تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

أولهما: أن يكون الحرفان المتغايران متقاربين في المخرج الصوتي كقوله تعالى: (وَهُمْ يَنْهَوْنَ عَنْهُ وَيَنْأَوْنَ عَنْهُ) (). فقد جانس بين كلمتي (ينهون) و (ينأون)، والاختلاف بينهما فقط في حرفي (الهاء) و (الهمزة) كل في موقعه، والحرفان من مخرج صوتي واحد وهو أقصى الحلق. وهذا النوع من الجناس يُسَمَّى (الجناس المضارع) ().

وثانيهما: إذا كان الحرفان المتغايران متباعدين في المخرج الصوتي كقوله تعالى: (وَيْلٌ لِّكُلِّ هُمَزَةٍ لُّمَزَةٍ) ()، فقد جانس بين كلمتي (همزة) و (لمزة)، والاختلاف بينهما فقط في حرفي (الهاء) و (اللام) كل في موقعه، والحرفان متباعدان في المخرج الصوتي؛ فالهاء من أقصى الحلق، واللام من طرف اللسان.

كذلك يخرج عليه قوله تعالى: (وَإِنَّهُ عَلَى ذَلِكَ لَشَهِيدٌ وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) ()، فقد جانس بين كلمتي (شهيد) و (شديد)، والاختلاف بينهما فقط في حرفي (الهاء) و (الدال) كل في موقعه، والحرفان متباعدان في المخرج الصوتي؛ فالهاء من أقصى الحلق، والدال من طرف اللسان. وهذا النوع من الجناس يُسَمَّى (الجناس اللاحق) ().

وهذا التفصيل المسهب في تبيان ألوان الجناس الصوتي إنما مقصده الإلمام بمعطيات هذا اللون صوتياً وما يتبع ذلك من دلالات سياقية. ولا شك أن الجناس من أهم أنواع التكرارات وأشيعها في التوظيف والاستخدام الجمالي للغة.

4 – المشاكلة:

ويقصد بها أن يقوم المتكلم بذكر المعنى بلفظ غيره، أو بلفظ مضاد للفظ الغير، أو مناسب له، لوقوعه في صحبته تحقيقاً أو تقديراً (). فمن أمثلة ذكر الشيء بلفظ غيره لصحبته إياه تحقيقاً قوله تعالى: (وَجَزَاء سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِّثْلُهَا) ()، فالسيئة الأولى على حقيقتها لأنها صادرة عن أفعال العباد، أما الثانية فهي الجزاء على الأولى، والجزاء لا يسمى سيئة، وإنما أطلق ذلك من باب المشاكلة اللفظية لوقع اللفظ الثاني في صحبة الأول على الحقيقة. ومن أمثلة ذلك أيضاً قوله تعالى: (وَمَكَرُواْ وَمَكَرَ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) ()، وقوله تعالى: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ) ().

أما ذكر الشيء بلفظ غيره لصحبته إياه تقديراً فعليه قوله تعالى: (قُولُواْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ إِلَى إِبْرَاهِيمَ وَإِسْمَاعِيلَ وَإِسْحَاقَ وَيَعْقُوبَ وَالأسْبَاطِ وَمَا أُوتِيَ مُوسَى وَعِيسَى وَمَا أُوتِيَ النَّبِيُّونَ مِن رَّبِّهِمْ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّنْهُمْ وَنَحْنُ لَهُ مُسْلِمُونَ فَإِنْ آمَنُواْ بِمِثْلِ مَا آمَنتُم بِهِ فَقَدِ اهْتَدَواْ وَّإِن تَوَلَّوْاْ فَإِنَّمَا هُمْ فِي شِقَاقٍ فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللّهُ وَهُوَ السَّمِيعُ الْعَلِيمُ صِبْغَةَ اللّهِ وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللّهِ صِبْغَةً وَنَحْنُ لَهُ عَابِدونَ) ()، فقوله (صبغة الله) مصدر مؤكد لمضمون قوله (آمنا بالله)، والمعنى طهرنا الله بالإيمان تطهيراً مخالفة لفعل النصارى فيما يذهبون إليه من فعل التعميد وغيره ().

5 - طباق السلب:

وهو الجمع بين فعلي مصدر واحد أحدهما مثبت والآخر منفي، أو أمر ونهي (). وعليه يخرج قوله تعالى: (فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ) ()، فقد كرر لفظ (الخشية) بالإثبات والنفي، فطابق بينهما سلباً. وكذلك قوله تعالى: (وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يَعْلَمُونَ يَعْلَمُونَ ظَاهِراً مِّنَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) ()، فقد كرر لفظ (العلم) بالإثبات والنفي، فطابق بينهما سلباً. وكذلك قوله تعالى: (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ) ()، فقد كرر لفظ (الاستخفاء) بالإثبات والنفي، فطابق بينهما سلباً.

ويلاحظ أن التضاد في هذا اللون من الطباق إنما هم تضاد صوتي بنفي الدال وإثباته في آن، كما أن طرفي الطباق ليسا هما محور هذا التضاد الأسلوبي، إنما المحور الحقيقي هو (أداة النفي)، إذ يتم في ضوئها هذا الانزياح الصوتي والدلالي.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير