تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

2 ـ أو أن يكونا كلمتين حكماً؛ نحو: (لا إله إلا الله)؛ فقائلها ينجو من النار؛ لأنها تعني؛ توحيدُ الله نجاةٌ من النار.

3 ـ أو أن يكون المسند إليه كلمة (حكماً) والمسند كلمة (حقيقة) كالمثل المشهور: تسمع بالمُعَيْدِي خَيرٌ من أن تراه؛ أي: سماعُكَ بالمعيدي خَيْرٌ من رؤيته ().

4 ـ أو أن يكون المسند إليه كلمة (حقيقة) والمسند كلمة (حكماً) كقولنا: (الأميرُ يحكمُ بالعدلِ).

فالحقيقة في المسند أو المسند إليه أن تكون ثابتة لا تؤول ولا تقدَّر؛ بينما الحكم فيهما يقدَّر؛ أو يؤول على النحْو الذي يحتاج إليه أي منهما، أو كلاهما مع تمام الفائدة في المعنى.

ومن المهم هنا أن نسوق ما أثبته د. صلاح فضل حول مفهوم البلاغيين الغربيين للتغير التركيبي في الجمل الناجم عن النَّحو سواء كان النَّحو التحويلي أو الاتجاه الوظيفي في اللغة. فالوصف النحوي المنطقي لا يستبعد القيم الدلالية. ونعتذر - مسبقاً- عن طول النص المقتبس إذ لا مناص لنا من ذكره كاملاً. يقول: " إن ترتيب الكلمات في معظم اللغات المعروفة يستجيب لعوامل عدة طبقاً لمنطق المعنى، كما يستجيب لتتابع الأفعَال طبقاً لترتيب الأحداث الزمني. ويجعل الأولوية للفاعل على المفعُول؛ فهو بطل الرسالة، إلى غير ذلك من المراتب المحددة. وهذا يعني كما يقول البلاغيون الجدد أنه بدون أن نتخلى عن تمديد التغيرات التركيبية طبقاً للمنظور التوزيعي ( distributionnel) لا ننسى أنها تعمل بطريقة ملائمة لارتباط المحتوى بالتعبير. وهنا يطرح هؤلاء الباحثون سؤالاً أولياً عن درجة الصفر النحوية موازياً لما أشرنا إليه من قبل عن درجة الصفر البلاغية. ويقولون: إنه بدون الدخول في مناقشات مطولة عن الجملة والعبارة وقواعدها فإن علينا أن نقيم نموذجاً بسيطاً مقبولاً من غالبية الباحثين يخدم هدفنا كمنطلق أولي. ويرون أن درجة الصفر النَّحْوَية يمكن أن تنحصر في اللغة الفرنسية- ومثلها في ذلك العربية بشكل عام- في وصف عملي لما يطلق عليه (الحد الأدنى من الجملة التامة) ويتكون من وحدتين إحداهما اسمية والأخرى فعلية، ومن ترتيبهما، بل يكون مبتدأ و خبراً، أو فعلاً وفاعلاً، ومن التوافق الضروري بين علاميتهما. هاتان الوحدتان تعرفان تركيباً بسيطاً يتمثل في حضور اسم معرف وفعل محدد الزمن والشخص والعدد. وسواء كان الأمر يتعلق بالمنظور البلاغي أو النحوي فإن ترتيب الكلمات هو المظهر الرئيسي للتركيب وما ينجم عنه من مسائل التقديم والتأخير. وعندما يتلاعب الشاعر بالجملة العادية ليجري على نظامها عشرات التحويلات فإنه يعطينا فكرة واضحة عن التنويعات المختلفة التي يقدمها توزيع الوحدات بعناصرها العديدة. ولا يمكن أن تكون هذه التنويعات دون جدوى. وربما يكون من المثمر على المستوى البلاغي أن نقيم تمييزاً بين النظام العقلي والنظام العاطفي للكلمات " ().

فنقطة الصفر البلاغية تتمثل في الحد الأدنى للجملة المكونة من المسند والمسند إليه في العربية، ثم تأتي التنوعات في الفضلة والأداة لتزيد فيهما تنوعاً آخر، وتُحَوِّل الشكل المعياري إلى شكل بلاغي مثير. فالجملة الصغيرة المكونة من الحد الأدنى (المسند والمسند إليه) على قيمة الانزياح اللغوي فيها تبقى ذات عناصر أولية مكونة للجملة البلاغية؛ في حالة التقديم والتأخير، والحذف والذكر والفصل والوصل. وهو عينه الذي انتهى إليه عبد القاهر الجرجاني فسبق به (جاكبسون) وأمثاله كما تحدث عنهم د. صلاح فضل. فعلم الدلالة البنيوي الحديث؛ على إصلاحه للنظم المعيارية التراكمية ظل متصلاً بالدرس البلاغي والدلالي الذي نشأ في مفهوم الجملة نحوياً وبلاغياً عند العرب، وإن عمد أصحابه الجدد إلى وصف العمليات البلاغية " باعتبارها تحولات أو انحرافات تتضمن تصورات عديدة " ()، وتوحي بنظريات متطورة ابتعدت كثيراً عن الأصل.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير