فييعلم من هذا كله ان السكينة الورادة في قوله تعالى (يَأْتِيَكُمُ التَّابُوتُ فِيهِ سَكِينَةٌ) هي روح الهي او تستلزم روحا الهي من امر الله توجب سكون القلب واستقرار النفس وربط الجاش. وهذا الفهم للاية الكريمة انما استفدناه ببركة الجمع بينها وبين الايات الكريمة المتقدمة.
واما هذه السكينة هل هي على شكل ريح خجوج هفافة، لها رأسان، ووجه كوجه الإنسان .. او هي شيء، يشبه الهرة، له جناحان .. أو هي طشت من ذهب الجنة، كان يُغسل فيه قلوب الأنبياء فهذا لا يمكن استفاده لا من الاية الكريمة وحدها ولا مع غيرها بل لابد من ان نرجع به الى الروايات الواصلة الينا وبما ان هذه الروايات هي متساوية الحجية بمعنى انها كلها صحاح ولا يوجد مرجح لاحدها على الاخر
فلا مانع من الاخذ بهذه الروايات الثلاث وتكون كلها مصاديق للاية الكريمة
بحيث ان المعنى الكلي الماخوذ ـ وهو ما يوجب سكينة القلب واستقرار النفس وربط الجأش ـ في الاية الكريمة قابل للانطباق على كل واحد من هذه الروايات الثلاث. وهذا لا محذور فيه عند العرف وتكون هذه الروايات الثلاث كلها مصاديق واشارات الى ما يوجب السكون. وهذا من قبيل
عباراتنا شتى وحسنك واحد * وكل إلى ذاك الجمال يشير
ومن هذا يتضح الجواب عما ذكره اخونا خالد بالنسبة الى الشق الاول من اشكاله واما الشق الثاني هو: ثمّ كيف تكون السكينة معنوية وحسب، فتحتاج الى تابوت يحويها وملائكة تحملها، و تُعطف على مجهول آخر وهو بقية مما ترك آل موسى و آل هارون؟
فجوابه من قال انها معنوية وحسب بل فيها ادراك وشعور وهذا يتضح مما كتبته سابقا ولعل الاخ لم يمعن القرائه فيه جيدا.
واما ما ذكره اخونا محمد من الحديث:"من قال بالقرآن برأيه ..... " لم تصح له طريق, ولم يثبت له سند, فهو ليس بحجة!.
فهو كلام صحيح لورود سفيان بن وكيع فيه الذي قال عنه أبو زرعة: متهم بالكذب.
وكذلك لورود أحمد عبد الأعلى الثعلبي الذي ضعفه أحمد وأبو زرعة.
ولكن ضعف سنده لا ينافي الجزم بصحة مضمونه، لأنه مؤيد بالعقل والنقل.
ولم اسمع عن احد من علمائنا قاطبة يقول بجواز واباحة التفسير بالرأي بل حرمته من القطعيات الواضحة. وان وجدت من يقول بالجواز فأتحفني به واكون لك من الشاكرين.
ـ[الامين]ــــــــ[01 - 07 - 2005, 11:54 م]ـ
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
نعتذر من الاخوة الكرام عن تاخر الرد والمناقشة بسب ضيق المجال واختلال البال ووقوع العوائق وهجوم العلائق، ونسال من الجواد الكريم المسامحة عند الهفوة والعفو عن الزلة فيما طغى فيه القلم أو يزل فيه الفكر انه غفور رحيم.
وتحية طيبة مقرونة بأسمى معاني التقدير والاحترام الى كل من اخونا جمال حسني و اخونا محمد بن عبد الله واخونا خالد عبد الرحمن بارك الله فيهم جميعاً.
وابدأ مع الاخ الكريم محمد بن عبد الله حيث قال: فإن صح عن علي وعن ابن عباس ومجاهد رضي الله عنهم ما رويتم .......... فتلك هي الطامة الكبرى!.
إذ كيف نجمع بين مختلف في واحد؟؟.
وليس هناك سبيل إلى التوفيق والجمع ... فإما هرة وإما طست من ذهب؟؟.
وقبل الجواب على ما ذكره لابد من بيان مقدمة:
وهي ان مرجع المعارضة بين الدليلين _ اذا تمت مقومات حجيتهما بمعنى ان كلا منهما لو خلي ونفسه ولم يحصل ما يعارضه لكان حجة يجب العمل بموجبه ـ هو في الحقيقة التكاذب بينهما بحيث كل منهما يكذب الاخر ولا يجتمعان على الصدق كما لو ورد خبر يقول صلي ثم ورد خبر اخر يقول لا تصل، فهنا لا يمكن الجمع بين الخبرين فاذا لم يوجد مرجح في البين تصل النوبة الى التساقط في كلا الدليلين ونرجع الى العمومات الفوقانية او الاصول المؤمنة ونحو ذلك.
وهذا النحو من التعارض يكون مستحكما فيما اذا لم يكن للعرف نظر فيهما والا اذا كان له نظر بحيث لو عرضا عليه لجمع بينهما كما هو الحال في العام والخاص فان العرف يرى الخاص قرينة مفسرة للمراد من العام، ولئن كان بينهما تعارض فهو تعارض غير مستقر بنظره. وكذلك الحال في المطلق والمقيد.
وجميع ذلك راجع إلى تحكيم العرف في فهم الادلة بمجموعها، كما يكون هو المحكم في فهم كل دليل بنفسه مع قطع النظر عن غيره.
¥