تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

وإنما يخالف فى هذا المتأخرون الذين يضعفون المجاهيل بلا حجة. ومفهومها عند قائلها، وهو الحافظ الذهبى، ما بيَّنه فى خاتمة ((ديوان الضعفاء)) (ص374): ((وأما المجهولون من الرواة، فإن كان الرجل من كبار التابعين أو أوساطهم احتمل حديثه وتلقى بحسن الظن، إذا سلم من مخالفة الأصول وركاكة الألفاظ)). فلماذا تغاضى الشيخ الألبانى عن هذه القاعدة الذهبية المفسِّرة لقوله ((لا يكاد يُعرف))؟!.

علماً بأن سعيد بن حيان كما قال الحافظ فى ((التقريب)) (1/ 293): ((من الثالثة)) يعنى من أوساط التابعين كالحسن البصرى وابن سيرين. وإنما نقول هذا رداً على من ضعَّفه، وإلا فالرجل فى غنيةٍ عن هذا الدفاع، فقد وثَّقه اثنان: العجلى فى ((معرفة الثقات)) (1/ 396)، وابن حبان فى ((الثقات)) (4/ 280/2901).

وقال الحافظ ((تهذيب التهذيب)) (4/ 17/26): ((لم يقف ابن القطان على توثيق العجلى، فزعم أنه مجهول))، وأما اقتصاره فى ((التقريب)) على ذكر توثيق العجلى فلهذه العلَّة التى بيَّنها، وليس كما زعم الألبانى أنه لم يتبين له توثيقه!!، سيما وقد ذكر فى ((التهذيب)) أن العجلى وابن حبان وثَّقاه، ولا يخفاك أن ((تقريب التهذيب)) اختصار للـ ((التهذيب)). وأما الحافظ الذهبى الذى ذكر فى ((الميزان)) أنه ((لا يكاد يُعرف)) بناءً على قاعدته الآنفة فى ((ديوان الضعفاء))، فقد أعاد ذكره فى ((الكاشف)) (1/ 434/1871) فقال: ((ثقة))، فبان بهذا أن قوله عن الراوى ((لا يكاد يُعرف))؛ ليس تضعيفاً كما يتصوره الشيخ الألبانى ـ طيَّب الله ثراه ـ!.

وقد ذكر سعيداً هذا البخارى فى ((التاريخ)) (3/ 463/1539)، وابن أبى حاتم فى ((الجرح والتعديل)) (4/ 12/44)، فلم يذكرا فيه جرحاً ولا تعديلاً.

والخلاصة، فإن سعيد بن حيان التيمى، والد أبى حيان التيمى، ثقة مرضىٌّ، وإن تفرد عنه ابنه، وحديثه متلقى بالقبول.

(ثانياً) محمد بن الزبرقان أبو همام الأهوازى، ثقة من رجال ((الصحيحين))، وثَّقه على بن المدينى، والبخارى، وابن حبان، والدارقطنى. وقال أبو حاتم الرازى: صالح الحديث صدوق. وقال أبو زرعة: صالح وسط. وقال النسائى: ليس به بأس. وقال ابن حبان: ثقة ربما أخطأ.

ولأجل ذلك، وتوفيقاً بين كلام الأئمة، قال الحافظ ابن حجر ((التقريب)) (2/ 161): ((صدوق ربما وهم)). وفرقٌ بين هذا وبين ما نقله عنه الشيخ الألبانى بالمعنى بقوله ((صدوق يهم))، فإن الحكم الصحيح ينبؤ عن قلة وهمه أو ندرته، بينما ينبؤ الثانى عن الكثرة واللزوم!!.

وعليه، فالأهوازى ثقة ربما أخطأ كما يخطئ غيرُه من الثقات، فمثله ما لم يخالفه من هو أوثق منه متلقى حديثه بالقبول والتصحيح، وإن تفرد، كما هو معلوم من ((قواعد علم المصطلح)).

فلننظر فى حديث جرير الذى ظنَّ الشيخ الألبانى ـ طيَّب الله ثراه ـ أنه يعارض حديث أبى همام الأهوازى الثقة الصدوق، ولو أنَّه طالع ((سنن الدارقطنى))، ما خفى عليه ضعفه.

أخرجه الدارقطنى (3/ 35/140) قال: حدَّثنا هبيرة بن محمد بن أحمد الشيبانى نا أبو ميسرة النهاوندى نا جرير عن أبى حيان التيمى عن أبيه قال: قال رسول الله صلَّى الله عليه وسلَّم: ((يدُ الله على الشريكين ما لم يخُنْ أحدُهما صاحبَه، فإذا خانَ أحدُهما صاحبَه رفعَها عنْهُما)).

قلت: فمن أبو ميسرة هذا الذى أدخل هذا الحديث على جرير بن عبد الحميد؟؟، وهل تقوى روايته المرسلة مع شدة ضعفه على معارضة رواية أبى همام الثقة الصدوق؟!.

قال ابن حبان فى ((المجروحين والمتروكين)) (1/ 144): ((أحمد بن عبد اللَّه بن ميسرة الحرانى، أبو ميسرة النهاوندى. يأتى عن الثقات بما ليس من أحاديث الأثبات، لا يحل الاحتجاج به))، وذكر له حديثين عن ابن عمر، وقال: ((هذان خبران باطلان رفعهما)).

وقال أبو أحمد بن عدى فى ((الكامل فى الضعفاء)) (1/ 176): ((كان بهمدان. حدَّث عن الثقات بالمناكير، ويحدِّث عمن لا يعرف ويسرق حديث الناس)).

قلت: فهذه رواية واهية بمرة، لا يحل الاحتجاج بها لحال أبى ميسرة النهاوندى. والذى أعتقده أن الألبانى لم ينظر فى إسناد الدارقطنى، ولو فعل فلم يكن ليخفى عليه شدة ضعف رواية أبى ميسرة، وإنما قال ما قاله تحسيناً للظن بابن القطان، وتقليداً له!!.

فإذ قد بان أن الحديث الموصول لا يعارض بهذه الرواية الواهية، فقد ثبتت صحته، ووجب الاحتجاج به.

وتمام البحث، أن نقول ((إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت وما توفيقى إلا بالله))، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.

ـ[أبو حازم فكرى زين العابدي]ــــــــ[25 - 03 - 04, 10:01 م]ـ

جزاكم الله خيرا و متعنا الله بعلمك

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير