تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

يراه، سواء كان من جهة الدلالة أو من جهة السند فلم يُثبت الصفة، لذلك فإننا لا ننفي نسبته لأهل السنة والجماعة، لأنه يوافقهم في الأصل، وأما أصحاب المناهج الأخرى والبدع المغايرة لأهل السنة والجماعة فإننا ننظر إلى المنهج الذي اعتمدوه، ولذلك تجد بعضهم يقول في باب الصفات (المرجع إلى العقل) فما أثبته العقل أثبتُّه وما نفاه العقل نفيته، وما سكت عنه اختلفوا فيه على ثلاثة أقوال، فهذا منهج بدعي، وحينئذ نصف صاحبه بانتسابه إلى تلك البدعة. قال المؤلف: (تذرعوا به إلى الإلحاد في الصفات) الإلحاد كما تقدم الميل عن الحق، (في الصفات) يعني في مباحث صفات الله سبحانه وتعالى، فقالوا بأن هذه الصفات ونصوص الصفات من باب المجاز ولا يراد بها الحقيقة، فمن خلال إثبات وجود المجاز في لغة العرب وفي القرآن الكريم قالوا: إن نصوص الصفات من باب المجاز، وليست من باب الحقيقة، فلما قال تعالى: الرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى قالوا: ليس المراد بالاستواء ظاهره، وإنما المراد به الاستيلاء، وهذا من مجاز اللغة، وهذا مجاز، فجاز لنا نفي صفة الاستواء بناء على ذلك.

وأنتم تعلمون أن مثل هذا يعتبر تأويلا باطلا، لعدم قيام الدليل عليه، فليس جحدا للنص الذي وردت الصفة فيه، وأنتم تفرقون بين جحد النص والتكذيب به ورده وبين تأويله، ومن أمثلته أيضا ما ورد في النصوص من أنه سبحانه يتكلم متى شاء، ومن أنه سبحانه وتعالى يسمع الأمور أو المسموعات بعد حصولها ووجودها، ونحو ذلك مما لا يوافق عليه أصحابُ تلك العقائد الفاسدة.

قال المؤلف: (قال الشيخ: ولم يتكلم الرب به) لكن قبل هذا هل إثبات المجاز في اللغة أو في القرآن يلزم أن يكون عليه المثبت ممن ينفي الصفات؟

نقول: لا، لا يلزم فقد يُثبت الإنسان المجاز في اللغة أو في القرآن، ومع ذلك يقول بإثبات الصفات فلا يلزم من إثبات المجاز أن يكون المرء مبتدعا أو صاحب بدعة، لكنه قد يقال فيه إنه أخطأ أو لم يُوفق إلى الصواب في ذلك، فإذا كان خطؤه مع اجتهاده وتحريه للصواب فإنه حينئذ لا يأثم كما هو مقرر، (قال الشيخ) المراد بالشيخ شيخ الإسلام ابن تيمية (ولم يتكلم الرب به) المراد أن الله سبحانه وتعالى لم يتكلم بتقسيم الكلام إلى حقيقة ومجاز، ولم يتكلم الرب بإثبات لفظ المجاز، وكلام الرب صفة من صفاته كما تقدم، (ولارسوله ولا أصحابه ولا التابعون لهم بإحسان) يعني أن النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعه من خير الأمة لم يثبتوا هذا التقسيم.

ومن تكلم به، يعني من تكلم بلفظ المجاز من أهل اللغة، ومن أمثلة ذلك ما ورد عن الإمام أحمد أنه لما احتج عليه بعض أهل البدع ببعض نصوص القرآن، قال هذا من مجاز اللغة، ومراده بهذا اللفظ (هذا من مجاز اللغة) يعني أن هذا اللفظ أو هذا الاستعمال مما يسوغ في لغة العرب، وهذا القائل: (هذا من مجاز اللغة) ليس مراده أبدا المجاز بحسب الاصطلاح المتأخر الذي يقسم الكلام إلى حقيقة ومجاز (لاسيما) يعني ويدلك على أن الأئمة إذا قالوا: هذا من مجاز اللغة فليس مرادهم اصطلاح المجاز المتأخر.

وقد قالوا: إن المجاز يصح نفيه، يعني من الأمور المتقررة أن من الفروق بين الحقيقة والمجاز أن الحقيقة لا يصح نفيها، أما المجاز فإنه يصح نفيه، فإذا قلت: رأيت أسدا يخطب، قال لك قائل: الأسود لا تخطب، فنفيتُ كلامك، قال فكيف يصح حمل الآيات القرآنية على مثل ذلك؟ يعني فكيف نجعل القرآن مجازا؟ ويترتب عليه أنه يجوز نفيه، والقرآن لا يجوز نفي شيء منه، وأنت تعلم أن هذا الاستدلال في أحد المسألتين، وهي مسألة إثبات المجاز في القرآن وهي أخص من مسألة إثبات المجاز في لغة العرب.

قال: (ولا يهولنك) يعني لا يفزعك ولا يخوفك (إطباق المتأخرين عليه) يعني كون المتأخرين يتوسعون في هذا الاستعمال وهذا التقسيم للغة وللكلام إلى حقيقة ومجاز (فإنهم) يعني فإن المتأخرين (قد أطبقوا على ما هو شر من المجاز)، فإن عقائد كثير من المتأخرين مخالفة لعقيدة أهل الإسلام سواء في توحيد الربوبية أو توحيد الأسماء والصفات أو توحيد الألوهية، بل إن كثيرا من المتأخرين لم يسلموا ولم يؤمنوا بتوحيد الألوهية مع كونه أصل دين الإسلام، ولذلك نجد بعض هؤلاء يتوسل إلى بعض المقبورين ويتقرب إليهم ويعبدهم من دون الله ويذبح لهم ويصلي لهم ويسجد لهم، وهذه كلها من

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير