تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الرابع: المتأمّل في فحوى كلام الباحث أبي عرفة – حفظه الله - يرى أنه في زعمه هذا قد خالف نصّاً قرآنياً، لأن الله عزّ وجلّ يقول: " إِنَّ الَّذِينَ لَا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ الْمَلَائِكَةَ تَسْمِيَةَ الْأُنثَى * وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِن يَتَّبِعُونَ إِلَّا الظَّنَّ وَإِنَّ الظَّنَّ لَا يُغْنِي مِنَ الْحَقِّ شَيْئًا * فَأَعْرِضْ عَن مَّن تَوَلَّى عَن ذِكْرِنَا وَلَمْ يُرِدْ إِلَّا الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * ذَلِكَ مَبْلَغُهُم مِّنَ الْعِلْمِ إِنَّ رَبَّكَ هُوَ أَعْلَمُ بِمَن ضَلَّ عَن سَبِيلِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ بِمَنِ اهْتَدَى " (النجم 27 - 30). فها هو القرآن ينفي العلم عن المشركين بما سمّوا به الملائكة، أي: بأنها بنات الله - سبحانه وتعالى عما يشركون – ومن ثم فهو يؤكّد أيضاً على أنهم بهذه التسمية ما يتبعون إلا الظن (إن هي إلا أسماء سمّيتموها).

يقول أبو السعود: " لَيُسَمُّونَ ?لْمَلَـ?ئِكَةَ " المنزهينَ عن سماتِ النقصانِ على الإطلاقِ أي يسمون كلَّ واحدٍ منهم " تَسْمِيَةَ ?لأُنثَى? "، فإن قولَهم الملائكةُ بناتُ الله قولُ منهُم بأنَّ كلاً منهم بنتُه سبحانَهُ، وهي التسميةُ بالأُنثى، وفي تعليقِها بعدمِ الإيمانِ بالآخرةِ إشعارٌ بأنَّها في الشناعةِ والفظاعةِ واستتباعِ العقوبةِ في الآخرةِ بحيثُ لا يجترىءُ عليها إلا مَنْ لا يؤمنُ بَها رأساً. وقولُه تعالى: " وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ " حالٌ من فاعِل يسمُّون أي يسمونَهم، والحالُ أنَّه لا علمَ لهم بما يقولونَ أصلاً. " إِن يَتَّبِعُونَ " في ذلكَ " إِلاَّ ?لظَّنَّ " الفاسدَ " وَإِنَّ ?لظَّنَّ "، أي جنسَ الظنِّ كما يلوحُ به الإظهارُ في موقعِ الإضمارِ " لاَ يُغْنِى مِنَ ?لْحَقّ شَيْئًا " من الإغناءِ، فإن الحقَّ الذي هو عبارةٌ عن حقيقةِ الشيءِ لا يُدرك إلا بالعلمِ، والظنُّ لا اعتدادَ به في شأنِ المعارفِ الحقيقيةِ وإنما يعتدُّ به في العملياتِ وما يؤدِّي إليها ".

ويقول ابن عاشور: " وجملة " وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ " حال من ضمير " يسمون "، أي يثبتون للملائكة صفات الإِناث في حال انتفاء علم منهم بذلك، وإنما هو تخيل وتوهم إذ العلم لا يكون إلا عن دليل لهم فنفي العلم مراد به نفيه ونفي الدليل على طريقة الكناية ".

ويقول الشوكاني: " قوله: " إِنَّ ?لَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِ?لآخِرَةِ لَيُسَمُّونَ ?لْمَلَـ?ئِكَةَ تَسْمِيَةَ ?لآنثَى? " أي: أن هؤلاء الذين لا يؤمنون بالبعث، وما بعده من الدار الآخرة، وهم الكفار يضمون إلى كفرهم مقالة شنعاء، وجهالةً جهلاء، وهي أنهم يسمون الملائكة المنزهين عن كل نقص تسمية الأنثى، وذلك أنهم زعموا أنها بنات الله، فجعلوهم إناثاً، وسموهم بنات. " وَمَا لَهُم بِهِ مِنْ عِلْمٍ " هذه الجملة في محل نصب على الحال، أي: يسمونهم هذه التسمية، والحال أنهم غير عالمين بما يقولون، فإنهم لم يعرفوهم، ولا شاهدوهم، ولا بلِّغ إليهم ذلك من طريق من الطرق التي يخبر المخبرون عنها، بل قالوا ذلك جهلاً وضلالةً وجرأة ".

والله أعلم

يتبع ..

ـ[محمد التويجري]ــــــــ[26 - 07 - 2005, 08:27 م]ـ

للرد أو السؤال عن موضوع " وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء كُلَّهَا " .. تصحيح التصحيح! اضغط هنا ( http://www.alfaseeh.net/vb/showthread.php?t=7521)

جميع الردود ستحذف سواء كانت قبل هذا الرد أو بعده

ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[11 - 08 - 2005, 01:48 ص]ـ

الدليل الثامن:

يقول الباحث: «لعلّ ما لم يُجَب عليه في التفاسير ولم يشف سائلاً، ذلك السؤال: لماذا الإشارة إلى العاقل؟ فكان المؤوّلون كلهم يسألون هذا السؤال ويقفون عنده، وهذا أبلغ دليل أنه عرض مشكل، وإلا لما سأل أحد. ولكنهم تأولوّها على ما لا يقنع ولا يرضي. بيد أن القرآن يكشفها بجلاء، فحيثما وردت الأنداد والأصنام في القرآن، أُنزلت منزلة العواقل (يقصد العقلاء)، ولعلّ أجلاها ما تكشفه سورة الأنبياء - ولا شكّ أنهم هم الخلفاء المقصودون بـ" إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً " – فتتبّع معنا خطاب إبراهيم عليه الصلاة والسلام في الآيات من سورة الأنبياء " الخلفاء "، وكيف تَعرض الضمائر بشكل لا يدع مجالاً للشك: " وَلَقَدْ آتَيْنَا

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير