ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[19 - 08 - 2005, 08:14 م]ـ
الأخ العزيز لؤي الطيبي:
أسأل الله أن يزيدكم علما وإيمانا.
أشكركم على إضافتكم القيمة, وهي عين ما قصدت الإشارة إليه, ولكنكم أعطيتموه شرحا واسعا.
وملخص ذلك كما سبقت الإشارة إليه أن (واو) التفصيل بين مثنى وثلاث ورباع تدل على التخيير, وهذا التخيير ليس إلزاميا, فبإمكان الذي لديه زوجتان أن يأخذ ثالثة وهكذا.
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[20 - 08 - 2005, 01:01 ص]ـ
تحقيقا لرغبة الأخ الكريم الضاد1 أواصل معكم بقية البحث حول الآية الكريمة:
" قالوا إنْ هذان لساحران يريدان أن يخرجاكم من أرضكم بسحرهما" - طه: 63
قلت إن (إن المخففة) مهملة, وهذان مبتدأ مرفوع.
في القراءة الأخرى بإنَّ المشددة:
" قالوا إنَّ هذان لساحران "
في هذه القراءة سعى العلماء لإيجاد مخرج نحوي يفسر مجيء الكلمة (هذان) بالرفع.
أشرت فيما تقدم إلى أنه حدث حلاف بين علماء النحو حول الموقع الإعرابي للكلمة (هذان) التي يجب أن تكون منصوبة بإن المشددة.
قلت: إن أرجح الأراء لحل هذا الإشكال هو الاستناد إلى لغة بلحارث بن كعب، وخثعم، وزبيد، وكنانة وبني الهجيم, وبني العنبر وعذرة ومراد, والتي ترى استعمال المثنى بالألف دائما.
سأشير إلى بقية الأراء التي حاولت أن تجد مخرجا نحويا لمجيء الكلمة (هذان) بالألف وذلك استكمالا للبحث حول الأية الآنفة الذكر, تنمية للذوق النحوي.
أولا: ما ذهب إليه المبرد والكسائي وآخرون:
يرى هؤلاء أن الكلمة "إنَّ" بمعنى نعم مثلُهَا فيما حكي أن رجلا سأل ابن الزبير شيئا ً فلم يعطه، فقال: لعن الله ناقة حملتني إليك، فقال: إنَّ وراكِبَهَا، أي نعم ولعن الله راكبها، و"إن" التي بمعنى نَعَم لا تعمل شيئا ً، كما أن نَعَم كذلك، فـ (هذان) مبتدأ مرفوع بالألف، و (ساحران) خبر لمبتدأ محذوف، أي: لهما ساحران، والجملة خبر (هذان). (1)
وقد استشهدوا ببيت شعر اعبد الله بن قيس الرقيات:
بكرت علي عواذلي
يَلحينَني وألومهنَّهْ
ويقلن شيب قد علا
ك, وقد كبرت فقلت إنهْ (2)
وقد استحسن أبو إسحاق هذا الرأي.
ونتيجة المناقشة ألخصها فيما يلي:
- - إذا كانت (إنَّ) بمعنى (نعم) فإنه ما بعدها (هذان) يكون مرفوعا لأنه مبتدأ, وساحران خبر مرفوع, واللام لا يدخل على خبر مبتدأ إلا في الحالات الشاذة جدا كما في قول الشاعر:
أم الحُلَيس لعجوزُ شَهربَة
ترضى من اللحم بعظم الرقبة.
- حدث خلاف بين العلماء حول مجيء (إن) بمعنى (نعم) فبين مؤيد ومعارض.
- الكلمة (إنه) في البيت المشار إليه, تعرب الهاء فيها على إنها اسم إن, والخبر محذوف تقديره كذلك.
- أما في المقطع الذي ذكره ابن الزبير (إن وراكبها) فالخبر محذوف, تقديره: إن وصاحبها ملعونان.
- أشارآخرون إلى مجيء (إنَّ) بمعنى نعم في بعض الأبيات:
قالوا: غدرتَ فقلتُ إنَّ وربما
نال العلى وشَفى الغليل الغادرُ
هذا البيت جاء بلا نسبة في تذكرة النحاة, وجواهر الأدب, وشرح المفصل.
وقول آخر:
ليت شعري هل للمحب شفاُ
من جوى حبهنَّ إنَّ اللقاء
لقد تتبع بعض العلماء هذه البيت فلم يجدوه في مرجع لغوي يعتمد إليه.
- يوجد إشكال لغوي على التقدير الذي أيده الزجاج, وصاحب شذور الذهب: نعم هذان لهما ساحران.
-
والنتيجة النهائية:
إن تفسير (إنَّ) في الآية الشريفة بمعنى نعم, رأي ضعيف, وقد رفضه جمع من العلماء.
---
- (1) شذور الذهب.
- (2) شرح شواهد المغني.
أتمنى أن أكون وفقت لإيضاح هذا الرأي, ولا زال البحث مستمرا حول الآية لمناقشة الأراء الأخرى:
ـ[الضاد1]ــــــــ[20 - 08 - 2005, 09:50 م]ـ
د. أبو طالب، جزاك الله خير الجزاء، لدي الأسئلة التالية:
إنّ: هل دائماً (كقواعد نحو) تأتي أداة نصب بجانب التوكيد؟
لأنه لربما أن تأتي (إنّ) أداة زائدة للتوكيد ... احتمال رقم 1 إن صلح تسميته
إحتمالاً
هل أستطيع أن أقدر الجملة تفسيراً ومعنىً: إنما هذان
ساحران؟ فاستبدلت (ما) الكافة بـ (لـ) في
(لساحران) وحذف المبتدأ (هما)؟ .... إحتمال
رقم 2 .... أيضاً إن صلح.
وبارك الله بك
ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[20 - 08 - 2005, 11:15 م]ـ
الأخ العزيز الضاد 1:
أشكر لكم متابعتكم واهتمامكم.
الحرف (إنَّ) حرف توكيد ونصب, ناسخ (مشبه بالفعل) , تدخل على الجملة الإسمبة فتنصب المبتدأ وترفع الخبر.
لا تستعمل (إنَّ) مهملة أبدا, وإذا ورد ما يوحي بخلاف ذلك, فإن اسمها يكون محذوفا ضمير الشأن كقول الأخطل:
إن من يدخل الكنيسة يوما
يلقَ فيها جآذرا وظباء
إنَّ: حرف توكيد ونصب.
مَن: اسم شرط جازم, واسماء الشرط لا يعمل ما قبلها في ما بعدها, ولا يعمل فيها ما قبلها.
اسم (إنَّ) ضمير الشأن محذوف.
وانطلاقا من هذه النقطة أعرض الرأي الثاني الذي جاء به بعضهم لإيجاد تفسير لمجيء (هذان) بالرفع:
الرأي الثاني:
قالو: إن الأصل (إنه هذان لهما ساحران) فالهاء ضمير الشأن، وما بعدها مبتدأ وخبر، والجملة في موضع رفع على أنها خبر "إنَّ" ثم حُذف المبتدأ.
والرد على هذا يتلخص فيما يلي:
- إن حذف اسم إن غير جائز إلا في الضرورات الشعرية, شرط عدم مباشرتها للفعل, كما في قول الشاعر:
إن من يدخل الكنيسة يوما
يلق فيها جآذرا وظباء.
- عدم جواز دخول اللام في الخبر, حيث أن ذلك من الأمور الشاذة.
حول استفسارك:
الجملة - إنما هذان ساحران - صحيحة لفظا, ولكنها لا تعطي حلا حلا لغويا للآية التي بصدد البحث.
¥