تم الاندماج مع الموقع الرسمي لمشروع المكتبة الشاملة وقد يتم الاستغناء عن هذا النطاق قريبا

فصول الكتاب

تخريج حديث (إن الذئب أتى راعيًا فأخبره ببعثة رسول اللَّه)

ـ[العوضي]ــــــــ[03 - 06 - 04, 08:56 م]ـ

يسأل القارئ: إبراهيم أسامة عبد الرحيم- أخميم- سوهاج- فيقول: سمعتُ بعض الخطباء يوم الجمعة يقول: إن الذئب أتى راعيًا فأخبره ببعثة رسول اللَّه #، فهل ذلك صحيحٌ

والجوابُ: أن هذا الحديث صحيحٌ.

أخرجه أحمد (3 - 83 - 84) قال: حدثنا يزيد بن هارون، وعبد بن حميد في "المنتخب" (877)، والبزار (2431)، والطحاوي في "المشكل" (15 - 480، 481)، والعقيلي في الضعفاء (3 - 477 - 478) عن مسلم بن إبراهيم، والحاكم (4 - 467 - 468) عن وكيع بن الجراح. والبيهقي في "دلائل النبوة" (6 - 41 42) عن عبيد الله بن موسى. وأبو نعيم في "الدلائل" (270) عن أبي الوليد الطيالسي، وهدبة بن خالد، وأبي عمر الحوضي وهريم بن عثمان قالوا: ثنا القاسم بن الفضل، عن أبي نضرة، عن أبي سعيد الخدري، قال: عدا الذئب على شاةٍ فأخذها، فطلبه الراعي فانتزعها منه، فأقعى الذئب على ذنبه، وقال: ألا تتقي الله، تنزع مني رزقًا ساقه الله إليَّ، فقال: يا عجبًا! ذئبٌ مُقْعٍ على ذنبه يكلمني بكلام الإنس؟ فقال الذئبُ: ألا أخبرك بأعجب من ذلك: محمدٌ # بيثرب يخبر الناس بأنباء ما قد سبق. قال: فأقبل الراعي يسوقُ غنمهُ حتى دخل المدينة، فزواها إلى زاوية من زواياها، ثم أتى رسول اللَّه # فأخبره. فأمر رسول اللَّه # فنودي: الصلاة جامعة، ثم خرج، فقال للراعي: "أخبرهم" فأخبرهم. فقال رسول اللَّه #: "صدق، والذي نفسي بيده! لا تقوم الساعة حتى تكلِّم السباعُ الإنسَ ويكلم الرجلَ عذبةُ سوطه، وشراكُ نعله، ويخبره فخدُهُ بما أحدث أهلُه بعده".

وأخرجه الترمذي (2181) قال: حدثنا سفيان بن وكيع. وابن أبي شيبة (15 - 167)، والحاكم (4 - 467) عن أحمد بن حنبل. وأبو نعيم في "الحلية" (8 - 377 - 378) عن أبي شعيب الواسطي محمد بن يزيد قالوا: ثنا وكيع، ثنا القاسم بن الفضل بهذا الإسناد بآخره. ثم رأيتُهُ عند ابن حبان (6460) فرواه عن أبي يعلى، قال: حدثنا هدبة بن خالد، نا القاسم بن الفضل ثنا الجريري، قال: حدثنا أبو نضرة، عن أبي سعيد مرفوعًا.

فجعل "الجريري" واسطة بين القاسم وأبي نضرة، وهذه رواية شاذةٌ.

وقد رواه سائر أصحاب القاسم فلم يذكروا "الجريري" في إسناده، وتقدم أن هدبة بن خالد يرويه مثل رواية الجماعة ورواها عنه هشام بن علي السيرافي، وقد ترجمه ابن حبان (9 - 234) وقال: "مستقيم الحديث".

فإمَّا أن يكون وهم فيها أبو يعلى أو هدبة بن خالد، وهدبة مع ثقته فقد ضعَّفه النسائي. والله أعلم. وقال الترمذي بعد تخريجه للحديث: "وهذا حديث حسن صحيح غريب، لا نعرفه إلا من حديث القاسم بن الفضل، والقاسم بن الفضل ثقة مأمون عند أهل الحديث، وثقه يحيى بن سعيد القطان وعبد الرحمن بن مهدي". انتهى.

وقال الحاكم: "صحيح على شرط مسلم". وقال البيهقي في "الدلائل": "هذا إسناد صحيح". وهذا هو الصواب، وليس الحديث على شرط مسلم كما قال الحاكم، أو على شرط الصحيح

كما قال ابنُ كثير في "البداية والنهاية" (6 - 143) لأن مسلمًا رحمه الله لم يرو في "صحيحه" للقاسم بن الفضل إلا عن شيخه: شيبان بن فروخ عن القاسم، فالصواب أن الإسناد صحيح بإطلاق وليس مقيدًا بشرط مسلم، والله أعلم.

ولا أدري ما الذي حمل العقيليّ على إيراده هذا الحديث في "الضعفاء"، فإن الحكاية التي أوردها تثبت الحديث ولا تُعلُّهُ. فقد روى من طريق مسلم بن إبراهيم، قال: كنتُ عند القاسم بن الفضل الحداني فأتاه شعبةُ فسأله عن حديث أبي نضرة، عن أبي سعيد، عن النبي #: "بينا راعٍ يسوقُ غنمه عدا الذئب عليه ... " فقال له شعبة: لعلك سمعته من شهر بن حوشب؟ قال: بلى، حدثنا أبو نضرة، عن أبي سعيد، فما سكت حتى سكت شعبة. انتهى.

فكأن شعبة جادله في هذا، ولم يسلم له القاسم حتى انقطعت حُجَّةُ شعبة أو مسألته، فحينئذ سكت القاسم، فهذا يدل على أن شعبة كان مستفهمًا لا مُعِلاً، وقد أجابه القاسم بأنه سمعه من أبي نضرة، فلا وجه لإيراد الحديث ولا روايته في "كتاب الضعفاء"،

أما رواية شهر بن حوشب، فقد أخرجها أحمد (3 - 88 - 89) قال: حدثنا أبو اليمان أخبرنا شعبة بن أبي حمزة، حدثني عبد الله بن أبي حسين، حدثني شهر، أن أبا سعيد حدثه مرفوعًا فذكر مثله. ورواه عبد الحميد بن بهرام، قال: حدثني شهر بن حوشب عن أبي سعيد مرفوعًا. أخرجه أحمد (3 - 89) قال: حدَّثنا أبو النضر هاشم بن القاسم واليبهقي في الدلائل (6 - 43) عن يونس بن بكير كلاهما عن عبد الحميد بهذا.

ورواه البيهقي أيضًا (6 - 42 - 43) من طريق معقل بن عبد الله، عن شهر بهذا. وشهر بن حوشب متكلم فيه بكلام كثير، وخلاصة الرأي عندي فيه أنه حسنُ الحديث إلا إذا خالفه من هو أمكنُ منه، وهو هنا متابعٌ من قبل أبي نضرة، فهذا يدلُّ على أنه حفظ. والعلمُ عند الله تعالى.

أبو إسحاق الحويني - حفظه الله -

نقلا عن موقع مجلة التوحيد

تعرف على الموسوعة الشاملة للتفسير