تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

وَمَثِّلْ لِعَيْنِكَ الْحِمَام وَمَوْقِعَهُ وَرَوْعَة مَلْقَاه ومُطْعَم صَابِهِ

فقد جانس في هذا البيت بين لفظة مكتملة مفردة هي (مصابه) في قافية البيت الأول، ولفظة أخرى مركبة من حرف الميم من كلمة (مطعم) والكلمة التالية وهي الفعل (صابه)، لتصبح هذه الكلمة المركبة هي (م + صابه) مساوية صوتياً للكلمة المفردة (مصابه).

2 - المتشابه: وهو ما كان طرفه المركب مركباً من كلمتين كاملتين أولاً، وأشبه اللفظة المفردة نطقاً وخطاً ثانياً. وعليه قول أبي الفتح البستي ():

إِذا مَلِك لَمْ يَكُنْ ذَا هِبَهْ فَدَعْهُ فَدَوْلَتُهُ ذَاهِبَهْ

فقد جانس في هذا البيت بين لفظتين الأولى مركبة من كلمتين كاملتين هما (ذا) و (هبة) أي عطية، وكلمة مفردة كاملة هي (ذاهبة) من الذهاب.

3 – المفروق: وهو كالمتشابه تماماً في تكون اللفظة المركبة من لفظتين كاملتين، غير أنه يختلف عن المتشابه في كون اللفظ المركب لا يشبه اللفظ المفرد خطاً بل يشبه نطقاً فقط. وعليه قول الميكالي ():

لاَ تَعْرِضَنَّ عَلَى الرُّوَاةِ قَصِيدَةً مَا لَمْ تُبَالِغْ فِي تَهْذِيبِهَا

فَمَتَى عَرَضْتَ الشِّعْرَ غَيْرَ مُهَذَّبٍ عَدُّوهُ مِنْكَ وَسَاوِساً تَهْذِي بِهَا

فالجناس بين (تهذيبها) في البيت الأول وهي كلمة كاملة، و (تهذي بها) المركبة من الفعل المضارع (تهذي) والجار والمجرور (بها). والجناس هنا جناس صوتي فقط دون أن يكون هناك تشابه خطي.

وأهل الأسلوب يرون في التعامل مع بنية الجناس نوعاً من الاتكاء على المعطى الصوتي المتوافر فيها تحقيقاً للإيقاع النغمي من ناحية، وإثارة لأفق التوقعات الجمالية لدى القارئ من ناحية أخرى. ويتم التعامل مع هذه البنية الجناسية على مستويين هما:

الأول: تتسلط فيه عملية (الاختيار Choice) ، إذ يتم اعتماد مفردتين تتطابق صوتياً. ويكون هذا الاختيار بمثابة المنبه التعبيري، ويكون أقوى تأثيراً نتيجة للهزة الدلالية التي يتلقاها المتلقي بمخالفة التوقع " لأن اللفظ المشترك إذ ا حُمِلَ على معنى ثم جاء المراد به معنى آخر كان للنفس تشوف إليه " ().

والمستوى الثاني: تتسلط فيه عملية الاختيار على مفردتين بينهما من التماثل (الشكلي والدلالي) أكثر مما بينهما من التخالف على المستوى العميق ().

2 – جناس الزيادة:

وهو ما تغايرت فيه إحدى اللفظتين بزيادة عن اللفظة الأخرى. وهو نوعان هما:

الأول: الجناس المطرف: وهو من ألوان الجناس غير التام. ويقصد به: ما زاد أحد ركنيه على الآخر حرفاً في نهايته (). وهذا التحديد الدقيق لأصل هذا النوع من الجناس يُراعى فيه الحفاظ على الأصل الشكلي المراد من بنية التكرار، إذ ليسمن المجدي هنا في هذا المقام الاتكاء على المعطى الدلالي فقط، بل يجب أن يُراعى هنا فنية التماثل في الهيئة التي تتحقق عن طريق تماثل اللفظين، ونقصان أحدهما عن الآخر حرفاً. ويخرج على هذا النوع قول أبي تمام ():

يَمُدًونَ مِنْ أَيْدٍ عَواصٍ عَوَاصِمِ نُصُول بِأَسْيَافٍ قَوَاضٍ قَوَاضِبِ

فجانس هنا بين (عواص، و عواصم)، وكذلك بين (قواض، وقواضب) بزيادة حرف في نهاية الثانية عن الكلمة الأولى.

ويعلق عبد القاهر على هذا اللون من الجناس بقوله: " وذلك أنك تتوهم قبل أن يرد عليك آخر الكلمة كالميم من (عواصم)، والباء من (قواضب) أنها هي التي مضت، وقد أرادت أن تجيئك ثانية، وتعود إليك مؤكدة، حتى إذا تمكن في نفسك تمامها، ووعى سمعك آخرها، انصرفت عن ظنك الأول، وزلت عن الذي سبق من التخيل، وفي ذلك ما ذكرت لك من طلوع الفائدة بعد أن يخالطك اليأس منها، وحصول الربح بعد أن تغالط فيه حتى ترى أنه رأس المال " ().

ويرى د. جميل عبد المجيد أن لحظة التوهم الدلالي في هذا النوع من الجناس أقل بكثير مما يحدث في حالة الجناس التام، وذلك " لأن في اللفظ المكرر نفسه، وباستكمال سماع / قراءة الحرف الأخير منه يتبين للسامع / القارئ أنه قد وهم " ().

إضاءة:

يتغير نوع الجناس المرتبط بزيادة حرف حسب موقع هذا الحرف كما يلي:

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير