قصر إضافي آخر، لقلب اعتقاد القوم في التثليث، فليست صفات الله، عز وجل، محصورة في الألوهية فقط، فهو: الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ السَّلَامُ الْمُؤْمِنُ الْمُهَيْمِنُ الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ الْخَالِقُ الْبَارِئُ الْمُصَوِّرُ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ .......... إلخ من صفات الكمال المطلق.
وإنما خص الألوهية بالذكر هنا لأنها محل النزاع بين الموحد والمثلث.
قوله تعالى: (سُبْحَانَهُ أَنْ يَكُونَ لَهُ وَلَدٌ لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا)
إيغال في تقرير إفراد الله، عز وجل، بالألوهية، كما في قول الخنساء، رضي الله عنها، ترثي أخاها صخرا:
وإن صخرا لتأتم الهداة به ******* كأنه علم في رأسه نار
فالمعنى الأصلي قد تم بقولها: "كأنه علم"، ولكنه أوغلت في تقرير ذلك بقولها: "في رأسه نار"، فالجبل بارز، فما ظنك إن كان في رأسه نار موقدة، أفلا يكون هاديا تأتم الهداة به؟!
فالمعنى الأصلي قد تقرر بقوله تعالى: (إِنَّمَا اللَّهُ إِلَهٌ وَاحِدٌ)، فزيد في تقريره بتنزيه الله، عز وجل، عن اتخاذ الولد، لما فيه من الحاجة والافتقار، وهو يدل على نفي اتخاذ الصاحبة من باب: انتفاء الملزوم بانتفاء لازمه، فذكر أحدهما وسكت عن الآخر لدلالة المذكور على المحذوف، وهذا، أيضا، من أوجه الحذف البليغ في لغة العرب.
ويمكن جعل هذا، أيضا، من: "التذييل" إذ ذكر بعد تقرير الألوهية، عدة جمل مؤكدة لمعناها.
قوله تعالى: (لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ):
حصر وتوكيد بتقديم ما حقه التأخير، و: "ما" نص في العموم، و "أل" في: "السماوات" و "الأرض" جنسية تفيد الاستغراق، وسبق بيان ذلك عند الكلام على آية الكرسي.
قوله تعالى: (وَكَفَى بِاللَّهِ وَكِيلًا):
توكيد بزيادة الباء في فاعل "كفى" وهو أمر مطرد في لغة العرب، وإن ورد السماع قليلا بحذفها، كما في قول سحيم بن وثيل الرياحي:
عميرةَ ودع إن تجهزت غازيا ******* كفى الشيبُ والإسلامُ وازعا.
والله أعلى وأعلم.