الشرح (ويتضمن معاني الكلمات اختصارا):
ثم شرع وتعالى يُبَيّن قدرته العظيمة على خلق الأشياء الغريبة والأمور العجيبة، الدالة على قدرته على ما يشاء من أمر المعاد وغيره، فدلهم على قدرته على البعث، أي قدرتنا على إيجاد هذه الامور أعظم من قدرتنا على الإعادة.
قال تعالى: {أَلَمْ نَجْعَلِ الأرْضَ مِهَادًا}؟ أي: ممهدة للخلائق ذَلُولا لهم، قارّةً ساكنة ثابتة، والمهاد الوطاء والفراش.
{وَالْجِبَالَ أَوْتَادًا} أي: جعلها لها أوتادًا أرساها بها وثبتها وقرّرها حتى سكنت ولم تضطرب بمن عليها.
ثم قال: {وَخَلَقْنَاكُمْ أَزْوَاجًا} يعني: أصنافا , ذكرًا وأنثى، يستمتع كل منهما بالآخر، ويحصل التناسل بذلك، كقوله: {وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً} [الروم: 21].
وقوله: {وَجَعَلْنَا نَوْمَكُمْ سُبَاتًا} أي: قطعا للحركة لتحصل الراحة من كثرة الترداد والسعي
في المعايش في عرض النهار.
فائدة:
" سباتا " المفعول الثاني، أي راحة لأبدانكم، ومنه يوم السبت أي يوم الراحة، أي قيل لبني إسرائيل: استريحوا في هذا اليوم، فلا تعملوا فيه شيئا.
وأنكر ابن الانباري هذا وقال: لا يقال للراحة سبات.
وقيل: أصله التمدد، يقال: سبتت المرأة شعرها: إذا حلته وأرسلته، فالسبات كالمد، ورجل مسبوت الخلق: أي ممدود.
وإذا أراد الرجل أن يستريح تمدد، فسميت الراحة سبتا.
{وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا} أي: يغشى الناس ظلامه وسواده، كما قال: {وَاللَّيْلِ إِذَا يَغْشَاهَا} [الشمس: 4] وقال الشاعر:
فَلَمَّا لَبِسْنَ اللَّيْلَ، أو حِينَ نَصَّبتْ ... له مِن خَذا آذانِها وَهْوَ جَانِحُ ...
وقال قتادة في قوله: {وَجَعَلْنَا اللَّيْلَ لِبَاسًا} أي: سكنًا.
وقوله: {وَجَعَلْنَا النَّهَارَ مَعَاشًا}: فيه إضمار، أي وقت معاش، أي متصرفا لطلب المعاش وهو كل ما يعاش به من المطعم والمشرب وغير ذلك.
أي: جعلناه مشرقا مُنيرًا مضيئًا، ليتمكن الناس من التصرف فيه والذهاب والمجيء للمعاش والتكسب والتجارات، وغير ذلك.
يتبع اللفتات ...
ـ[مُبحرة في علمٍ لاينتهي]ــــــــ[05 - 08 - 2008, 12:08 ص]ـ
يتبع ...