تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

* فكلمة اثَّاقلتُم من المضارع يتثاقل على وزن (يتفاعل)، وعند الإتيان بصيغة الماضي منه تثَاقَلَ على وزن (تَفَاعَلَ)، ثم يتم تسكين التاء للتخفيف فتصير الكلمة (تْثَاقَل)، ولأنه لا يصح الابتداء بالساكن جلبت الألف الموصولة للابتداء بها مع بقاء حركة التاء (السكون التخفيفي) كما هي، ثم قلبت التاء الساكنة إلى مماثل فاء الكلمة (حرف الثاء) تبعاً لقانون المماثلة الرجعية حيث أثر الصوت الثاني (الثاء) في الصوت الأول (التاء)، فأصبح لدينا مماثلين جاز إدغامهما في صوت واحد، فوصلت الكلمة إلى صيغتها النهائية وهي (اثَّاقَلْتُم) كما تم توظيفها في الآية القرآنية (). ويقاس على هذا ما حدث من تغيير في كلمة (ادَّارأتم) في الآية القرآنية.

* كلمة (يذَّكّر) فعل مضارع على وزن (يتفعَّل) حدث فيه مماثلة رجعية نوضحها كما يلي: فقد تم تسكين تاء التفعّل للتخفيف فأصبح الفعل على الصورة (يَتْفَعَّل)، ثم حدثت المماثلة الرجعية عندما أثر الصوت الثاني (الذال) في الأول (التاء) فقلب إلى مماثل للثاني، فوُجِدَ لدينا عندئذ متماثلان فلزم إدغامهما.

* ومن ألوان التماثل الرجعي مماثلة صوت (النون) إذا تلاها صوت (الميم) أو (اللام) كما في:

- إنْ + مَا ـــــــــــــــــــــــ إمَّا

- إنْ + لا ــــــــــــــــــــــــ إلاَّ

- منْ + مَا ــــــــــــــــــــــ مِمَّا

وفي القرآن قوله تعالى: ? مِمَّا خَطِيئَاتِهِمْ أُغْرِقُوا فَأُدْخِلُوا نَاراً ? () إذ قُلبت (النون) إلى مماثل للحرف التالي لها وهو (الميم)، وأصل الكلام (منْ + مَا)، ثم أدغم المثلين معاَ.

* وما يحدث من دخول (ال) التعريفية على الأحرف الشمسية، وما يتم من تأثر الصوت الأول (اللام) بالصوت الشمسي التالي له، وانقلاب الصوت الأول إلى مماثل للصوت الشمسي، ثم إدغامه فيه، ما هو إلا من قبيل المماثلة الرجعية.

تنوير:

يتضح من ملاحظة تقاطعات سياقات مصطلح الماثلة الصوتية أنه يتداخل مع مصطلح آخر هو (الإدغام)، ولذا يجب إيضاح هذه العلاقة بين المصطلحين. فالقدماء لما تناولوا المماثلة بإيضاح أشكالها دون أن ينصوا على مسماه الحديث كانوا يدورون في فلك التعريف بمصطلح (الإدغام) مثلما رأينا عند سيبويه، وابن جني، وابن يعيش (). ويرى د. أحمد مختار عمر أن " المماثلة تعني إزالة الحدود بين الصوتين المدغمين وصهرهما معاً " (). فالصلة قوية بين المماثلة والإدغام لاجتماعهما في حالة التماثل الكلي أو التام. غير أنه يجب القول بأن الإدغام أحد أشكال المماثلة، بل إنه أقيس أشكالها في العربية ().

ويوضح برجشتراسر علاقة المماثلة الصوتية بالإدغام بقوله: " إن حروف الكلمة مع توالي الأزمان كثيراً ما تتقارب ببعضها من بعض في النطق وتتشابه، وهذا التشابه نظير لما سماه قدماء العرب إدغاماً، غير أن التشابه والإدغام وإن اشتركا في بعض المعاني، اختلفا في بعضها " (). والشرط الأساسي للتأثر بين أي صوتين أن يكون الصوت متبوعاً بحركة غير قابلة للسقوط والإهمال، إما لكون هذه الحركة طويلة، وإما لكونها سبقت بحركة سقطت من قبل إسقاط الأخرى لأنها تزداد تشبساً بموقعها، وتمنح الصوت قبلها قوة دلالية في موقعها، وتمارس تاثيراً ما على الصوت السابق عليها ().

درجات التأثر:

يمكننا استنباط درجات التأثر وألوانه التي أجملها اللغويون في أربعة أنماط هي:

الأول: تغير المخرج فقط (): مثل قوله تعالى: ? لِلَّهِ الْأَمْرُ مِن قَبْلُ وَمِن بَعْدُ ? () فالنون مخرجه طرف اللسان مع اللثة العليا، والباء من الشفتين، ولأن ذلك يتطلب جهداً كبيراً في إخراج الصوتين متتاليين النون ثم الباء تحولت النون إلى صوت من مخرج الباء له صفة الغنة وهو الميم، وبالتالي قلَّ الجهد العضلي المبذول.

والنمط الثاني: تغير صفة الصوت (): مثل قوله تعالي: ?قَد تَّبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ? () فالدال مجهورة لكنها أخذت صفة (التاء المهموسة) بتحولها إلى صورتها في النطق.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير