تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

<<  <   >  >>

السؤال الخامس: هل المراد من هذا الحكم جمع معينون أو المراد الحكم على الإنسان المطلق؟.

والجواب: عن السؤال الأول من وجوه:

الأول: أن الكريم يسعى في أن يقع الختم على الخير والراحة والسرور والبهجة فإذا وهب الولد الأنثى أولاً ثم أعطاه الذكر بعده فكأنه نقله من الغم إلى الفرح وهذا غاية الكرم، أما إذا أعطى الولد أولاً ثم أعطى الأنثى ثانياً فكأنه نقله من الفرح إلى الغم فذكر تعالى هبة الولد الأنثى أولاً وثانياً هبة الولد الذكر حتى يكون قد نقله من الغم إلى الفرح فيكون ذلك أليق بالكرم

الوجه الثاني: أنه إذا أعطى الولد الأنثى أولاً علم أنه لا اعتراض له على الله تعالى فيرضى بذلك فإذا أعطاه الولد الذكر بعد ذلك علم أن هذه الزيادة فضل من الله تعالى وإحسان إليه فيزداد شكره وطاعته، ويعلم أن ذلك إنما حصل بمحض الفضل والكرم

والوجه الثالث: قال بعض المذكرين الأنثى ضعيفة ناقصة عاجزة فقدم ذكرها تنبيهاً على أنه كلما كان العجز والحاجة أتم كانت عناية الله به أكثر

الوجه الرابع: كأنه يقال أيتها المرأة الضعيفة العاجزة إن أباك وأمك يكرهان وجودك فإن كانا قد كرها وجودك فأنا قدمتك في الذكر لتعلمي أن المحسن المكرم هو الله تعالى، فإذا علمت المرأة ذلك زادت في الطاعة والخدمة والبعد عن موجبات الطعن والذم، فهذه المعاني هي التي لأجلها وقع ذكر الإناث مقدماً على ذكر الذكور

وإنما قدم ذكر الذكور بعد ذلك على ذكر الإناث لأن الذكر أكمل وأفضل من الأنثى والأفضل الأكمل مقدم على الأخس الأرذل، والحاصل أن النظر إلى كونه ذكراً أو أنثى يقتضي تقديم ذكر الذكر على ذكر الأنثى، أما العوارض الخارجية التي ذكرناها فقد أوجبت تقديم ذكر الأنثى على ذكر الذكر، فلما حصل المقتضي للتقديم والتأخير في البابين لا جرم قدم هذا مرة وقدم ذلك مرة أخرى، والله أعلم.

وأما السؤال الثاني: وهو قوله لم عبر عن الإناث بلفظ التنكير، وعن الذكور بلفظ التعريف؟

فجوابه: أن المقصود منه التنبيه على كون الذكر أفضل من الأنثى.

وأما السؤال الثالث: وهو قوله لم قال تعالى في إعطاء الصنفين {أَوْ يُزَوّجُهُمْ ذُكْرَاناً وإناثا}؟

فجوابه: أن كل شيئين يقرن أحدهما بالآخر فهما زوجان، وكل واحد منهما يقال له زوج والكناية في {يُزَوّجُهُمْ} عائدة على الإناث والذكور التي في الآية الأولى، والمعنى يقرن الإناث والذكور فيجعلهم أزواجاً.

وأما السؤال الرابع: فجوابه أن العقيم هو الذي لا يولد له، يقال رجل عقيم لا يلد، وامرأة عقيم لا تلد وأصل العقم القطع، ومنه قيل الملك عقيم لأنه يقطع فيه الأرحام بالقتل والعقوق.

وأما السؤال الخامس: فجوابه قال ابن عباس {يَهَبُ لِمَن يَشَاءُ إناثا} يريد لوطاً وشعيباً عليهما السلام لم يكن لهما إلا النبات {وَيَهَبُ لِمَن يَشَاءُ الذكور} يريد إبراهيم عليه السلام لم يكن له إلا الذكور {أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْرَاناً وإناثا} يريد محمداً صلى الله عليه وسلم كان له من البنين أربعة القاسم والطاهر وعبد الله وإبراهيم، ومن البنات أربعة زينب ورقية وأم كلثوم وفاطمة {وَيَجْعَلُ مَن يَشَاءُ عَقِيماً} يريد عيسى ويحيى، وقال الأكثرون من المفسرين هذ الحكم عام في حق كل الناس، لأن المقصود بيان قدرة الله في تكوين الأشياء كيف شاء وأراد فلم يكن للتخصيص معنى، والله أعلم.

ثم ختم الآية بقوله {إِنَّهُ عَلِيمٌ قَدِيرٌ} قال ابن عباس عليم بما خلق قدير على ما يشاء أن يخلقه، والله أعلم.

ـ[خالد مغربي]ــــــــ[13 - 08 - 2008, 04:32 ص]ـ

ما أجمل هذه النافذة

بدؤها أدب، وقلبها نحو، ومسكها بلاغة

عمر الله قلوبكم بالخير

ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[13 - 08 - 2008, 08:11 ص]ـ

الحديث ممتع وشيق في هذا المجال

ولكنه -الباري عز وجل -يقول في موضع آخر:

وليس الذكر كالأنثى ....... وهنا شرف الأنثى على الذكر لأنه

في عرف البلاغيين أن المشبه به أشرف وأعلى قدرا من المشبه

إلا في التشبيه المقلوب ومثاله:

بدا الصبح كأن غرته ,,,,,وجه الخليفة حين يمتدح

حيث جعل الصبح مشبها وحقه أن يكون المشبه به

وما دمنا في حديث الذكر والأنثى يقول المتنبي:

وما التأنيث لاسم الشمس عيب ....... ولا التذكير فخر للهلال

وبين ما في البيت من بلاغة وقوة معنى

بارك الله فيكم

بوركت أخي الكريم بحر الرمل على المرور الكريم والتفاعل اللطيف، وأدعو لك بتيسير الزواج قريباً بإذن الله!

ـ[أحمد الغنام]ــــــــ[13 - 08 - 2008, 08:15 ص]ـ

جزاكم الله خيرًا، وبارك فيكم ..

واسمحوا لي بهذا الملمح البلاغي في الآية الكريمة:

وقع في الآية حسن تقسيم على أبلغ وجه وأحسنه:

فالله - جلت قدرته - إما أن يفرد العبد بهبة الإناث، أو بهبة الذكور، أو يجمعهما له، أو لا يهبه أيًا منهما.

وقدم النظم الكريم الإنعام بالذرية على الحرمان منها؛ لأن الآية سيقت في مجال الاعتداد بالنعم، وإنعامه على عباده أهم عنده، وأكثر إيناسًا للنفوس.

وأتى بذكر الحرمان؛ ليكتمل التمدّح؛ بالقدرة على المنع، كما يمدح بالعطاء، فيستقر في الأذهان: أنه لا مانع لما أعطى، ولا معطيَ لما منع.

وتأملوا كيف عبّر النظم الكريم بلفظ الهبة، وكيف عدل عن لفظ الحرمان إلى لفظ (يجعل)؛ لأن الحرمان ثقيل على النفوس، فأريد اللطف معها.

والله - تعالى - أعلم.

ملاحظة: التقديم والتأخير من فنون علم المعاني البلاغي، فما رأي الأستاذ الفاضل أحمد الغنام في نقل الموضوع إلى قسمه الأكثر ملاءمة له؟

بارك الله فيك وفي جهودك الكريمة.

بوركت أختي الكريمة على الاثراء للموضوع واللفتة الكريمة بالتعبير للحرمان بـ "ويجعل " باعتبار نسبة الفعل لله عز وجل وهو كثير في القرآن ..

وأما النقل لقسم البلاغة فلا مانع في ذلك وسينفذ فوراً، نفع الله بك أخية.

¥

<<  <   >  >>
تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير