ومن المؤشرات الأسلوبية لتوظيف هذا اللون البديعي في سياق النص القرآني، أننا نجد الآيات القرآنية الموظف فيها هذا اللون لا يسير على نمط تركيبي واحد، إذ نجد آيات يتقدم فيها الفعل المنفي أولاً ويلحقه بعد ذلك الفعل المثبت كما في الآيات التالية:
- قوله تعالى: (فَلاَ تَخْشَوُاْ النَّاسَ وَاخْشَوْنِ) سورة المائدة: آية رقم (44).
- قوله تعالى: (وَمَا رَمَيْتَ إِذْ رَمَيْتَ وَلَكِنَّ اللّهَ رَمَى) سورة الأنفال: آية رقم (17).
- قوله تعالى: (فَلاَ تَلُومُونِي وَلُومُواْ أَنفُسَكُم) سورة إبراهيم: آية رقم (22).
- قوله تعالى: (لاَ يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ) سورة النحل: آية رقم (20).
- قوله تعالى: (فَلاَ تَقُل لَّهُمَا أُفٍّ وَلاَ تَنْهَرْهُمَا وَقُل لَّهُمَا قَوْلاً كَرِيماً) سورة الإسراء: آية رقم (23).
ثم يوظف النص القرآني هذه البنية البديعية بتقديم الطرف المثبت أولاً على الطرف المنفي في:
- قوله تعالى: (يُخَادِعُونَ اللّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنفُسَهُم) سورة البقرة: آية رقم (9).
- قوله تعالى: (يَسْتَخْفُونَ مِنَ النَّاسِ وَلاَ يَسْتَخْفُونَ مِنَ اللّهِ وَهُوَ مَعَهُمْ) سورة النساء: آية رقم (108).
- قوله تعالى: (فَإِنِّي أُعَذِّبُهُ عَذَاباً لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَداً مِّنَ الْعَالَمِينَ) سورة المائدة: آية رقم (115).
- قوله تعالى: (مَّكَّنَّاهُمْ فِي الأَرْضِ مَا لَمْ نُمَكِّن لَّكُمْ) سورة الأنعام: آية رقم (6).
- قوله تعالى: (اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ) سورة التوبة: آية رقم (80).
- قوله تعالى: (قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) سورة الزمر: آية رقم (9).
وهذا التنوع الأسلوبي في توظيف سياق التكرار الطباقي السلبي ما هو إلا مؤشر على تنوع الصياغة القرآنية وفرادتها في توظيف الدوال نفسها على مستويات مختلفة من السياقات التركيبية. كما أن الوظيفة الأهم في توظيف طباق السلب صوتياً هو الكشف عن الدلالة بأبعادها المختلفة خلال هذه البنية اللغوية ().
تلك هي أهم أضرب المحسنات البلاغية الصوتية بنسقها الأسلوبي، وبما تحمله من تشكيلات جمالية، وإبداعات أدائية موظفة في ثنايا النص القرآني كقيم صوتية نصية دلالية.
هوامش البحث:
1. - ابن سنان، سر الفصاحة، 162.
2. - السابق، 163 - 190.
3. - د. شكري عياد، اتجاهات البحث الأسلوبي، 32. وينظر: د. جوزيف شريم، دليل الدراسات الأسلوبية، المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، بيروت، 1984، 36.
4. - جان كوهين، بنية اللغة الشعرية، 11 - 12.
5. - ينظر: - د. لطفي عبد البديع، التركيب اللغوي للأدب، 66. – د. محمد رضا مبارك، اللغة الشعرية في الخطاب النقدي، 268.
6. - بيير جيرو، الأسلوب والأسلوبية، 40.
7. - جان كانتينو، دروس في علم أصوات العربية، 39.
8. - ياكوبسن، قضايا الشعرية، 108.
9. - د. سعد مصلوح، نحو أجرومية للنص الشعرية، مجلة فصول، القاهرة، مج 10، ع 1، 2، أغسطس 1991، 154.
10. - سورة الأحزاب: آية رقم (4).
11. - سورة آل عمران: آية رقم (35).
12. - ابن الأثير، المثل السائر، 1/ 164.
13. - ينظر: د. محمد خطابي، لسانيات النص، 11 - 25. – د. أحمد مختار عمر، علم الدلالة، 74. د. جميل عبد المجيد، البديع، 77.
14. - د. جميل عبد المجيد، البديع، 79.
15. - د. محمد الخفاجي، علم الفصاحة العربية، 165.
16. - الجاحظ، الحيوان، 1/ 94. وينظر: الجاحظ، البيان والتبيين، 1/ 105.
17. - ينظر: د. محمد خطابي، لسانيات النص، 20 – 25. – د. جميل عبد المجيد، البديع، 79 – 83.
18. - ينظر: السجلماسي، المنزع البديع، 476.
19. - ينظر: جون لاينز، علم الدلالة، ترجمة: مجيد الماشطة وآخرين، دار القلم، دمشق،1988،16،48 - 49. – د. أحمد مختار عمر، علم الدلالة، 220 –221.
20. - السجلماسي، المنزع البديع، 473.
¥