه قوي لكنه عند التأمل ضعيف؛ لأن استدلالهم بالعمومات يشمل الأموال الباطنة، ولأن كون الرسول صلّى الله عليه وسلّم يبعث العمال ولا يستفصلون يدل على أن الزكاة تتعلق بالمال، ولا علاقة للذمة فيها، وهذا لا فرق فيه بين المال الظاهر والمال الباطن؛ ولأن الدَّيْن أمر باطن تستوي فيه الأموال الظاهرة والأموال الباطنة.

والذي أرجحه: أن الزكاة واجبة مطلقاً، ولو كان عليه دين ينقص النصاب، إلا ديناً وجب قبل حلول الزكاة فيجب أداؤه ثم يزكي ما بقي بعده، وبذلك تبرأ الذمة، ونحن إذا قلنا بهذا القول نحث المدينين على الوفاء.

فإذا قلنا لمن عليه مائة ألف ديناً، ولديه مائة وخمسون ألفاً، والدين حال: أدِّ الدين، وإلا أوجبنا عليك الزكاة بمائة الألف، فهنا يقول: أؤدي الدين، لأن الدين لن أؤديه مرتين.

وهذا الذي اخترناه هو اختيار شيخنا عبد العزيز بن باز. والتفريق بين الأموال الظاهرة والباطنة اختيار شيخنا عبد الرحمن بن سعدي رحمه الله.

وهذا الذي رجحناه أبرأ للذمة، وأحوط، والحمد لله "ما نقصت صدقة من مال" كما يقوله المعصوم عليه الصلاة والسلام.

والله أعلم

ـ[أبوبدر ناصر]ــــــــ[31 - 12 - 07, 04:13 م]ـ

جزاك الله خيرا على هذا التفصيل الطيب

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير