ولأن النفي متسلط هنا على قضية خطيرة هي قضية الخلق، وذلك في جانب هذه الأوثان، جاء دور طباق السلب غاية في الأهمية، إذ ليس غيره ليؤدي هذه المهمة المتمثلة في إثبات الصفة الجليلة للخالق عز وجلّ، ونفيها هي لا غيرها باللفظ ذاته عن هذه الأصنام. يقول الألوسي: " كان حق الكلام بحسب الظاهر في بادئ النظر (أفمن لا يخلق كمن يخلق)، لكن قيل: حيث كان التشبيه نسبة تقوم بالمنتسبين، اختير ما عليه النظم الكريم مراعاة لحق سبق الملكة على العدم، وتفادياً عن توسيط عدمها بينها وبين جزئياتها المفصلة قبلها، وتنبيهاً على كمال قبح ما فعلوه من حيث إن ذلك ليس مجرد رفع أصنامهم عن محلها، بل هو حطّ لمنزلة الربوبية إلى مرتبة الجماد " ().
فأسهم تعاضد طباق السلب مع فنية التشبيه المقلوب في إفادة عظمة الله تعالى وفضله بنعمة الخلق، وفساد زعم هؤلاء الكافرين في تقديسهم مخلوقات حقيرة ورفعها لمصاف الخالق.
تلك هي أهم ملامح التلوين الصوتي بالتكرار في سياق الجملة القرآنية، وما تبعه من تقاطعات سياقية في إطار التعبير القرآني مع هذه الفنية، وتضافره معها في إثراء الدلالة في هذه التراكيب القرآنية في ضوء ارتباطها بالغرض العام لهذه السياقات.
الهوامش:
1. - ينظر: د. محمد عبد المطلب، هكذا تكلم النص، الهيئة المصرية العامة للكتاب، القاهرة، 1997، 40.
2. - ينظر: د. محمد العياشي، نظرية إيقاع الشعر العربي، 283.
3. - سورة يوسف: آية رقم (65).
4. - د. إبراهيم جنداري، الإيقاع في القصة القرآنية، 194.
5. - عبد الكريم الخطيب، القصص القرآني في منطوقه ومفهومه، دار المعرفة، بيروت، ط2، 1988، 463.
6. - سورة المائدة: آية رقم (27).
7. - ينظر: د. عز الدين السيد، التكرير بين المثير والتأثير، دار الطباعة المحمدية، القاهرة، 1978، 41.
8. - سورة هود: آية رقم (48).
9. - د. عبد الفتاح لاشين، من أسرار التعبير، 34. وينظر: القرطبي، الموضح، 174. – مكي بن أبي طالب، الرعاية، 240.– ابن الجزري، النشر، 2/ 26. – ابن الجزري، التمهيد، 56. – المرعشي، جهد المقل، 133.
10. - عبد الكريم الخطيب، إعجاز القرآن، دار المعرفة، بيروت، ط2، 1987، 2/ 274.
11. - د. محمد بنيس، ظاهرة الشعر المعاصر في المغرب، دار إفريقيا الشرق، الدار البيضاء، 2002، 61.
12. - ينظر: ابن المعتز، البديع، 25. – العسكري، كتاب الصناعتين، 330.
13. - عبد القاهر الجرجاني، أسرار البلاغة، تحقيق: محمود شاكر، دار المدني، القاهرة، 1991، 7.
14. - السيوطي، الإتقان في علوم القرآن، 2/ 116.
15. - د. صلاح فضل، بلاغة الخطاب وعلم النص، 210.
16. - سورة البقرة: آية رقم (185).
17. - ينظر: ابن عطية، المحرر الوجيز، 1/ 170. - أبو السعود، إرشاد العقل السليم، 1/ 133. – القرطبي، الجامع لأحكام القرآن، 2/ 208.
18. - ابن عاشور، التحرير والتنوير، 3/ 33.
19. - سورة المائدة: آية رقم (13).
20. ينظر: أبو السعود، إرشاد العقل السليم، 2/ 92. – أبو حيان، البحر، 4/ 256.
21. - د. سعد أبو الرضا، في البنية والدلالة، 39.
22. - د. منير سلطان، البديع في شعر شوقي، منشأة المعارف، الإسكندرية، 1986، 167.
23. - سورة البقرة: آية رقم (225).
24. - أبو السعود، إرشاد العقل السليم، 1/ 148.
25. - سورة النساء: آية رقم (108).
26. - أبو السعود، إرشاد العقل السليم، 2/ 122.
27. - ابن عاشور، التحرير والتنوير، 5/ 32.
28. - سورة النحل: آية رقم (17).
29. - أبو حيان، البحر المحيط، 7/ 209.
30. - الألوسي، روح المعاني، 5/ 259.
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[28 - 07 - 2008, 05:08 م]ـ
حبذا أخي لوأخذناها جزء جزء بدلاً من هذا الحشو
بارك الله فيك