تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أنواع المماثلة الصوتية: يقسم اللغويون المماثلة الصوتية قسمين رئيسين هما ():

1 – المماثلة التقدمية المقبلة Progressive :

وفيها يكون للصوت الأول القوة في التأثير على الصوت الثاني، وهذا التأثير يترتب عليه فناء الصوت الأول في الثاني بحيث ينطق الصوتين صوتاً واحداً من جنس الثاني. ويتضح هذا النوع في صيغة الافتعال حيث تقلب تاء الافتعال طاءً أو دالاً. فتاء الافتعال تقلب طاءً إذا كانت فاء الافتعال حرفاً من حروف الإطباق (الصاد والضاد والطاء والظاء) كما في الأمثلة التالية:

- اصتبر ـــــــ افتعل ـــــــ اصطبر

- اضترب ـــــــ افتعل ــــــ اضطرب

- اطتلم ـــــــ افتعل ـــــــ اظطلم ـــ اظْظَلم ـــــ اظَّلم

- اطتلع ــــ افتعل ــــــ اطْطلع ــــــ اطَّلَع

فالمثالان الأول والثاني يبدو التماثل فيهما (تقارباً)، أما الثالث والرابع فقد تحقق هذا التماثل فيهما نظراً لحدوث التماثل التام بين صوتين متجانسين، أو ما يسمى (الإدغام). ويعلل الشيخ خالد الأزهري سبب التماثل فيما يحدث في صيغة الافتعال بقوله تعالى: " إنما أبدلت تاء الافتعال إثر المطبق لاستثقال اجتماع التاء مع الحرف المطبق لما بينهما من اتفاق المخرج وتباين الصفة، إذ التاء من حروف الهمس، والمطبق من حروف الاستعلاء، فأبدلت من التاء حرف استعلاء من مخرج المطبق، واختيرت الطاء لكونها من مخرج التاء " ().

ويرى د. كريم حسام الدين أن " التاء تشترك مع هذه الفونيمات في الخصائص النطقية كالهمس واللثوية (ما عدا الضاد فهي مجهورة) ولكنها تختلف معها في شيء أساسي وهو الإطباق وعدم الإطباق، وقد اكتسبت التاء هذه الخاصية بالمماثلة أي بالمماثلة في الصفات، لأن تقريب الحرف من الحرف أدى إلى المماثلة في الصفات " ().

وهذا التأويل لقلب تاء الافتعال طاء هو ما تعاوره أهل اللغة في تفسير ما حدث من تغير صوتي أو مماثلة في قوله تعالى: ? إِنَّ اللّهَ اصْطَفَى آدَمَ وَنُوحاً وَآلَ إِبْرَاهِيمَ وَآلَ عِمْرَانَ عَلَى الْعَالَمِينَ ? ()، وقوله تعالى: ? وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاَةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ? ()، وقوله تعالى: ? فَاطَّلَعَ فَرَآهُ فِي سَوَاء الْجَحِيمِ ? () والكثير من الآيات على هذا النهج. فقد رأوا في هذا التغيير فراراً من الثقل، ونزوعاً إلى التخفيف بتحقيق الانسجام الصوتي في الصيغة الجديدة من صيغة الافتعال ().

2 – المماثلة الرجعية المدبرة Regressive :

وفيها يؤثر الصوت الثاني في الصوت الأول الذي يتغير بما يناسب الصوت الثاني، ويقلب إليه ثم يدغم فيه. ومثال ذلك قوله تعالى: ? بَلْ رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم مَّا كَانُوا يَكْسِبُونَ ? () فقد قرئت الآية بإدغام اللام في الراء من غير إمالة قراءة أبي جعفر وشيبة ونافع وأبي عمرو، وبالإمالة قراءة الأعمش وعاصم وحمزة والكسائي، وكذلك قرئت الإظهار وهي قراءة الحسن وابن أبي إسحق (). وقد عد النحاة هذا التأثر تأثراً رجعياً مدبراً لتأثر الصوت الأول (اللام) بالصوت الثاني (الراء)، ونقل اللام إلى الراء ثم الإدغام فيها (). ولابن خالويه (ت 370 هـ) رأي في هذه الآية إذ يقول: " اتفق القراء على إدغام اللام في الراء لقربها منها في المخرج، إلا ما رواه حفص عن عاصم من وقوفه على اللام وقفة خفيفة ثم يبتدئ (رَانَ عَلَى قُلُوبِهِم) ليعلم بانفصال اللام من الراء، وأن كل منهما كلمة بذاتها " ().

* ويضم إلى هذا القسم من المماثلة ما يحدث من تغير في مضارع صيغتي (تَفَعَّلَ) و (تَفَاعَلَ) وذلك إذا كانت فاء الفعل صوتاً صفيرياً أو أسنانياً. يقول د. رمضان عبد التواب: " تتأثر التاء بعد تسكينها للتخفيف بفاء الفعل " (). ومن الأمثلة القرآنية الممثلة لهذه الجزئية:

- قوله تعالى: ? مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ انفِرُواْ فِي سَبِيلِ اللّهِ اثَّاقَلْتُمْ إِلَى الأَرْضِ ? ().

- قوله تعالى: ? وَإِذْ قَتَلْتُمْ نَفْساً فَادَّارَأْتُمْ فِيهَا ? ().

- قوله تعالى: ? أَوْ يَذَّكَّرُ فَتَنفَعَهُ الذِّكْرَى ? ().

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير