ذكر أحاديث فى الحجامة لا يجوز ذكرها إلا تحذيراً منها لشدة ضعفها
ـ[أبو محمد الألفى]ــــــــ[22 - 03 - 04, 09:23 ص]ـ
ذكر أحاديث فى الحجامة لا يجوز ذكرها إلا تحذيراً منها لشدة ضعفها.
الحمد لله الذى رفع منار الحق وأوضحه، وخفض الكذب والزور وفضحه، وعصم شريعة الإسلام من التزييف والبهتان، وجعل الذكر الحكيم مصوناً من التبديل والتحريف والزيادة والنقصان، بما حفظه فى أوعية العلم وصدور أهل الحفظ والإتقان، وبما عظَّم من شأن الكذب على رسوله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ المبعوث بواضحات الصدق والبرهان.
ففى محكم التنزيل ((إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون))، وفى الصحيح المتواتر عنه صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قال: ((إِنَّ كَذِبًا عَلَيَّ لَيْسَ كَكَذِبٍ عَلَى أَحَدٍ، مَنْ كَذَبَ عَلَيَّ مُتَعَمِّدًا فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ))، وقال صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: ((لا تَكْذِبُوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ يَكْذِبْ عَلَيَّ يَلِجِ النَّارَ))، وقال صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ((مَنْ يَقُلْ عَلَيَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ)).
ومع ذا، فكم وضع الوضاعون، والآفاكون، والزنادقة، وضعاف الحفظ، والمغفلون من الزهاد والعباد، بقصدٍ وتعمدٍ، أو بغفلةٍ وسوء حفظٍ، كم وضعوا من أحاديث على رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فى الترغيب والترهيب، والزهد والرقائق، وفضائل الأقوال والأعمال، ومناقب الصحابة والأخيار، فكشف الله على أيدى الجهابذة من حفاظ الآثار ونقاد الأخبار زيغَهم، وفضح كيدَهم، إذ بيَّنوا أحوال رواتها، وحللوا أسانيدها، وميزوا صحيحها وسقيمها، فكشفوا عوار الباطل والموضوع، وأوضحوا علل المنكر والمصنوع. ولهذا لما سئل السيد الجليل والإمام القدوة النحرير عبد الله بن المبارك: ما هذه الأحاديث الموضوعة؟، أجاب قائلاً: تعيش لها الجهابذة.
ولله در الشيخ العلامة محمد على آدم الأثيوبى، المدرس بدار الحديث الخيرية بمكة المكرمة، حيث يقول فى منظومته ((تذكرة الطالبين ببيان الوضع وأصناف الوضاعين)):
لمَّا حمى الله الكتاب المنزلا عن أن يزاد فيه أو يبدَّلا
أخذ أقوام يزيدون على أخبار من أرسله ليفصلا
فأنشأ الله حماةَ الدينِ مميزين الغثَ من سمينِ
قد أيَّد الله بهم أعصارا ونوَّروا البلادَ والأمصارا
وحرسوا الأرضَ كأملاك السما أكرم بفرسانٍ يجولون الحِمَى
وقال سفيانُ الملائكة قدْ حرستْ السماءَ عن طاغٍ مردْ
وحرس الأرضَ رواة الخَبَرِ عن كل من لكيدِ شرعٍ يفترى
وابنُ زريعٍ قال قولاً يعتبرْ لكل دينٍ جاء فرسان غررْ
فرسانُ هذا الدين أصحابُ السَّنَدْ فاسلك سبيلهم فإنه الرشَدْ
وابنُ المبارك الجليلُ إذ سئلْ عمَّا له الوضَّاعُ كيداً يفتعلْ
قال: تعيش دهرها الجهابذةْ حاميةً تلك الغثاء نابذةْ
وقد أوصل الإمام الحجة أبو حاتم بن حبان المجروحين من رواة الأحاديث الذين يجب مجانبة رواياتهم، والتحذير منها إلى عشرين نوعاً، وذلك فى كتابه ((المجروحين من المحدثين والضعفاء والمتروكين))، ونحن نلخص مقاصده فى ذلك تلخيصاً وافياً بغرضنا من ذكرهم.
[النوع الأول] الزنادقة الذين كانوا يعتقدون الزندقة والكفر، ولا يؤمنون بالله واليوم الآخر، كانوا يدخلون المدن ويتشبهون بأهل العلم، ويضعون الحديث على العلماء، ويروونه عنهم ليوقعوا الشك والريب فى قلوب العوام، وقد سمعها منهم أقوام ثقات، وأدوها إلى من بعدهم، فوقعت فى أيدى الناس، وتداولوها بينهم.
[النوع الثانى] من استفزه الشيطان حتى كان يضع الحديث على الثقات فى الحث على الخير وذكر الفضائل، والزجر عن المعاصى والتنفير عنها، متوهمين أنهم يؤجرون على ذلك، بترغيبهم الناس إلى الخير، وتنفيرهم عن الآثام والمعاصى.
[النوع الثالث] من كان يضع الحديث على الثقات استحلالاً وجرأةً على رسول الله صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، حتى إن أحدهم يسهر عامة ليله فى وضع الحديث واختلاقه.
[النوع الرابع] من كان يضع الحديث عند الحوادث والوقائع تحدث للملوك والسلاطين، من غير أن يجعلوا ذلك صناعة لهم كالنوع السالف.
¥