تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وأمّ الكتاب " وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ "، ترتبط بعلم الله تعالى الكاشف المطلق لما سيكون، علماً مسجّلاً في اللوح المحفوظ، وبالتالي فإن أمّ الكتاب (اللوح المحفوظ) عند الله تعالى، هي في عالم ما فوق المادة والمكان والزمان. وبالتالي لا تناسبها صيغة المشيئة التي نراها ترتبط بالمحو والإثبات كمسألتين متناقضتين، إنما تناسبها صيغة الإرادة. ومما يؤكّد أيضاً أن المحو والإثبات مسألة لا علاقة لها بأمّ الكتاب، هو حرف الواو الاستئنافية في العبارة القرآنية " وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ".

وهكذا فالمحو والإثبات مسألة ترتبط بعالم الخلق ضمن إطار مشيئة الله تعالى، ولذلك نرى كيف أن المسألتين المتناقضتين تتعلّقان بمشيئة واحدة (ورود كلمة يشاء مرة واحدة لكلمتي يمحو ويثبت) .. ولا يمكن لمسألة المحو والإثبات أن تتعلّق بالآيات القرآنية التي تنتمي لعالم الأمر الذي لا يحوي المتناقضات، وكذلك لا يمكنها أت تتعلّق بأمّ الكتاب المرتبطة بعلم الله تعالى الكاشف لما سيكون (القدر) ..

ولو كان المحو والإثبات يتعلّقان بآيات القرآن الكريم، لكانت الآية الكريمة على الشكل التالي: (محا الله ما أراد وأثبت ما أراد في أم الكتاب)، أو لو كان المحو والإثبات يتعلّقان بأمّ الكتاب (اللوح المحفوظ)، لكانت الآية الكريمة على الشكل التالي: (يمحو الله ما يريد وثبت ما يريد في أم الكتاب).

لأن المحو والإثبات مسألتان متناقضتان، فلا بدّ أن تتعلّق كل واحدة منهما بإرادة مستقلّة، ولذلك لا بدّ من ورود كلمة (أراد) مرتين: مرة للمحو، ومرة للإثبات، فلا تُعطف في القرآن الكريم مسألتان متناقضتان (كالموحو والإثبات) على إرادة واحدة. ونمثل لذلك بقوله تعالى: " يُرِيدُ اللّهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَلاَ يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ " (البقرة: 185).

وهكذا نرى أن ما تعنيه الآية موضع الدرس هو أن كل ما يجري من محو وإثبات في عالم الخلق، ضمن إطار مشيئة الله تعالى: " يَمْحُو اللّهُ مَا يَشَاء وَيُثْبِتُ "، يوافق موافقة مطلقة ما علمه الله تعالى بعلمه الكاشف، علماً مسجّلاً عنده في أمّ الكتاب: " وَعِندَهُ أُمُّ الْكِتَابِ ".

والله تعالى أعلم ..

ـ[جمال حسني الشرباتي]ــــــــ[25 - 08 - 2005, 07:16 ص]ـ

كلام لطيف

ولكن أخي لؤي --المقصود لدى الشيعة هو عقيدة البداء--والتي تعني أنّ الله يغير ما قدّره منذ الأزل بحسب طوارىء تطرأ--فقالوا بوجود لوح محو وإثبات وهذا ما ننتقده عليهم --وعندنا أخ شيعي في المنتدى ربما يوضح لنا ما أشكل علينا من عقيدتهم تلك

ـ[عاشق جمال الفصحى]ــــــــ[25 - 08 - 2005, 09:47 ص]ـ

أخي جمال

صحيح أن الشيعة تعتقد بالبداء, ولكنها لا تعتقد بأن نّ الله يغير ما قدّره منذ الأزل بحسب طوارىء تطرأ.

مفهوم البداء لدى الشيعة يختلف عن مفهوم البداء لدى الآخرين, فما يحمله الآخرون من مفهوم حول لبداء لا تعتقد به الشيعة بشكل قطعي وإليك التفاصيل.

الشيعة لا ينسبون الجهل إلى الله أبدا, وكتبهم شاهدة على ذلك, والشيء ينبغي أن يؤخذ من أصوله لا من كلام الخصوم.

دعنا نحلق معكم في مفهوم البداء لدى الشيعة كي تتضح الصورة.

قال خصوم الشيعة:

البداء هو بمعنى الظهور بعد الخفاء، أو بمعنى نشأة رأي جديد. والبداء بمعنييه يستلزم سبق الجهل وحدوث العلم، وكلاهما محال على الله، لكن الرافضة تنسب البداء إلى الله.

هذا المفهوم حول البداء لا تقول به الشيعة ولا يوجد لديهم ما يثبت هذه الفرية.

إن المعنى الذي تريده الشيعة من البداء ليس هو المعنى نفسه الذي ذهب الذين كتبوا عن الشيعة إلى التعريف به.

قبل كل شيء أود إعطاء إشارة مختصرة حول معنى البداء.

البداء لغة هو بمعنى الظهور. مأخوذ من: بدا يبْدو بدواً و بُدُوّاً و بداءةً وبداءً و بدوءً، كما جاء في اللسان لابن منظور.

فيقال: فلان بدا له في الرأي، أي ظهر له ما كان مخفيّاً عنه، و فلان برز فبداله من الشجاعة ما كان مخفيّأً عن الناس.

فالبداء في المثال الأول لدى الإنسان هو أن يتضح له رأي في الشيء لم يكن يعرفه سابقا, أو أن يكون مصمما على عمل شيء ثم يبدو له خلاف ذلك, إذ تتغير نظرته إلى هذا الأمر بسبب وجود ما يستجد.

والبداء في المثال الثاني, هو أن يظهر للناس ماكان مخفيا عليهم, فالشخص كان شجاعا, والشجاعة معروفة لديه, ولكنها خافية على الناس, وقد أبدى " أظهر " بطولته أمامهم, فبدت شجاعته أمامهم, فعرفوها.

ومن الأمثلة على المتصلة بالمثال الثاني, أن تتضح درجة شخص العلمية لدى أناس, بعد أن أظهر لهم من تمنكه من العلم ما أعجبهم, فالبداء كان بالنسبة إليهم, لا بالنسبة إليه, فالعلم الذي أبداه لهم, كشف لهم شيئا مخفيا عنهم.

إن مفهوم البداء بالمعنى الأول - أن يبدو لله تعالى شيئا كان مخفيا عنه - يستحيل على الله, ولا يقول به أي شخص من الشيعة, لأنه يدل على الجهل والنقص, والله سبحانه وتعالى كامل مطلق, لا نقص في علمه, محيط بكل شيء, وعالم بكل شيء.

نحن - الإمامية - عندما نقول بالبداء, نقصد إظهار الله سبحانه وتعالى شيئا مخفيا لدى الناس, وليس معناه أن يبدو لله شيئا لم يكن على معرفة به من ذي قبل, تعالى الله علوا كبيرا.

البداء هو إظهار الله للناس ماكان مخفيا عنهم

ليس البداء أن يظهر لله شيئا كان مخفيا عنه

إن الإمامية هي فرقة إسلامية تنزه الله عما لا يليق بساحة قدسه, وتنفي عنه كل صفات العجز والنقص, وكتب العقائد لديهم شاهدة على ذلك.

إن الإمامية تنفي عن الله الجهل الذي يسعى لآخرون إلصاقه بالشيعة, وسأبين بعض الاستشهادات على ذلك فيما يلي:

عزيزي جمال ... كلماتي بالآخرين لست أنت المقصود بها, بل المقصود بها المكابرون الذين يطلقون الأحكمام دون بينة.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير