* ومن ذلك توظيف القرآن الكريم للفعل (سبّح)، فقد ورد موظفاً في التركيب الفعلي بكثرة لدلالته على التجدد والحدوث حيناً بعد حين كما في قوله تعالى: ? إِنَّ الَّذِينَ عِندَ رَبِّكَ لاَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِهِ وَيُسَبِّحُونَهُ ? ().
- وقوله تعالى: ? سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ ? ().
- قوله تعالى: ? سَبَّحَ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ? ().
- قوله تعالى: ? يُسَبِّحُ لِلَّهِ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ ? ().
فقد تنوعت صيغ الفعل ما بين المضارع والماضي دلالة على شمولية هذا الفعل للزمنية، واتساقاً مع النعم المسبغة على العباد من الله، فوجب له تجديد التسبيح والشكر على هذه النعم.
غير أن هذا الفعل وظف في القرآن الكريم بالصيغة الاسمية في موضعين هما:
الأول: في وصف نبي الله يونس عليه السلام، في سياق قصته مع قومه ومع الحوت عند ابتلاعه إياه، ثم عفو الله عنه وعن قومه. يقول تعالى: ? فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنْ الْمُسَبِّحِينَ لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ? (). فالمعنى هنا على أن هذا التسبيح هو وصف يونس عليه السلام الثابت له، فنجا من محنته بتخلقه بهذا الوصف الدائم.
والثاني: في سياق حديث الملائكة الكرام عن أنفسهم بأنهم هم المسبحون في قوله تعالى: ? وَإِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ وَإِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ? (). وذلك لأن الصفة ثابتة لهم ومنهم، ودائمة على مر الأزمان، فهي خاصة بهم. فناسب بالتعبير الفعلي ما يوافقه من السياق، وكذلك بالتعبير الاسمي في نسيج الآيات القرآنية.
تلك هي أهم التلوينات الصوتية التي تولدت عن التنوع التعبيري بالجملة القرآنية في تركيباتها الاسمية والفعلية، مراعية السياق القرآني وتوظيفاته النصية لهذه التركيبات، ومتناسبة في الوقت ذاته مع معطيات الأداء التعبيري لهذه السياقات، مع القصد إلى جماليات متنوعة تتكئ في أساسها على فنية التلوين لأنها مناط الجمالية في هذه السياقات.
الهوامش:
1. - سورة الإسراء: آية رقم (111).
2. - سورة سبأ: آية رقم (13).
3. - سورة الذاريات: آية رقم (11).
4. - سورة الماعون: آية رقم (5).
5. - سورة قاطر: آية رقم (3).
6. - ينظر: د. فضل عباس، البلاغة؛ فنونها وأفنانها (علم المعاني)، دار الفرقان، الأردن، 1989، 29.
7. - ينظر: العلوي، الطراز، 2/ 25.
8. - ينظر: عبد القاهر، دلائل الإعجاز، 128 – 136. – الرازي، نهاية الإيجاز، 307 – 310. – الزنجاني، معيار النظار، 46 – 48. – البحراني، مقدمة شرح نهج البلاغة، 144 – 145. – الزملكاني، المجيد، 114 – 116.
9. -عبد القاهر، دلائل الإعجاز، 128.
10. - عبد القاهر الجرجاني، دلائل الإعجاز، 131.
11. - سيبويه، الكتاب، 1/ 41.
12. - عبد القاهر الجرجاني، دلائل الإعجاز، 132.
13. - المرجع السابق، 133 - 138.
14. - سورة آل عمران: آية رقم (78).
15. - سورة المائدة: آية رقم (61).
16. - سورة الفرقان: آية رقم (3).
17. - عبد القاهر الجرجاني، دلائل الإعجاز، 135.
18. - المرجع السابق، 136.
19. - سورة المؤمنون: آية رقم (59).
20. - سورة يس: آية رقم (7).
21. - سورة البقرة: آية رقم (274).
22. - سورة المائدة: آية رقم (64).
23. - سورة إبراهيم: آية رقم (3 1).
24. - سورة الحج: آية رقم (35).
25. - سورة السجدة: آية رقم (16).
26. - سورة آل عمران: آية رقم (17).
27. - محمد الطاهر بن عاشور، التحرير والتنوير، 3/ 302.
28. - عبد القاهر الجرجاني، دلائل الإعجاز، 114.
29. - الرازي، نهاية الإيجاز، 305.
30. - ينظر: د. فاضل السامرائي، التعبير القرآني، دار عمار، الأردن، 1998. 29.
31. - سورة الأعراف: آية رقم (206).
32. - سورة الحديد: آية رقم (1).
33. - سورة الحشر: آية رقم (1).
34. - سورة الجمعة: آية رقم (1).
35. - سورة الصافات: الآيتان رقم (143 – 144).
36. - سورة الصافات: الآيتان رقم (165 – 166).
ـ[أحلام]ــــــــ[18 - 07 - 2008, 01:55 م]ـ
جزاكم الله خيرا
وجعل الله ذلك في ميزان حسناتكم
ـ[أبو مهند المصري]ــــــــ[10 - 09 - 2009, 06:03 م]ـ
السلام عليكم
بحث قيم، كنت أريد معرفة بريدكم الإلكتروني يا دكتور أسامة للتواصل بأمر مهم، وجزاكم الله خيرًا.