تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

حُملَ على الدخول، ويحكم في مثل ذلك لما بعد الى بعدم الدخول؛ حَملاً على الغالب في البابين، هذا هو الصحيح في البابين.

وزعم الشيخُ شهاب الدين القرافي أنه لا خلاف في وجوب دخول ما بعد حتى، وليس كذلك، بل الخلاف فيها مشهور، وإنما الاتفاقُ في حتى العاطفة، لا الخافضة، والفرق أن العاطفةَ بمعنى الواو.

والثالث: أن كلاً منهما قد ينفرد بمحل لا يصلح للآخر.

فمما انفردت به إلى أنه يجوز كتبتَ الى زيد وأنا الى عمرو، أي هو غايتي، كما جاء في الحديث أنا بكَ وإليك، وسرتُ من البصرة الى الكوفة، ولا يجوز: حتى زيد، وحتى عمرو، وحتى الكوفة، أما الأولان فلأنّ حتى موضوعة لإفادة تقضِّي الفعل قبلها شيئاً فشيئاً الى الغاية، وإلى ليست كذلك، وأما الثالث فلضعفِ حتى في الغاية؛ فلم يقابلوا بها ابتداء الغاية.

ومما انفردت به حتى أنه يجوز وقوعُ المضارع المنصوب بعدها نحو سرتُ حتى أدخلها، وذلك بتقدير حتى أنْ أدخُلها، وأن المضمرة والفعل في تأويل مصدر مخفوض بحتى ولا يجوز سرت الى أدخلها، وإنما قلنا إن النصب بعد حتى بأن مضمرة لا بنفسها، كما يقول الكوفيون لأن حتى قد ثبت أنها تخفضُ الأسماء وما يعمل في الأسماء لا يعمل في الأفعال، وكذا العكس.

ولحتى الداخلة على المضارع المنصوب ثلاثةُ معان:

مُرادفة الى نحو (حتّى يرجعَ إلينا مُوسى).

ومرادفة كي التعليلية نحو (ولا يزالونَ يُقاتلونكم حتى يُردّوكم) (هُم الذينَ يقولونَ لا تنفقوا على من عندَ رسولِ اللهِ حتّى ينفضّوا) وقولك أسلِم حتّى تدخلَ الجنّةَ، ويحتملهما (فقاتلوا التي تبغي حتّى تفيءَ الى أمرِ الله).

ومرادفة إلاّ في الاستثناء، وهذا المعنى ظاهر من قول سيبويه في تفسير قولهم واللهِ لا أفعلُ إلاّ أن تفعلَ، المعنى حتى أن تفعل، وصرح به ابن هشام الخضراوي وابن مالك، ونقله أبو البقاء عن بعضهم في (وما يُعلِّمان من أحدٍ حتّى يقولا) والظاهر في هذه الآية خلافُه، وأن المراد معنى الغاية، نعم هو ظاهر فيما أنشده ابن مالك في قوله:

ليسَ العطاءُ منَ الفضولِ سماحةً = حتّى تجودَ وما لديكَ قليلُ

وفي قوله:

واللهِ لا يذهبُ شيخي باطلا = حتّى أبيرَ مالكاً وكاهلا

ـ[الدكتور مروان]ــــــــ[10 - 05 - 2008, 06:56 ص]ـ

لأن ما بعدهما ليس غاية لما قبلهما ولا مسبباً عنه، وجعل ابن هشام من ذلك الحديث كُلُّ مولودٍ يولدُ على الفطرةِ حتّى يكونَ أبواهُ هما اللذانِ يُهوِّدانهِ أو يُنصِّرانِهِ، إذ زمنُ الميلادِ لا يتطاول فتكون حتى فيه للغاية، ولا كونه يولد على الفطرة علتُه اليهودية والنصرانية فتكون فيه للتعليل، ولك أن تخرجه على أن فيه حذفاً، أي يولد على الفطرة ويستمر على ذلك حتى يكون ...

ولا ينتصب الفعل بعد حتّى إلا إذا كان مستقبلاً، ثم إن كان استقباله بالنظر الى زمن التكلم فالنصب واجب، نحو (لن نبرحَ عليهِ عاكفينَ حتّى يرجعَ إلينا موسى) وإن كان بالنسبة الى ما قبلها خاصة فالوجهان، نحو (وزُلزلوا حتّى يقولُ الرّسولُ) الآية؛ فإن قولهم إنما هو مستقبل بالنظر الى الزلزال، لا بالنظر الى زمن قصِّ ذلك علينا.

وكذلك لا يرتفع الفعل بعد حتى إلا إذا كان حالاً، ثم إنْ كانت حاليته بالنسبة الى زمن التكلم فالرافع واجب، كقولك سرتُ حتّى أدخلُها، إذا قلت ذلك وأنت في حالة الدخول، وإن كانت حاليته ليست حقيقية، بل كانت محكية؛ رُفعَ، وجاز نصبه إذا لم تقدر الحكاية نحو (وزُلزلوا حتّى يقولَُ الرّسولُ) قراءة نافع بالرفع بتقدير حتى حالتهم حينئذٍ أن الرسول والذين آمنوا يقولون كذا وكذا.

واعلم أنه لا يرتفع الفعل بعد حتى إلا بثلاثة شروط: أحدها: أن يكون حالاً أو مؤولاً بالحال كما مثلنا،

والثاني: أن يكون مسبباً عما قبلها؛ فلا يجوز سرتُ حتّى تطلع الشمس، ولا ما سرتُ حتى أدخلها، وهل سرت حتى تدخلها، أما الأول فلأن طلوع الشمس لا يتسبب عن السير، وأما الثاني فلأن الدخول يتسبب عن عدم السير.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير