تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وهذا الإدعاء أضعف مما سبقه، بل إن فيه تقوّلاً على الله تعالى بغير علم. فلو أن الباحث أمعن النظر في آيات القرآن الكريم، لوجد أن لفظة " اسم " لم يقتصر اقترانها على " أسماء الله الحسنى " و " أسماء الأنداد " - كما زعم - وإنما جاء بصريح القرآن الكريم ما يدلّ على غير ذلك.

تدبّر معي قول الحق تبارك وتعالى: " إِذْ قَالَتِ الْمَلآئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ " (آل عمران: 45)، وقوله تعالى: " يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى لَمْ نَجْعَل لَّهُ مِن قَبْلُ سَمِيًّا " (مريم: 7)، وقوله تعالى: " وَإِذْ قَالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللَّهِ إِلَيْكُم مُّصَدِّقًا لِّمَا بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْرَاةِ وَمُبَشِّرًا بِرَسُولٍ يَأْتِي مِن بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ " (الصف: 6)، وقوله تعالى: " فَلَمَّا وَضَعَتْهَا قَالَتْ رَبِّ إِنِّي وَضَعْتُهَا أُنثَى وَاللّهُ أَعْلَمُ بِمَا وَضَعَتْ وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى وَإِنِّي سَمَّيْتُهَا مَرْيَمَ " (آل عمران: 36).

وكما ترى فإن ما جاء في الآيات هو أسماء لأنبياء، وتسمية للصدّيقة مريم – عليهم جميعاً أفضل الصلاة والتسليم – قال بها القرآن الكريم صراحة. فكيف يزعم الباحث أن " الأسماء " في القرآن لم ترد إلا كـ" أسماء الله الحسنى " أو كـ" أسماء الأنداد "؟ وحتى إن كان قصده في قوله " الأسماء " هو صيغة الجمع، فدليله هذا لا يصلح للاحتجاج أيضاً ..

بل إن في هذا النظم الحكيم لدليل قاطع على أن " الأسماء " التي علّمها الله آدم عليه السلام، إنما هي أسماء الأنبياء والصالحين والصديقين من ذريته، كما قاله غير واحد من المفسرين:

" اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ " + " اسْمُهُ يَحْيَى " + " اسْمُهُ أَحْمَدُ " = " أسماء "!!!

===> " قَالَ يَا آدَمُ أَنبِئْهُم بِأَسْمَآئِهِمْ "!!!

فأنبأهم آدم - مثلاً - بأن هذا اسمه عيسى ابن مريم، وذاك اسمه أحمد، وهذا من أعماله كيت وكيت، وذاك من بطولاته ذيت وذيت .. وهذا ما سنبيّنه في خاتمة البحث إن شاء الله تعالى.

يتبع ..

ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[14 - 07 - 2005, 02:29 ص]ـ

الدليل الخامس:

يقول الباحث: «الأسماء في القرآن بهذا الذكر الصريح لم ترد إلا في اثنتين، إما بما يراد به الله الأوحد " ولله الأسماء الحسنى "، وإما بما يراد به " الأنداد " وما يُعبد من دون الله عموماً. والملائكة لا تختار، ولهذا لم يعلموا " أسماء " هؤلاء، أما المخلوق الجديد، فخلق يختار، وحتى يختار، فله عند الله أن يفطر فيه و" يعلّمه " الخيارين ويهديه النجدين، ثم يسأله ربه ما يشاء، ليختار هو بعدها ما يشاء.»

ولقد بيّنا تهافت ادّعائه بالنسبة للأسماء وما زعم فيها. وأما قوله عن ذلك المخلوق الجديد – الإنسان – بأن «له عند الله أن يفطر فيه ويعلمه الخيارين .. ليختار هو بعدها ما يشاء»، ففيه لبس وخلط للمفاهيم. فقد التمسنا من ظاهر قوله إن الله يفطر الإنسان على الخير والشرّ ويعلّمه الخيارين، أي: خيار الخير وخيار الشرّ. وإن كان فهمنا لما ذكر صحيحاً، فهذا يعني أن الله تعالى علّم " المخلوق الجديد " أسماءه الحسنى، وعلّمه أسماء الأنداد وما يُعبد من دون الله، ليختار هو بعدها ما يشاء، أي: إما أن يعبد هذا المخلوق الجديد الله سبحانه وتعالى، وإما أن يعبد الطاغوت. وهذا لا يخلو أيضاً من ضعف. وبيانه من وجوه:

الأول:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير