تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

بينما يرى بعض أهل القراءات أن الإفراد لإرادة وصفهم بالمحافظة على جنس الصلاة والخشوع فيها أيّ صلاة كانت وأما الجمع فهو لإرادة وصفهم بالمحافظة على أعداد الصلاة وأنواعها، فالمفرد بالنظر إلى الجنس والجمع بالنظر إلى الإفراد، وعلل ابن خالويه في الحجة لذلك بقوله: «فالحجة لمن وحد أنه اجتزأ بالواحد عن الجميع كما قال تعالى ?أَوِ الطِّفْلِ? (النور: من الآية31) والحجة لمن جمع أنه أراد الخمس المفروضات والنوافل المؤكدات» ()

وقال صاحب الإتحاف: «واختلف في ? صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ ? وهو الثاني هنا فحمزة والكسائي وخلف بالإفراد على إرادة الجنس، وافقهم الأعمش، والباقون بالجمع على إرادة الخمس أو غيرها كالرواتب وخرج بالثاني الأول وهو قوله تعالى:? فِي صَلَاتِهِمْ خَاشِعُونَ? (المؤمنون من الآية:2) المتفق على إفراده كالأنعام والمعارج» ()

هذا رأي أهل القراءات وهو أيضا رأي جمهور المفسرين رحمهم الله تعالى، فالزمخشري رحمه الله تعالى يقول: «وقرئ: «على صلاتهم»؛ فإن قلت: كيف كرّر ذكر الصلاة أوّلاً وآخراً؟ قلت: هما ذِكْران مختلفان فليس بتكرير؛ وصِفُوا أَوّلاً بالخشوع في صلاتهم، وآخراً بالمحافظة عليها. وذلك أن لا يسهوا عنها، ويؤدّوها في أوقاتها، ويقيموا أركنها، ويوكلوا نفوسهم بالاهتمام بها وبما ينبغي أن تتمّ به أوصافها. وأيضاً فقد وحِّدت أولاً ليفاد الخشوع في جنس الصلاة أيِّ صلاة كانت، وجمعت آخراً لتفاد المحافظة على أعدادها، وهي الصلوات الخمس، والوتر، والسنن المرتبة مع كل صلاة وصلاة الجمعة، والعيدين، والجنازة، والاستسقاء، والكسوف، والخسوف، وصلاة الضحى، والتهجد وصلاة التسبيح، وصلاة الحاجة، وغيرها من النوافل» ()

وقال الإمام الألوسي رحمه الله تعالى: «? يُحَافِظُونَ ? بتأديتها في أوقاتها بشروطها وإتمام ركوعها وسجودها وسائر أركانها كما روى عن قتادة، وأخرج جماعة عن ابن مسعود أنه قيل له: إن الله تعالى يكثر ذكر الصلاة في القرآن ?الذين هُمْ على صَلاَتِهِمْ دَائِمُونَ ? (المعارج: 23) ?وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلاتِهِمْ يُحَافِظُونَ? (المعارج:34) قال: ذاك على مواقيتها قالوا: ما كنا نرى ذلك إلّا على فعلها وعدم تركها قال: تركها الكفر، وقيل: المحافظة عليها المواظبة على فعلها على أكمل وجه، وجيء بالفعل دون الاسم كما في سائر رؤوس الآي السابقة لما في الصلاة من التجدد والتكرر ولذلك جمعت في قراءة السبعة ما عدا الأخوين وليس ذلك تكريراً لما وصفهم به أولاً من الخشوع في جنس الصلاة للمغايرة التامة بين ما هنا وما هناك كما لا يخفى.» ()

وقال الإمام البقاعي رحمه الله تعالى: «وحِّدت في قراءة حمزة والكسائي للجنس، وجمعت عند الجماعة إشارة إلى أعدادها وأنواعها» ()

وقال الطاهر ابن عاشور رحمه الله تعالى: «وجيء بالصلوات بصيغة الجمع للإشارة إلى المحافظة على أعدادها كلها تنصيصاً على العموم، وإنما ذكر هذا مع ما تقدم من قوله:?الَّذِينَ هُمْ فِي صَلاتِهِمْ خَاشِعُونَ? (المؤمنون:2) لأن ذكر الصلاة هنالك جاء تبعاً للخشوع فأريد ختم صفات مدحهم بصفة محافظتهم على الصلوات ليكون لهذه الخصلة كمالُ الاستقرار في الذهن لأنها آخر ما قرع السمع من هذه الصفات.

وقد حصل بذلك تكرير ذكر الصلاة تنويهاً بها، ورداً للعجز على الصدر تحسيناً للكلام الذي ذكرت فيه تلك الصفات لتزداد النفس قبولاً لسماعها ووعيها فتتأسى بها» ()

من خلال استعراض أقوال أهل العلم من أهل القراءات والتفسير رحمهم الله تعالى جميعا، تبين أن اختلاف التعبير يرجع إلى سر بلاغي رائع، فالقراءتان تتفقان ولا تختلفان، بل إن كل قراءة منهما تفيد معنى من المعاني غير الذي تفيده أختها، لكنهما في النهاية تتعاونان على إبراز المعني في أجلى صوَرِه وأحسن مظاهره.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير