- وبمعنى التمني كما في قوله تعالى: ?هَلْ فِي ذَلِكَ قَسَمٌ لِّذِي حِجْرٍ ? ().
- وبمعنى (أدعوك) كما في قوله تعالى: (هَل لَّكَ إِلَى أَن تَزَكَّى ? ().
فالوقوف على كلمات (مذكوراً) و (الغمام) و (موسى) و (أعمالاً) و (منتهون) و (مَزِيد) و (حِجْر) و (تَزَكَّى) يتم في سياق نغمات صاعدة قوية تترصد الإجابة التي تستقر عندها هذه الأسئلة، لتشكل هذه الإجابات نغمات هابطة قارة في هذا السياق. وتَرَصُّد الإجابات مرحلة تدوم فترة من الوقت ليظل المعنى القرآني مفتوحاً أمام متلقيه ليسهم بدوره في رصدها بتأمل هذه السياقات.
أما الاستفهام بالهمزة فله دلالات أخر تتنوع في مراميها وأهدافها، فتأتي ():
- بمعنى الاستفهام كقوله تعالى: ? أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِداً وَقَائِماً? ().
- وبمعنى الإثبات كقوله تعالى: ? أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ ? ().
- وبمعنى الإنكار التوبيخي كقوله تعالى: ?أَئِفْكاً آلِهَةً دُونَ اللَّهِ تُرِيدُونَ ? ().
- وبمعنى التقرير كقوله تعالى: ?أَأَنتَ فَعَلْتَ هَذَا بِآلِهَتِنَا يَا إِبْرَاهِيمُ ? ().
- وبمعنى التهكم كقوله تعالى: ?أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا ? ().
- وبمعنى الأمر كقوله تعالى: ? وَقُل لِّلَّذِينَ أُوْتُواْ الْكِتَابَ وَالأُمِّيِّينَ أَأَسْلَمْتُمْ ? ().
- وبمعنى التعجب كقوله تعالى: ?أَلَمْ تَرَ إِلَى رَبِّكَ كَيْفَ مَدَّ الظِّلَّ ? ().
- وبمعنى الاستبطاء كقوله تعالى: ?أَلَمْ يَأْنِ لِلَّذِينَ آمَنُوا أَن تَخْشَعَ قُلُوبُهُمْ لِذِكْرِ اللَّهِ ? ().
فالوقوف على نهايات الأسئلة بما تحمله من شحنات دلالية وسياقية يظل متصاعداً في سياق نغمي لأن الإجابات على هذه السياقات الاستفهامية لم يتم رصدها، وإن تم هذا الرصد في سياق لاحق على هذه الأسئلة، ومن ثم يظل المعنى مفتوحاً، وقابلاً لممارسة فعل التلقي في إطار هذا السياق.
3 – النغمة المسطحة (ـــ):
هي تلك النغمة التي تقع (بين بين) أي بين النغمة الهابطة والنغمة الصاعدة لكون المعنى لم يتم عندها، لأن هذه النغمة لا تملك مقومات الأداء التصاعدي الموجود في سياق الاستفهام بهل والهمزة، كما أنها لا تملك الحس التقريري الذي تسمح بنية به الجمل التقريرية (الإثبات والنفي والشرط والدعاء) فتنتمي إلى سياق النغمة الهابطة، لكنها تتأرجح بين السياقين إلى أن يتم تغليب أحدهما، و إنهاء هذا التأرجح السياقي.
ونمثل لتلك النغمة المسطحة بقوله تعالى: ? إِذَا زُلْزِلَتِ الْأَرْضُ زِلْزَالَهَا وَأَخْرَجَتِ الْأَرْضُ أَثْقَالَهَا وَقَالَ الْإِنسَانُ مَا لَهَا يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا بِأَنَّ رَبَّكَ أَوْحَى لَهَا ? (). فالوقوف على فواصل الآيات السابقة على فاصلة جواب الشرط (أخبارها) هو وقوف على نغمات مسطحة لم يتم المعنى عندها، ولم تستقر بالجواب، ويتمثل ذلك في الوقوف على كلمتي (زلزالها) و (أثقالها). أما الوقوف على كلمة (لها) فهو وقوف على نغمة هابطة في سياق استفهامي بغير (هل والهمزة)، وهو استفهام بالأداة (ما).
إن التنغيم بهذا الدور الصوتي الهام يؤدي وظيفة عظيمة تتمثل في " انسجام الأصوات حيث تكتمل فيه النغمات وتتآزر مؤدية المعاني والمقاصد " (). والتنغيم بهذا المفهوم ما هو إلا " تغييرات موسيقية تتناوب الصوت من صعود وهبوط، أو من انخفاض إلى ارتفاع، ويحصل في كلامنا وأحاديثنا لغاية وهدف، وذلك حسب المشاعر والأحاسيس التي تنتابنا من رضى وغضب، ويأس وأمل، وتأثر ولا مبالاة، وإعجاب واستفهام، وشك ويقين، ونفي وإثبات. فنستعين بهذا التغير النغمي الذي يقوم بدور كبير في التفريق بين الجمل. فنغمة الاستفهام تختلف عن نغمة الإخبار، ونغمة النفي تختلف عن نغمة الإثبات " ().
والأمر بهذا الشكل له صلة وثقى بحالة (المتكلم) وسيكولوجيته، وهذا جوهر ما أشار إليه د. سمير ستيتية إذ يقول: " قد تكون النغمة نغمة تفاؤل فيسميها بعضهم النغمة الوجدانية، وقد تكون نغمة تشكك أو ضجر أو يأس أو استسلام أو غير ذلك مما له علاقة بسيكولوجية المتكلم " ().
¥