تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[14 - 07 - 2005, 04:59 م]ـ

الدليل السادس:

يقول الباحث: «وكما ذكرنا آنفا، فالأسماء في كتاب الرب لا إله إلا هو، واحدة من اثنتين، إما أسماؤه هو، أو أسماء الأنداد التي يتخذها " الكافرون المختارون لأفعالهم " الذين افتتحت السورة عليهم وعلى نقيضم من المؤمنين. " فالأسماء الحسنى " التي لا تنبغي إلا للرب الأوحد لا إله إلا هو، ذُكرت في الكتاب أربع مرات: في الأعراف وفي الإسراء وفي طه وفي الحشر، وقصة آدم حاضرة صراحة في الثلاثة الأوَل منها. أما أسماء " الأنداد " – تعالى الله عن الند والشبيه - فهي في الأعراف كذلك أولاً، وهذا وحده محل إشارة والتفات، أن تجتمع " الأسماء " وتذكر أول ما تذكر بضديها، في المحل الواحد، وفي السورة التي تتحدّث بالذات عن الفرق بين الفريقين من المؤمنين والكافرين! وجاء الذكر على لسان هود: " أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤكُم "، وفي يوسف: " مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء "، وفي النجم: " إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم "

ولا أدري، لماذا أسقط الباحث عبارة " مَّا أَنزَلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ " من الآيات التي استدلّ بها؟ حيث جاء في الأولى: " أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤكُم مَّا نَزَّلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ فَانتَظِرُواْ إِنِّي مَعَكُم مِّنَ الْمُنتَظِرِينَ " (الأعراف: 71)، وجاء في الثانية: " مَا تَعْبُدُونَ مِن دُونِهِ إِلاَّ أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَآؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِنِ الْحُكْمُ إِلاَّ لِلّهِ أَمَرَ أَلاَّ تَعْبُدُواْ إِلاَّ إِيَّاهُ ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لاَ يَعْلَمُونَ " (يوسف: 40)، وجاء في الثالثة: " إِنْ هِيَ إِلَّا أَسْمَاء سَمَّيْتُمُوهَا أَنتُمْ وَآبَاؤُكُم مَّا أَنزَلَ اللَّهُ بِهَا مِن سُلْطَانٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَمَا تَهْوَى الْأَنفُسُ وَلَقَدْ جَاءهُم مِّن رَّبِّهِمُ الْهُدَى " (النجم: 23). ولعلّ السبب في ذلك: أنه سيجعل تأويله عندئذ واضح التهافت، إذ سيثير عند القاريء الإحساس بوجود تناقض في كلامه. فهذه الآيات – كما هو واضح لكل ذي عقل سليم – لا حُجّة له فيها. وذلك من وجوه:

الأول:

كيف يدّعي صاحبنا أن الله علّم آدم عليه السلام " أسماء " لم ينزّل بها سبحانه وتعالى من سلطان؟ والسلطان: الحُجّة التي يصدّق بها المخالفُ، سُمّيت سلطاناً لأنّها تتسلّط على نفس المعارض وتقنعه، ونَفَى أن تكون الحُجّة منزلة من الله لأنّ شأن الحُجّة في مثل هذا أن يكون مخبَراً بها من جانب الله تعالى، لأنّ أمور الغيب ممّا استأثر الله تعالى بعلمه. وهذا ينفي أن يكون الله تعالى قد علّم آدم " أسماء الأنداد وما يُعبد من دون الله ".

الثاني:

إن البشر - كما يذكر القرآن الكريم - هم الذين يصنعون الطاغوت، ويتّخذون منه أصناماً وآلهة من غير دليل ولا برهان، وكلها من جعل أنفسهم، وسمّوها تسمية هي من تلقاء أنفسهم كذلك، ثم يتلقّاها الخلف عن السلف (يُنظر: تفسير ابن كثير، ج2، ص402). والطاغوت الذي يحذّر منه القرآن - بعدما حذّرت منه جميع دعوات الرسل فيما سبق من الزمان – هو صنم يُعبد من دون الله سبحانه وتعالى، ولكن ليست له صورة واحدة، فهو يتشكّل في صور كثيرة، ويظهر في قوالب متعدّدة. قال الطبري: «الطاغوت: هو كل ذي طغيان على الله، فعُبد من دونه، إما بقهر منه لمن عبده، وإما بطاعة ممن عبده له، إنساناً كان ذلك المعبود أو شيطاناً أو وثناً أو صنماً أو كائناً ما كان من شيء» (تفسير الطبري، ج3، ص19). وقال ابن القيم: «الطاغوت: ما تجاوز به العبد حدّه من معبود أو متبوع أو مطاع، فطاغوت كل قوم مَن يتحاكمون إلى غير الله ورسوله، أو يعبدونه من دون الله، أو يتبعونه على غير بصيرة من الله، أو يطيعونه فيما لا يعلمون أنه طاعة الله» (تيسير العزيز الحميد في شرح كتاب التوحيد لسليمان بن عبد الوهاب، ص50).

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير