تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

الأول: أن حُجّة من قال بأن الآية نزلت في نكاح المتعة، هو التعبير بلفظ (الأجور)، حيث إنه يدلّ على أن المقصود الأجرة في نكاح المتعة لأن الصداق لا يُسمّى أجراً.

وهذا لا يكون أبداً.

والدليل على ذلك أن القرآن الكريم جاء فيه تسمية الصداق أجراً في موضع لا نزاع فيه، وهو قوله تعالى: " فَانكِحُوهُنَّ بِإِذْنِ أَهْلِهِنَّ وَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ " (النساء: 25)، أي: مهورهنّ، بلا نزاع.

ومثله قوله تعالى: " وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُحْصَنَاتُ مِنَ الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ " (المائدة: 5)، أي: مهورهنّ.

فاتّضح أن الآية في النكاح لا في نكاح المتعة.

فالصداق لمّا كان في مقابلة الاستمتاع بالزوجة كما صرّح به تعالى في قوله: " وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ " (النساء: 21)، صار له شبه قويّ بأثمان المنافع فسمّى أجراً.

ولذلك قال الإمام مالك رضي الله عنه: النكاح أشبه شيء بالبيوع، لما فيه من أحكام البيوع، وهو وجوب العِوَض وتعريفه وإبقاؤه وردّه بالعيب والقيام فيه بالشفعة إلى غير ذلك من أحكامه.

وهذا المعنى تدلّ له آيات من كتاب الله، كقوله تعالى: " وَكَيْفَ تَأْخُذُونَهُ وَقَدْ أَفْضَى بَعْضُكُمْ إِلَى بَعْضٍ " (النساء: 21). فإفضاء بعضهم إلى بعض المصرّح بأنه سبب لاستحقاق الصداق كاملاً هو بعينه الاستمتاع المذكور هنا في قوله تعالى: " فَمَا اسْتَمْتَعْتُم بِهِ مِنْهُنَّ "، وقوله تعالى: " وَآتُواْ النَّسَاء صَدُقَاتِهِنَّ نِحْلَةً " (النساء: 4)، وقوله: " وَلاَ يَحِلُّ لَكُمْ أَن تَأْخُذُواْ مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا " (البقرة: 229).

والثاني: لأن الله تعالى ذكر المحرمات في النكاح المتعارف، ثم ذكر أنه أحلّ ما وراء ذلكم، أي في هذا النكاح نفسه.

وقد صرّح سبحانه وتعالى بأنه يجب حفظ الفرج عن غير الزوجة والسرية في قوله عزّ من قائل: " وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ " (المؤمنون: 5 - 6). ثم صرّح بأن المبتغي وراء ذلك من العادين، بقوله: " فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ ". ومعلوم أن المستمتع بها ليست مملوكة ولا زوجة، فمبتغيها إذن من العادين بنصّ القرآن.

أما كونها غير مملوكة فواضح، وأما كونها غير زوجة فلانتفاء لوازم الزوجية عنها كالميراث والعدّة والطلاق والنفقة. ولو كانت زوجة لورثت واعتدّت ووقع عليها الطلاق ووجبت لها النفقة كما هو ظاهر.

والله تعالى أعلم

ـ[عاشق جمال الفصحى]ــــــــ[16 - 09 - 2005, 06:10 ص]ـ

آية المتعة في الكتاب العزيز:

(والمحصنات من النساء إلا ما ملكت أيمانكم، كتاب الله عليكم، وأحل لكم ما وراء ذلكم، أن تبتغوا بأموالكم، محصنين غير مسافحين، فما استمتعتم به منهن، فآتوهن أجورهن فريضة، ولا جناح عليكم فيما تراضيتم به من بعد الفريضة، إن الله كان عليما حكيماً النساء (24).

فعن ابن عباس، قال: «كانت المتعة في أول الإسلام، وكانوا يقرأون هذه الآية: (فما استمتعتم به منهن إلى أجل مسمى) فكان الرجل يقدم البلدة ليس له بها معرفة فيتزوج إلخ .. » (1).

نتبيه:

" إلى أجل مسمى " تفسير وليست جزء من الآية.

قال القرطبي وغيره: «قال الجمهور المراد نكاح المتعة، الذي كان في صدر الإسلام» (2).

وهذا اعتراف صريح من بعض كبار علماء التفسير.

وفي نص آخر: وحكي نزول الآية في المتعة أيضاً عن: حبيب بن أبي ثابت، ومجاهد، والسدي، والحكم بن عتيبة (3).

(1) فتح القدير ج 1 ص 455 عن الطبراني والبيهقي في سننه.

(2) الجامع لأحكام القرآن ج 5 ص 130، ومع القرآن للباقوري ص 167 وعبارته: [جمهور أهل العلم .. ] والغدير ج 6 ص 235، وفتح القدير ج 1 ص449.

(3) راجع في ذلك: وفي قراءة الآية بإضافة كلمة: «إلى أجل» عن واحد أو أكثر ممن تقدمت أسماؤهم المصادر التالية: تفسير القرآن العظيم لابن كثير ج 1 ص 474، والدر المنثور ج 2 ص 140 عن الطبراني وعبد بن حميد وابن الأنباري وأبي داود وغيرهم، ونفحات اللاهوت ص 99.

---

في السنة:

وفي صحيح مسلم ومسند أحمد وغيرهما واللفظ للأوّل، قال عطاء: قدم جابر بن عبد الله معتمراً، فجئناه في منزله، فسأله القوم عن أشياء، ثمّ ذكروا المتعة، فقال: نعم استمتعنا على عهد رسول الله (ص) وأبي بكر وعمر (1).

وفي لفظ أحمد بعده: حتى إذا كان في آخر خلافة عمر.

وفي بداية المجتهد: ونصفاً من خلافة عمر، ثمّ نهى عنها عمر الناس (2).

- صحيح مسلم، كتاب النكاح: 1023 ح1405; وبشرح النووي 9: 183; ومسند أحمد 3: 380; ورجال أحمد رجال الصحيح; وأبو داود في باب الصداق تمتّعنا على عهد رسول الله وأبي بكر ونصفاً من خلافة عمر ثمّ نهى عنها عمر; وراجع عمدة القاري للعيني 8: 310.

2 - بداية المجتهد لابن رشد 2: 63.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير