نفيٌ تسلط على النكرتين: "حول" و "قوة" فأفاد العموم، فلا تحول من حال إلى حال، ولا قوة يحصل بها ذلك التحول إلا بالله، فعطف القوة على الحول من باب عطف: السبب على مسبَبِه، أو عطف: العلة على معلولها، أو: المقدمة على نتيجتها، فكلاهما لا يكون إلا بالله، عز وجل، والباء للسببية، فالله، عز وجل، مسبب الأسباب، فلا يستقل السبب بالتأثير، بل كل سبب له شريك يؤيده وضد يعارضه، فالطعام سبب لقيام البدن، ولكن له شريكا يؤيده من قوى البدن التي تهضمه وتمتصه، وضدا يعارضه من آفة تعرض لتلك القوى فلا تنتفع به، والله، عز وجل، لا شريك له يظاهره، ولا ضد له يعارضه، وفي التنزيل: (قُلِ ادْعُوا الَّذِينَ زَعَمْتُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ لَا يَمْلِكُونَ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ فِي السَّمَاوَاتِ وَلَا فِي الْأَرْضِ وَمَا لَهُمْ فِيهِمَا مِنْ شِرْكٍ وَمَا لَهُ مِنْهُمْ مِنْ ظَهِيرٍ)
وفي رواية: لا إله إلا الله العلي العظيم: فـ: "أل" استغراقية لصفات العلو والعظمة ذاتا وصفاتا.
له النعمة: تقديم ما حقه التأخير، وعموم "أل" الجنسية كما تقدم مرارا.
وله الفضل: عطف بذكر الجار والمجرور: "له" توكيدا للاستحقاق، والعطف من قبيل: عطف العام على الخاص، إذ نعم الله، عز وجل، من فضله، فمعنى الفضل أعم من معنى النعمة، كما يوصف الآدمي، ولله المثل الأعلى، بأنه فاضل في نفسه متفضل على غيره، والنعمة تتعلق بالتفضل على الغير، والباري، عز وجل، أحق من تفضل على خلقه بنعم: الإيجاد والإعداد والإمداد .......... إلخ من النعم التي لا تحصى، ففي كل سكنة نعمة، وفي كل حركة نعمة، وفي كل يقظة نعمة، وفي كل رقدة نعمة، وفي كل لقيمة نعمة، وفي كل شربة نعمة، ولا غنى للمخلوق الفقير عن فضل الخالق الغني، إذ كيف يستغني الفقير فقرا ذاتيا لا ينفك عنه عن الغني غنى ذاتيا لا ينفك عنه؟!!!!.
وله الثناء الحسن: إطناب في الثناء على الله، عز وجل، فالمقام مقام جمال يتفضل فيه السيد على عبده بصنوف النعم.
لا إله إلا الله: تكرار للتوكيد وقع مع كل عبارة سابقة.
مخلصين له الدين: حصر بتقديم "له"، واستغراق دلت عليه في "أل" في "الدين"، كما تقدم مرارا، فالدين فعلا: بكمال المحبة وكمال الذل، ومفعولا: بشعائر الصلاة والزكاة ............. إلخ خالص له عز وجل.
ولو كره الكافرون: احتراس، فالدين خالص له شاء الخلق أو أبوا، فليس الأمر لهم ليستأذنوا، وليس الرزق إليهم ليستطعموا، فلا يملكون ضرا ولا نفعا، ولا حياة ولا نشورا، فعلام الخوف منهم وهم عبيد مربوبون وإن جحدوا وكابروا؟!!!.
*****
ومنه أيضا:
لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ لَهُ الْمُلْكُ وَلَهُ الْحَمْدُ وَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْتَ وَلَا يَنْفَعُ ذَا الْجَدِّ مِنْكَ الْجَدُّ:
اللَّهُمَّ لَا مَانِعَ لِمَا أَعْطَيْتَ: "مانع": نكرة في سياق النفي فتفيد العموم، وفي الكلام إيجاز بحذف عائد الصلة في: "أعطيته".
وَلَا مُعْطِيَ لِمَا مَنَعْت: كما تقدم في "مانع"، فـ: "معطي": نكرة في سياق النفي فتفيد العموم، وفي الكلام إيجاز بحذف عائد الصلة في: "منعته".
وفي الكلام طباق بالإيجاب في كل جملة بين: المنع والإعطاء. و: مقابلة بين الجملتين: "لا مانع لما أعطيت" و "لا معطي لما منعت"، وفي ذلك من العموم ما يشمل كل أفعال العباد فهي في العطاء والمنع، في الرضا والغضب، في المحبة والبغض، لا تخرج عن إرادة الله، عز وجل، الكونية.
ولا ينفع ذا الجد منك الجد: نفي تسلط على المصدر الكامن في الفعل: "ينفع" فأفاد العموم فلا ينفع ذا الجاه والحظ منك جاهه وحظه إذ لا نسب بين العباد وربهم جل وعلا إلا الطاعة.
والله أعلى وأعلم.