تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

فقراءة الإفراد تفيد وصف المؤمنين بالإتقان والخشوع في جنس الصلاة أيّ صلاة كانت، فرضا كانت أو نفلاً؛ فهم يقدرونها حق قدرها ويعرفون قيمتها، فلا يهملون في الخشوع في نفل لأن الشرع لم يعنِّف على تركه، ولا يخشعون في فرض لأن الشرع أكَّد عليه وبالغ في الوعيد على التهاون به، لا، بل يخشعون في جنس الصلاة جميعها ويقيمونها لله تعالى على الإتقان والإحسان حبا فيها لأنها تقربهم من مولاهم وتصل بينهم وبينه برباط متين وعروة لا تنفصم، إنهم يعلمون أن السجود يقرب من الملك المعبود، فيحبون كل صلاة فيها ركوع وسجود، ويخشعون فيها أيًّا كانت بغض النظر عن كونها فرضا أو سنة، مادامت في النهاية تصل بينهم وبين ربهم، ومولاهم.

أما قراءة الجمع، فقد جاءت لتبين أنهم يحافظون على جميع الصلوات، ويحرصون على اغتنام الفرصة للارتماء على أعتاب الله تعالى فلا يجدون فرصة يسجدون فيها لله إلا بادروا باغتنامها، أيا كانت تلك الصلاة، فالجمع يفيد المحافظة على أعداد الصلوات وأفرادها وأنواعها؛ إنهم يحبون كل ركوع وسجود، سواء أكان هذا الركوع والسجود في صلاة عيد، أم قيام رمضان أم صلاة الضحى، أم صلاة جنازة، أم استسقاء، أم خسوف أم كسوف، أم ظهر، أم عصر، إلى غير ذلك من أفراد الصلوات وأنواعها، فرضا كانت أو نفلا، فقراءة الإفراد وصفتهم بحب الصلاة وقراءة الجمع وصفتهم بحب أفراد الصلاة، فتعانقت القراءتان في وصف المؤمنين بالمحافظة على الصلاة بأروع معنى وأفخم عبارة.

فتبارك الذي نزَّل هذا القرآن العظيم، ورحم الله علماء الأمة الذين بينوا بعض ما فيه من آيات الإعجاز ودلائل البلاغة.

ومما يتصل بهذه القضية أمر آخر، له صلة بهذه القراءة، وذلك أن القرآن الكريم حين مدح المؤمنين بالمحافظة على الصلاة ورد التعبير بقراءتين، بينما عبر الكتاب العزيز بلفظ المفرد فقط حين ذم الساهين عن صلاتهم، وذلك في سورة الماعون في قول الله تبارك اسمه: ?فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُونَ? (الماعون:4 - 5)، ولنا أيضا أن نتساءل عن السر في اختيار التعبير بالجنس عند ذم الساهين عن صلاتهم، ولم يقل الله تعالى مثلا" «عن صلواتهم»

وأنا لم أتوصل إلى سر التعبير بالمفرد في سورة الماعون فلو يسر الله لأحد الأفاضل من الأعضاء فليتحفنا بما فتح الله له وله جزيل الشكر

وصلى الله على نبينا محمد وآله

ـ[محمد احمد محمود شلبي]ــــــــ[27 - 07 - 2008, 11:05 ص]ـ

أنتظر مشاركات الإخوة وخصوصا في موضوع الإعجاز البياني في الإفراد والجمع في القراءات القرآنية، وقد علمت أن الدكتور محمد أحمد الخراط له مؤلف عن هذا الموضوع لكن لم أستطع العثور عليه، أرجو أن أجده إن شاء الله

ـ[طاوي ثلاث]ــــــــ[27 - 07 - 2008, 03:21 م]ـ

فتح الله عليك يا جامع الحمد شلبي

دعني استغل وجود مثلك لأسأل فأقول:

عبر بالمفرد ليدخل كل ساه في الوعيد، و لو كان التعبير بالجمع لم يدخل فيه من سهى عن صلاة أو صلاتين، و الله تعالى أعلم.

أستغفر الله لي و لك من كل ذنب.

ـ[محمد احمد محمود شلبي]ــــــــ[28 - 07 - 2008, 08:19 م]ـ

بسم الله الرحمن الرحيم

أخي "طاوي ثلاث" السلام عليكم ورحمة الله وبركاته، بورك فيك، ولعل الله تعالى أن يفتح لبقية الإخوة من أبواب كرمه الغزير ما يثرينا، ويروينا،

وقد خطر لي تعليل لعل له وجها من الصحة، وهو أن التعبير بالمفرد في الماعون، أبلغ من التعبير بالجمع، فالمفرد يشمل الجنس أي أنهم ساهون عن جنس الصلاة فريضة كانت أو نافلة، ولو قال عن صلواتهم لربما ظُنَّ أنهم قد يؤدون بعضها ويسهون عن البعض الآخر.

ـ[د. حجي إبراهيم الزويد]ــــــــ[28 - 07 - 2008, 09:03 م]ـ

الأستاذ الفاضل محمد احمد محمود شلبي:

بارك الله فيك لهذا البحث الثري.

أَرَأَيْتَ الَّذِي يُكَذِّبُ بِالدِّينِ (1) فَذَلِكَ الَّذِي يَدُعُّ الْيَتِيمَ (2) وَلَا يَحُضُّ عَلَى طَعَامِ الْمِسْكِينِ (3) فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5) الَّذِينَ هُمْ يُرَاءُونَ (6) وَيَمْنَعُونَ الْمَاعُونَ (7)

فَوَيْلٌ لِلْمُصَلِّينَ (4) الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ (5)

{الَّذِينَ هُمْ عَنْ صَلَاتِهِمْ سَاهُونَ}

نجد أن الآية الشريفة لم تقل «في صلاتهم ساهون»، لأن السهو في الصلاة قد يعترض أي فرد مسلم، ولكن السياق القرآني عبر بـ: «عن صلاتهم ساهون».

هذه الآية ليست في معرض الحديث عن السهو أثناء الصلاة, بل السهو عن الصلاة بشكل خاص.

إنها تتحدث عن أناس ساهين عن الصلاة بسبب تقصير لا قصور, فهم يسهون عن الصلاة بأجمعها.

هؤلاء المقصدون بالخطاب أناس غافلون عن الصلاة أساسا, لا يولونها أهمية, ولا لا يهتمون بها و لا يبالون أن فاتتهم الصلاة في كل الأوقات أو بعضها, كما أنها لا يهتمون بأداء الصلاة في أوقات الفضيلة و هكذا.

هؤلاء المقصودن بالخطاب, لا يقيمون للصلاة وزنًا، ولا يهتمون بأوقاتها، ولا يراعون أركانها وشروطها وآدابها.

لذا اتفق معك أن المراد بالصلاة الجنس, ولذا كان التعبير أكثر دلالة على المعنى من مفردة صلواتهم.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير