تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

ـ[لؤي الطيبي]ــــــــ[04 - 09 - 2005, 09:53 ص]ـ

((- " يسماء اقلعي "

في هذا المقطع القرآني مجاز مرسل , علاقته السببية , وتقديره يامطر السماء اقلع.

- " يا أرض ابلعي ماءك ":

في إضافة الماء إلى الأرض مجاز , تشبيها لاتصاله بها اتصال الملك بالمالك , كما أن فيه تنبيه على أن الأرض مصدر حدوث هذا الماء أيضا.))

جازاكم الله خيراً على هذا البيان الماتع أخي أبا طالب ..

وإن ما دوّنته - حفظك الله - فيه مورد عذب .. ومشهد عجيب .. ومقصد بعيد .. يدلّ على عمق تدبّرك لكتاب الله العزيز ..

فعند إمعان النظر في هذه العبارة نجد حقّاً أن الله تعالى ذكر للأرض ماذا تبلع وهو الماء: " وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ ". ولكنه لم يذكر للسماء عمّا تُقلع، أي: لم يقل لها: ويا سماء أقلعي عن سحّ مائك، وإنما قال عزّ من قائل: " وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي ".

فالأرض هي فعلاً مصدر حدوث هذا الماء.

فالماء أصلاً من الأرض وليس من السماء.

قال تعالى: " وَالْأَرْضَ بَعْدَ ذَلِكَ دَحَاهَا * أَخْرَجَ مِنْهَا مَاءهَا وَمَرْعَاهَا " (النازعات: 30 - 31).

ولذلك كان العدل أن يأتي لفظ الماء مع الأرض، ولا يأتي مع السماء، لأن الأرض مصدره.

وهناك لطيفة يجدر أن نلفت الانتباه إليها، وهي أن الله تعالى قال: " يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ "، ولم يقل: ابلعي الماء، فأضافه إليها في العبارة الأولى، لأنه جزء منها، أي: خُلقت الأرض وفيها ماؤها. ولم يكن في السماء ماء، لأن الماء الذي في السماء إنما هو ماء الأرض الذي يتبخّر بفعل الحرارة ..

فيا أخي الفاضل ..

لا تبخل علينا بالمزيد من جملة هذه الحكم التي تضربها، والعيون التي تستخرجها، والمعاني التي تقرّبها ..

أحسن الله توفيقك، وأطال عمرك، وأصلح شأنك وأمرك ..

ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[04 - 09 - 2005, 01:40 م]ـ

الأخ العزيز لؤي:

ما أجمل حضوركم.

لقد أشرقت هذه الصفحات بوجود فلمكم المعطاء.

بوركت من إنسان مهتم بالقرآن الكريم, سائلا الله سبحانه وتعالى أن يرعاكم بمنه ولطفه.

ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[05 - 09 - 2005, 02:02 م]ـ

أواصل معكم رحلة الإعجاز البلاغي للآية الشريفة:

(وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ المَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) 44 هود

الإيجاز:

فلقد قص الله سبحانه وتعالى هذه القصة مستوعبة, بكل أحداثها بعبارات مختصرة تحمل معان عميقة, و في هذا يتجلى فن بلاغي, ألا وهو الإيجاز.

(وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ المَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) 44 هود

يعتبر الإيجاز أحد فنون علم المعاني, ويعرف بأنه التقليل من استخدام الألفاظ والتكثير من المعنى, دون أن يؤدي ذلك إلى حدوث إخلال بالمعنى, أو بعبارة أخرى التعبير عن المعنى الكثير بأقل لفظ دون أن يؤدي ذلك إلى فساد المعنى.

كي نفهم بشكل أعمق جانب الإيجاز في هذه الآية الكريمة, تأملوا معي تركيب الكلم في هذه الآية العظيمة:

استخدم جل جلاله صيغة المبني للمجهول " قيل " " قُضي" " غِيض " وفي هذا إيجاز حذف, حيث حُذف الفاعل, للعلم به.

قال الله تعالى " يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء اقلعي " ولم يقل " يا أرض ابلعي ماءك فبلعت ويا سماء أقلعي أقلعت ", فالتقدير قيل لهما ذلك فامتثلا الأمر ونقص الماء,, وفي هذا إيجاز.

تأملوا هذا المقطع مرة أخرى, " يا أرض ابلعي ماءك ويا سماء اقلعي ":

لم يذكر سبحانه وتعالى متعلق (يا سماء اقلعي) بغية للاختصار والإيجاز, وابتعادا عن حشو الكلام, حيث أن المراد هو (أن تمسك السماء ماءها) , وذلك يفهم من سياق المقطع السابق (يا أرض ابلعي ماءك) , فلم تعد حاجة لذكر الماء مرة أخرى.

ولعل قائل يقول: ألا يمكن الاستغناء عن الكلمة (ماءك) في الخطاب الموجه إلى الأرض؟ وهل يعتبر وجودها زيادة؟

إن وجود هذه الكلمة من الأهمية بمكان كبير, فوجودها ليس زيادة, بل إن في وجودها إعطاء مزيد من الإيضاح حول المراد من البلع, الذي انحصر في بلع الماء, وليس في بلع الموجودات الأخرى كالجبال والتلال والبحار, والكائنات التي تعيش في الماء, الخ ....

كذلك قال " وغيض الماء " ولم يقل " وغيض ماء الطوفان "

وقال " وقضي الأمر " ولم يقل " وقضي أمر نوح وقومه " فاستغنى عن ذلك بحرف التعريف (أل).

وقال " واستوت على الجودي " ولم يقل " وسويت على الجودي "

نلاحظ أن هذه الأفعال في هذه الآية قد جاءت بصيغة المبني للمفعول – قِيل, قُضي, غيِض - بينما جاء الفعل الفعل (استوت) بصيغة الماضي, وذلك لأن استواء السفينة واستقرارها مقابلٌ للجريان المنسوب إليها في قوله تعالى:

وهي تجري بهم في موجٍ كالجبال ... " – هود: 42

وقال سبحانه " وقيل بعدا للقوم .. " ولم يقل " و قيل ليبعد القوم .. " طلباً للتأكيد مع الاختصار, وأحب أن أقف وقفة تأمل في هذا المقطع القرآني:

- جاء سبحانه وتعالى بالمصدر " بعدًا" ليعطي نفس دلالة " ليبعدوا بعداً ".

- جاء بحرف اللام – للقوم - للدلالة على استحقاق أولئك العصاة الهلاك وما حل بهم من عقاب.

- جاء بالكلمة (الظالمين) دون تقييد بل بشكل مطلق, للدلالة والتأكيد على فظاعة سوء اختيار العصاة من قوم نوح حيث كذبوا نبيهم, وظلموا أنفسهم بإعراضهم عن دعوته.

ولا زال البحث مستمرا حول الجوانب الإعجازية لهذه الشريفة:

(وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءَكِ وَيَا سَمَاءُ أَقْلِعِي وَغِيضَ المَاءُ وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى الجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) 44 هود

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير