تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

إتحاف الأوَّاه بصحة ح ((مَا مِنْ ثَلاثَةٍ فِي قَرْيَةٍ لا تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلاة))

ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[12 - 06 - 04, 08:54 م]ـ

إتحاف الأوَّاه بصحة حديث ((مَا مِنْ ثَلاثَةٍ فِي قَرْيَةٍ لا تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلاةُ))

الحمد لله ناصر الحق ورافعى لوائه. والصلاة والسلام على خير خلقه وأنبيائه. وبعد .. .

فقد ذكر شيخ الإسلام أبو زكريا النووى فى:

باب فضل صلاة الجماعة

من كتابه البديع المثال، البعيد المنال ((رياض الصالحين))

(1068) عن أبى الدرداء رضى الله عنه قال: سَمعتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((مَا مِنْ ثَلاثَةٍ فِي قَرْيَةٍ، وَلا بَدْوٍ، لا تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلاةُ، إِلا قَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ، فَعَلَيْكُمْ بِالْجَمَاعَةِ، فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ مِنْ الغَنَمِ الْقَاصِيَةَ)).

وقال: رواه أبو داود بإسنادٍ حسن.

فعمد المدعو حسان عبد المنان فى نسخته الممسوخة لهذا السفر العظيم، الذائع الصيت بين جماهير أهل الإيمان، فمحاه من الأصل وحذفه زاعماً ضعفه وعدم حجية العمل به، وأودعه ذيل هاتيك النسخة الممسوخة له، والتى نشرتها المكتبة الإسلامية بالأردن فى ثلاث طبعات فيما أعلم، آخرها سنة 1413.

وقال المدعو حسان: ((فيه السائب بن حبيش فيه جهالة. قال الدارقطنى: لا أعلم حدث عنه غير زائدة. وزاد المزى: وحفص بن عمر بن رواحة. وسئل أحمد عن توثيقه، فقال: لا أدرى)) اهـ بنصه.

قال أبو محمد الألفى:

والحديث كما أخرجه أبو داود (547) قال: حدثنا أحمد بن يونس حدثنا زائدة حدثنا السائب بن حبيش عن معدان بن أبي طلحة اليعمري عن أبي الدرداء قال: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: ((مَا مِنْ ثَلاثَةٍ فِي قَرْيَةٍ وَلا بَدْوٍ، لا تُقَامُ فِيهِمُ الصَّلاةُ، إِلا قَدِ اسْتَحْوَذَ عَلَيْهِمُ الشَّيْطَانُ، فَعَلَيْكَ بِالْجَمَاعَةِ، فَإِنَّمَا يَأْكُلُ الذِّئْبُ الْقَاصِيَةَ)). قَالَ زَائِدَةُ قَالَ السَّائِبُ: يَعْنِي بِالْجَمَاعَةِ الصَّلاةَ فِي الْجَمَاعَةِ.

وأخرجه كذلك ابن المبارك ((الزهد)) (1306)، وأحمد (5/ 196 و6/ 446)، والنسائى ((الكبرى)) (1/ 296/920) و ((المجتبى)) (2/ 106)، وابن خزيمة (1486)، وابن حبان (2101)، والحاكم (1/ 330 و2/ 524)، والبيهقى ((الكبرى)) (3/ 54) و ((شعب الإيمان)) (3/ 57/2859)، وابن عبد البر ((التمهيد)) (13/ 281 و18/ 337)، وابن عساكر ((تاريخ دمشق)) (20/ 98،97)، والمزى ((تهذيب الكمال)) (10/ 183) من طرق عن زائدة بن قدامة حدثنا السائب بن حبيش الكلاعى عن معدان بن أبي طلحة اليعمري قال: قال لي أبو الدرداء: أين مسكنك؟، قلت: بقرية دون حمص، قال أبو الدرداء: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: فذكره.

ورواه عن زائدة جماعة من الرفعاء الكبراء: عبد الله بن المبارك، وحماد بن أسامة، ومروان ابن معاوية الفزارى، وعبد الصمد بن عبد الوارث، وعبد الرحمن بن مهدى، ووكيع بن الجراح، ومعاوية بن عمرو الأزدى، وأبو سعيد عبد الرحمن بن عبد الله بن عبيد مولى بنى هاشم، وأحمد ابن عبد الله بن يونس اليربوعى، ويحيى بن أبى بكير.

وتابع زائدة عن السائب: حفص بن عمر بن رواحة الأنصارى.

فقد أخرجه ابن عساكر (20/ 98) من طريق أبى سعيد بن حفص بن رواحة عن أبيه ثنا السائب بن حبيش بإسناده ومتنه سواء.

وقال أبو عبد الله الحاكم: ((هذا حديث صحيح الإسناد، متفق على الاحتجاج برواته إلا السائب بن حبيش، وقد عرف من مذهب زائدة أنه لا يحدث إلا عن الثقات)).

قلت: هو كما قال، رجاله ثقات كلهم مشاهير غير السائب بن حبيش الكلاعى الشامى، وهو صدوق صالح الحديث، ليس له فى ((الكتب الستة)) إلا هذا الحديث.

وذكره العجلى فى ((معرفة الثقات)) (1/ 384/547)، وابن حبان فى ((الثقات)) (6/ 413/8347). وفى ((تاريخ دمشق)) (20/ 98) عن أبى بكر البرقانى قال: وسألت الدارقطني عن السائب بن حبيش، فقال: من أهل الشام صالح الحديث، حدث عنه زائدة، لا أعلم حدث عنه غيره. وفى ((الكاشف)) (1/ 424): ((صدوق)).

ومن لم يعرف حاله سكت عنه ولم يذكره بجرحة، كما فعل البخارى فى ((التاريخ الكبير)) (4/ 153/2296). ولهذا لما سأل عبد الله بن أحمد أباه عنه: أثقة هو؟، قال: لا أدرى.

وأما وصفه بالجهالة، فقد علمت أنه لم يتفرد بالرواية عنه زائدة كما انتهى إليه علم الإمام الحجة أبى الحسن الدارقطنى، بل روى عنه كذلك حفص بن عمر بن رواحة الأنصارى، وقد قال ابن حبان: روى عنه زائدة بن قدامة وأهل الكوفة. وبذلك انتفت جهالة عينه، كما انتفت من قبل جهالة حاله بتوثيق هؤلاء المزكين إيَّاه، وفيهم الدارقطنى، مع أنه لم يعلم له راوياً غير زائدة بن قدامة.

وأما قول الحاكم عن زائدة: ((وقد عرف من مذهب زائدة أنه لا يحدث إلا عن الثقات))، فما أشبهه بما قال، فقد كان زائدة ذا بصر بالرجال والرواية عنهم لا يأخذ إلا ممن هو ثقة عنده، كما كان لا يحدث إلا من شهد له عدلان أنه من أهل السنة.

فقد قال أحمد بن صالح العجلى ((معرفة الثقات)) (1/ 367): ((زائدة بن قدامة ثقفى، كنيته أبو الصلت. كوفى ثقة، لا يحدث أحداً حتى يسأل عنه، فإن كان صاحب سنة حدثه، وإلا لم يحدثه، وكان قد عرض حديثه على سفيان الثوري، وروى عنه الثوري)).

وقال ابن حبان ((مشاهير علماء الأمصار)) (1/ 171): ((كان من الحفاظ المتقنين، وكان لا يعد السماع حتى يسمعه ثلاث مرات، وكان لا يحدَّث أحدا حتى يشهد له عدلان أنه من أهل السنة)).

فإذا ثبتت عدالة السائب بن حبيش، فقد وجب قبول روايته والاحتجاج بحديثه، ولهذا صحَّح حديثه ابن خزيمة، وابن حبان، والحاكم وغيرهم.

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير